سقوط جديد للدبلوماسية المصرية من بوابة ليبيا

سقوط جديد للدبلوماسية المصرية من بوابة ليبيا

20 فبراير 2015
السيسي طالب مراراً بتحالف لمواجهة الإرهاب بليبيا (فرانس برس)
+ الخط -

لم يكن الفشل وخيبة الأمل اللذان مُني بهما النظام المصري برئاسة، عبد الفتاح السيسي، وخصوصاً فشله في إقناع مجلس الأمن والدول العربية في تشكيل تحالف دولي وإقليمي لمواجهة "الإرهاب في ليبيا" عبر تدخل عسكري، بعيداً عن فشل الدبلوماسية المصرية.

وكان السيسي قد أكد في أكثر من مناسبة، وتحديداً عقب مقتل 21 مصرياً في ليبيا على يد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ضرورة "تشكيل تحالف لمواجهة الإرهاب في ليبيا".

بيد أن رياح مجلس الأمن جاءت بما لا يشتهيه نظام السيسي، فكانت أولوية دول المجلس في الأزمة الليبية تذهب إلى الحل السياسي وليس العسكري.

وافتعل النظام المصري أزمة جديدة مع قطر، من خلال التلميحات والاتهامات لها برعاية ودعم الإرهاب. وهو أمر يثير تعجباً لأن هذه التصريحات أُطلقت من داخل أروقة جامعة الدول العربية، من دون تقديم أدلة حقيقية على هذه الاتهامات، بحسب خبراء ودبلوماسيين مصريين.

وهو ما دفع مجلس التعاون الخليجي، إلى إصدار بيان رفض تصريحات الجانب المصري والاتهامات الموجّهة إلى قطر بدعم الإرهاب.

واعتبر خبراء أن الدبلوماسية المصرية ضعيفة ودورها مُحجَّم، لأن قيادات الجيش هي التي تتخذ القرارات بمعزل عن وزارة الخارجية.

وقال الدبلوماسي المصري، إبراهيم يسري، إن السياسة الخارجية المصرية فشلت بشكل كبير إقناع العالم الغربي والعربي في التدخل العسكري في ليبيا، معتبراً في حديث لـ"العربي الجديد" أن النظام الحالي أصيب بحالة من الإحباط والإخفاق الكبير، نظراً لعدم وجود رؤية للتعامل مع الأزمات الخارجية.

ولفت إلى أن "وزارة الخارجية المصرية والدبلوماسية فشلت في إحراز تقدم على كل المستويات منذ فترات طويلة"، متسائلاً "أين الخارجية المصرية من أزمة سد النهضة حتى الآن؟"، مضيفاً أن مصر ستكون أسيرة المياه والكهرباء بناء على تَحكّم إثيوبيا.

ورأى يسري أن "الذي يدير السياسة الخارجية المصرية هم جنرالات الجيش، وهو أمر خاطئ وخطر للغاية"، لافتاً إلى "عدم إفساح النظام الحالي لوزارة الخارجية بالتعامل بحرية أكبر، فضلاً عن عدم التشاور مع وزير الخارجية حول اتخاذ القرارات".

واعتبر الدبلوماسي المصري أن "اتخاذ القرارات من جنرالات الجيش، يجعل وزارة الخارجية أمام فشل مؤكد لعدم اقتناع العالم الغربي والعربي بقرارات النظام الحالي".

وحول الأزمة مع قطر، شدد يسري على أن "التلميحات والاتهامات أمر في غاية السوء، نظراً لعدم وجود إرهاب في مصر بالشكل الذي يسوّق له النظام والإعلام". وتساءل: "هل توجد أدلة على ما تحدث به النظام ضد قطر؟، ثم هل يقصد النظام الحالي الإرهاب المحتمل أم أي إرهاب؟". ولفت إلى أن الأزمة الكبيرة تكمن في أن دول الخليج لن تقبل باتهامات ضد قطر من أي دولة، لأن مجلس التعاون الخليجي قائم على الاستقلالية التامة وعدم التدخل في شأن تلك الدول.

