مجلس الأمن يضغط استباقياً على الحكومة اللبنانية بالقرار 1559

مجلس الأمن يضغط استباقياً على الحكومة اللبنانية بإحياء القرار 1559

30 أكتوبر 2018
تنعقد الجلسة في وقت حساس بالنسبة للبنان(Getty)
+ الخط -
يناقش مجلس الأمن الدولي، اليوم الثلاثاء، تقرير الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس، حول تنفيذ القرار 1559 الخاص بلبنان، الصادر عن المجلس في العام 2004، مقدماً فيه إحاطة مفصلة أعدتها المسؤولة عن ملف هذا البلد في دائرة الشؤون السياسية في الأمم المتحدة، أوريلي بروست، ومعيداً بذلك فتح النقاش حول تطبيق القرار، الذي دخل عملياً في حالة سبات، منذ انسحاب القوات السورية من لبنان في العام 2005، ليتحقق جزءٌ منه، فيما بقي الجزء الآخر المتعلق بسحب سلاح المليشيات، في إشارة إلى "حزب الله"، معلقاً.

ولا يقدم التقرير عملياً أيّ جديد، خصوصاً أنه لا يخرج عن أدبيات الأمم المتحدة المتعلقة بسلاح "حزب الله"، إذ يشير مجدداً إلى ما يسميه "القلق البالغ" من احتفاظ الحزب بقدرات عسكرية كبيرة خارج سيطرة الدولة، كما يطالب مرة أخرى الحكومة اللبنانية بـ"اتخاذ كل التدابير الضرورية لمنع هذا الحزب من الحصول على الأسلحة"، مندداً بتورط الحزب في سورية واليمن، وداعياً إياه إلى التحول من جماعة مسلحة إلى حزب سياسي.

الجديد في التقرير ربما هو الحديث عن اقتراب إصدار أحكام في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، من قبل المحكمة الخاصة بلبنان، وهو ما يعني عملياً ربط الملفات التي تشير الى "حزب الله" بعضها ببعض، من الـ1559 إلى المحكمة الدولية، التي تتجه الى اتهام أربعة عناصر من الحزب بالضلوع في الجريمة.

والأهم في التقرير دعوته الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ تدابير لسحب السلاح من الجهات غير الحكومية (أي "حزب الله" خصوصاً)، وهو ما يتبعه حديثٌ واضحٌ عن مساعي سعد الحريري في تأليف حكومته، خصوصاً أن التقرير يسهب في الحديث عن المبادئ التي حددتها مجموعة الدعم الدولية للبنان والوثائق الختامية للمؤتمرات الدولية رفيعة المستوى، في روما وباريس وبروكسل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، كأساس للشراكة الثابتة مع لبنان.

والحديث هذا يعني بوضوح أن الأمم المتحدة تربط بين القرارات الدولية، ومحاولات دعم لبنان اقتصادياً ومالياً، وهو ما يرتب على الحكومة التي يؤلفها الحريري، مهمة البحث في البيان الوزاري، عن أدبيات تلحظ الإشارة إلى القرارات الدولية، خصوصاً الـ1701 والـ1559، الذي يرفضه "حزب الله" المشارك في الحكومة، ما يعني أن أزمةً واضحة تنتظر البيان الوزاري، وفي حال حل هذه العقدة، أزمة على صعيد محاولات لبنان للنهوض اقتصادياً، بعدما شارف على الانهيار، خصوصاً أن الأمم المتحدة باتت تربط بين هذه المساعدات وبين موقف لبنان من القرارات الدولية والتزامه بها.

وفي هذا الإطار، ذكرت مصادر سياسية مطلعة لـ"العربي الجديد" أن البرنامج الإصلاحي الذي اشترطته الدول التي شاركت في مؤتمر "سيدر"، والذي يعول عليه لبنان، وتحديداً الحريري، ورئيس الجمهورية ميشال عون، اشترط تطبيق القرار 1559، وتحديداً لجهة بسط سلطة الدولة، إضافة إلى القرار 1701، والتزام سياسة النأي بالنفس، وبحث الاستراتيجية الدفاعية.

في التقرير أيضاً، تلاحَظ الإشارة إلى منع "حزب الله" والجماعات المسلّحة الأخرى من الحصول على الأسلحة وبناء القدرات شبه العسكرية خارج سلطة الدولة، وهو لا يمكن إلا ربطه بدعوات الولايات المتحدة وإسرائيل السابقة إلى توسيع القرار الـ1701، ليشمل المعابر الحدودية مع سورية والمطار والمرفأ.

ولذلك يسمي التقرير رئيس الجمهورية ميشال عون عند الحديث عن ضرورة تطوير استراتيجية الدفاع الوطني بمجرد تشكيل الحكومة، داعياً إياه إلى أن يقود حواراً متجدداً حولها، مستنداً ربما الى الدور المحوري الذي لعبه عون عندما كان منفياً في فرنسا، لاستصدار القرار 1559، قبل أن يعود إلى لبنان ويتحالف مع "حزب الله" وسورية، وينقلب على القرار.

لا يخرج التقرير أو الإحاطة عما هو متبع دولياً لجهة تقديم تقارير دورية عن سير عمل القرارات الدولية، وفق ما تقول مصادر ديبلوماسية مطلعة لـ"العربي الجديد"، لكن الأهمية التي يكتسبها هو في صدوره على الرغم من استقالة المبعوث الأممي المكلف مراقبة تنفيذ القرار 1559 تيري رود لارسن من منصبه في العام 2016، بعدما تابع الملف لنحو 12 عاماً.

وتأتي مناقشة القرار الدولي في مرحلة تشهد محاولة لتضييق الخناق حول "حزب الله"، من قبل الولايات المتحدة، التي أصدرت قبل أيام قانوناً ينص على فرض عقوبات على من يدعمون الحزب، ووقعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في محاولة لعزل الحزب عن النظام المالي الدولي، والحدّ من تمويله، خصوصاً أنه استهدف أشخاصاً وجهات تسهل وتدعم الحزب والشبكات المرتبطة به، وغيرها من الجرائم عبر الحدود.

بعد ساعات سيعقد مجلس الأمن جلسته، التي قد لا يخرج عنها ما يعد مختلفاً عن السابق، لجهة الدعوة الى تطبيق القرار، لكن الأكيد أن الجلسة برمتها، والقرار في حدّ ذاته، قد يشير بوضوح الى عمق الأزمة التي يعانيها لبنان، بين محاولاته النهوض مستنداً الى خشبة خلاص دولية إسمها "سيدر"، وبين دعوات وعقوبات ومطالب دولية، يبدو أنها لم تعد تغض النظر عن "حزب الله" ودوره في المنطقة، في مرحلة حساسة إقليمياً، تبدأ من سورية ولا تنتهي في اليمن مروراً بالعراق ولبنان طبعاً، وبـ"حزب الله" الذي يعتبر أهم قوة عسكرية تابعة لإيران.

 

المساهمون