الجزائر تشهد أكبر المظاهرات منذ مارس

الجزائر تشهد أكبر المظاهرات منذ مارس

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
11 أكتوبر 2019
+ الخط -
خرج الآلاف من الجزائريين مجددا إلى الشارع في الجمعة الـ34 للحراك الشعبي المستمر، للمطالبة بوقف إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في 12 ديسمبر/كانون الأول القادم، واستبعاد كامل رموز النظام السابق في عهد عبد العزيز بوتفليقة، وانتقد المتظاهرون قائد أركان الجيش، وسط تراجع لافت للانتشار الأمني، وضغط متزايد على الإعلاميين لمنعهم من تغطية الحراك.

وشهدت شوارع وساحات العاصمة الجزائرية، اليوم، مظاهرات ضخمة، تبدو الأكبر منذ مظاهرات شهري مارس وإبريل الماضيين. وتدفق المتظاهرون على ساحة أودان والبريد المركزي من ثلاث جهات، حيث وصلت دفعات حاشدة من المتظاهرين قادمين من منطقة باب الواد الشعبية في الجيب الغربي للعاصمة، وتدفق الآلاف في مسيرة حاشدة خرجت من مساجد منطقة بلكور وأول مايو والحراش، ووصلت مسيرات أخرى من منطقة المدنية ومسجد الرحمة قرب شارع ديدوش مراد. ووصف الإعلامي محمد ايوانوغان، لـ"العربي الجديد"، مظاهرات اليوم بأنها "كبيرة وغير مسبوقة منذ مارس أو إبريل الماضيين، ومن المكابرة والعناد، بعد هذه المسيرات، ألا تقدم السلطة على مراجعة كثير من مواقفها وخياراتها".

وكان لافتا، في مظاهرات اليوم، تطور المواقف باتجاه رفض الجزائريين لقانون المحروقات الجديد، والذي أعلنت الحكومة عن الانتهاء من صياغته، بعد مشاورات مع خمس شركات نفطية عالمية تعمل وتدير حقول النفط في الصحراء الجزائرية. ورفع المتظاهرون شعارات تشدد على رفض تام لهذا القانون، وتتهم الحكومة بـ"الخيانة: "بعتم البلاد بالخونة"، و"لا لقانون المحروقات"، و"نرفض رهن ثروات البلاد ومستقبل الأجيال".

واستغرب محمد يوسفي الذي كان يرفع اليافطة "أنا أستاذ تعليم، وأرفض أن تقوم حكومة تصريف أعمال، لم يبق من عمرها سوى شهرين، بصياغة قانون يتحكم في ثروات البلاد ويرهنها لصالح شركات أجنبية"، مضيفا أن "هذا القانون يتضمن تقديم تنازلات كبيرة للشركات الدولية".

وبرأي الناشط البارز في الحراك الشعبي، عبد الوكيل بلام، فإن "طرح الحكومة لقانون المحروقات الجديد في هذا التوقيت يوضح، أخيرا، الأسباب التي دفعت القوى الدولية إلى الصمت اتجاه الأوضاع في الجزائر. السلطة تقدم هذا القانون كرشوة للغرب لأجل القبول بالمسار الذي فرضته السلطة على الجزائريين، وطبعا الغرب يبحث عن مصالحه دائما".

وبرغم غيابه عن خطابه الأسبوعي، وجد قائد أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، نفسه مجددا في مرمى هتافات المتظاهرين الذين طالبوا بإقالته واستبعاده من الجيش، بسبب ما يعتبرونه رفضه السماح للجزائريين باختيار حل سياسي والتمسك بحكومة نور الدين بدوي. وهتف المتظاهرون "قايد صالح ديقاج (ارحل)، والجنرالات إلى المزبلة، "ودولة مدنية وليس عسكرية"، كما رفعت في مظاهرات اليوم صور للناشطين الموقوفين في السجون، والمقدر عددهم بأكثر من 80 ناشطا، أبرزهم المناضل الثوري لخضر بورقعة، وكريم كايو، وسمير بلعربي، وفوضيل بومالة، وطالبوا بإطلاق سراحهم.

وجدد الجزائريون رفضهم إجراء الانتخابات الرئاسية المقرة في 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل، ورفعوا لافتات مناوئة لها وللأحزاب والشخصيات التي قبلت بالمسار الانتخابي، ورددوا طويلا "هذا العام ماكانش الفوط (لا توجد انتخابات هذا العام)"، و"لا انتخابات مع حكومة العصابات"، ورفعت بعض اللافتات التي تضع علامة حمراء على صورة بعض المرشحين، خاصة رئيس الحكومة السابق عبد المجيد تبون، والذي كان قبل سنتين رئيسا لحكومة بوتفليقة وأحد كوادر نظامه، حيث عمل في حكوماته لمدة 17 سنة.