من جهته، اعتبر الباحث في العلاقات العربية، محمد عز، أن "تلميح مصر إلى اتهام قطر بدعم الإرهاب، أمر سياسي بحت ولا يوجد دليل عليه في الأحاديث التي دارت داخل أروقة جامعة الدول العربية".

ورأى عز، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الأزمة تتمثل في تأثير توتر العلاقات بين مصر وقطر، على بعض القضايا المهمة الإقليمية"، لافتاً إلى أن "مصر انجرّت إلى فخ سيئ في العلاقات الدبلوماسية عبر إلقاء الاتهامات جزافاً من دون دليل واضح، وهو أمر سيئ خصوصاً ما إذا أخذنا في الاعتبار أن هذا الخلاف في إطار دول عربية وليست دولاً بينها عداء".

وأكد أن الدبلوماسية المصرية منذ فترة طويلة وتحديداً في أواخر عصر الرئيس المخلوع حسني مبارك، في ضعف شديد، معتبراً أن "الدبلوماسية المصرية الآن تتعامل بمنطق أن النظام له مكانة كبيرة بين الدول، وهو أمر غير صحيح، فبعض الدول تتحفظ على التعامل معه، فضلاً عن تعامل دول أخرى مع النظام الحالي من باب أنه النظام القائم بعيداً عن الموافقة عليه".

ورأى عز أن "النظام المصري أصيب بخيبة أمل كبيرة جراء عدم إحراز تقدم في تشكيل تحالف إقليمي دولي لمواجهة الإرهاب والتدخل عسكرياً في ليبيا".

وفي السياق نفسه، قال خبير في العلاقات الدولية إن "الدبلوماسية المصرية خلال فترة النظام الحالي فشلت في أغلب المعارك الدولية التي خاضتها عقب الانقلاب العسكري على الرئيس المعزول محمد مرسي".

وأضاف الخبير، الذي طلب عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد"، أن "الدبلوماسية المصرية تعيش أسوأ حالتها، لأنها لا تتحدث عن حق وإنما باطل"، معتبراً أن "الدول الغربية الكبرى ومجلس الأمن وجّهوا صفعة جديدة للنظام المصري، في عدم تحقيق آماله التي طالما حلم بها وسعى إليها لتوجيه ضربات عسكرية للداخل الليبي".

وشدد على أن النظام المصري كان يريد التدخل عسكرياً في ليبيا حتى قبل ظهور وتمدّد تنظيم "داعش" في ليبيا، معتبراً أن "النظام المصري يريد التدخّل عسكرياً في ليبيا ليس لاحتواء الأزمة وإنما لأهداف أخرى غير معلنة".

وأشار الخبير إلى أنه "لو أراد النظام الحالي إصلاح الأوضاع واحتواء الأزمات في ليبيا، لما انحاز لطرف من دون الآخر، بل كان حاول اللجوء إلى المفاوضات"، معتبراً أن "كل معارك الدبلوماسية المصرية فشلت في تحقيق أي من أهدافها، وعلى سبيل المثال لا الحصر أزمة سد النهضة وآبار البترول والغاز في البحر المتوسط".

وعن الأزمة الأخيرة مع قطر، أكد الخبير أن "رواسب الخلافات السياسية مع قطر ألقت بظلالها على اتهامات مصر بدعم الأولى للإرهاب، وهو اتهام يحتاج لأدلة".

وشدد على أن "مثل تلك الاتهامات تُضْعف صورة مصر، فكيف يصرِّح دبلوماسي بمثل هذه الاتهامات من دون دليل؟"، مؤكداً أن النظام الحالي تسرّع في اقتراحه بشأن ليبيا لمجلس الأمن، وكان عليه أولاً جسّ نبض الدول الكبرى والدول الأعضاء في مجلس الأمن.


اقرأ أيضاً: قطر تستدعي سفيرها في مصر للتشاور
           مسودة مشروع قرار جديد حول ليبيا

المساهمون