ومع تدفق المتظاهرين بشكل غير مسبوق، أقدمت السلطات على سحب قوات الشرطة من شوارع وسط العاصمة وخفض مستوى الانتشار الأمني ، لمنع أي احتكاك بين الشرطة والمتظاهرين الذين توعدوا بالمشاركة في المسيرات الطلابية الثلاثاء القادم، على خلفية القمع الذي مارسته الشرطة ضد الطلبة في مظاهرات الثلاثاء الماضي، وهو القمع الذي انتقدته مظاهرات اليوم الجمعة، حيث ردد المتظاهرون شعارات "الشرطة يالحقارين (الظالمين)".

ومارست السلطات اليوم أيضا تضييقا كبيرا على الصحافيين والإعلاميين، وقامت باعتقال الصحافي ياسين بن الربيع مع معدات تصوير كانت بحوزته، فيما لاحقت عددا من المصورين لمنعهم من تصوير وتغطية المظاهرات، ضمن حملة مشددة تفرضها السلطات منذ أسبوعين، ضد القنوات والمراسلين الدوليين. كما اعتدت الشرطة على عدد منهم قبل أيام، كمراسل "روسيا اليوم" و"الحرة"، ومنعت فريق "التلفزيون العربي" من العمل.

وأبقت السلطات الجزائرية على نفس تدابير إغلاق العاصمة الجزائرية، وعلى نشر حواجز أمنية في المداخل الرئيسية للعاصمة، خاصة المدخل الشرقي الذي يربطها بولايات الشرق ومنطقة القبائل، وتشكلت طوابير وازدحام مروري عند منطقة الرغاية، قبل حاجز مشترك بين الجيش والدرك يقوم بتفتيش ومراقبة السيارات، وجرى التركيز في هذه الحواجز على الحافلات التي تنقل المسافرين. وقال لخضر راوزي، الذي قدم من ولاية برج بوعريرج، أنه تم توقيف الحافلة التي كان على متنها، وتفقد رجال الدرك المسافرين، وتثبتوا من حيازة صاحب الحافلة لرخصة النقل، على خلفية قرار سابق أصدره قائد الجيش، قبل ثلاثة أسابيع، يقضي بمنع دخول الحافلات التي تنقل المتظاهرين إلى العاصمة.

وشهدت مدن وهران، غربي الجزائر، وقسنطينة وعنابة شرقي البلاد، مظاهرات مناوئة للسلطة ورافضة لإجراء الانتخابات، كما شهدت مدينتي بجاية وتيزي وزو في منطقة القبائل ذات الغالبية من السكان الأمازيغ مظاهرات حاشدة، توعد فيها المتظاهرون السلطة بمنعها من إجراء وتنظيم انتخابات ديسمبر/كانون الثاني المقبل.

ذات صلة

الصورة

سياسة

أكدت فرنسا، يوم الجمعة، وفاة فرنسي و"احتجاز آخر في الجزائر، في حادث يشمل عدداً من مواطنينا"، بعدما أفادت تقارير صحافية مغربية، أمس الخميس، عن مقتل سائحين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية بنيران خفر السواحل الجزائري.
الصورة
كيف غيّر القائمون على فيلم "باربي" قواعد التسويق بتكلفة 150 مليون؟

منوعات

قرّرت وزارة الثقافة الجزائرية سحب ترخيص عرض فيلم "باربي" من صالات السينما في البلاد، بحسب ما ذكرته صحيفة الشروق الجزائرية. 
الصورة
عشرات الحرائق المستعرة في شرق الجزائر (فضيل عبد الرحيم/ الأناضول)

مجتمع

تتحدث السلطات الجزائرية عن طابع جنائي لعشرات الحرائق المستعرة، في حين يتواصل النقاش حول غياب خطط استباقية للوقاية، وقدرات السيطرة المبكرة على الحرائق، خاصة أنها تتكرر منذ عام 2018.
الصورة
استشهد عسكريون خلال مهمات إخماد حرائق الجزائر (العربي الجديد)

مجتمع

أعلنت وزارة الداخلية الجزائرية أنّ 34 شخصاً لقيوا مصرعهم في حرائق ضخمة نشبت في غابات بمناطق متفرقة شرقي الجزائر، من بينهم 10 عسكريين، فيما أُجليت مئات العائلات من مجمعات سكنية وصلت إليها النيران.