لا إجماع إسرائيلياً على "خيار دحلان"

لا إجماع إسرائيلياً على "خيار دحلان"

29 يونيو 2016
يريد ليبرمان التمهيد لـ"عصر دحلان" (صفا كراكان/الأناضول)
+ الخط -
يبدو وزير الأمن الإسرائيلي الجديد، أفيغدور ليبرمان، وبخلاف الكثير من التوقعات، في عجلة من أمره لتطبيق مخططه الهادف إلى إعادة صياغة تركيبة قيادة السلطة الفلسطينية عبر توظيف إجراءات أمنية واقتصادية ودبلوماسية، على اعتبار أن مثل هذا التطور سيضمن تحسين البيئة الأمنية لإسرائيل وسيعزز من مكانتها الدولية والإقليمية. فقد أشارت العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن ليبرمان عازم على التمهيد لتولي القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، إدارة شؤون السلطة الفلسطينية.

وقد ذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت"، في عددها الصادر يوم الإثنين، أن ليبرمان الذي يؤمن بأن بإمكانه أداء دور في تحديد "هوية الرئيس الفلسطيني المقبل"، معنيّ بأن ينجح في ذلك قبل حلول اليوم التالي لحقبة محمود عباس. وحسب الصحيفة، فإن ليبرمان يلقى التشجيع من حماسة مصرية أردنية خليجية لتنصيب دحلان، على حد قولها. من جهتها، لفتت صحيفة "هآرتس" الأنظار إلى أن ليبرمان أقدم بالفعل على خطوات عملية للتمهيد لـ"عصر دحلان" من خلال مواصلته "شيطنة" محمود عباس من جهة، والدفاع عن "حتمية" شنّ حرب جديدة على قطاع غزة تضمن القضاء على حكم حركة "حماس" من جهة ثانية.



وفي تقرير نشره موقع الصحيفة أخيراً، نوه مراسلها العسكري عاموس هارئيل إلى أن ليبرمان يلمّح إلى "خيار دحلان" لكي يقلّص منسوب القلق لدى الجمهور الإسرائيلي من مخاطر الفوضى التي يمكن أن تنشب في حال تم القضاء على حكم "حماس" دون أن يكون هناك بديل سلطوي يكون بوسعه إدارة شؤون القطاع ويعفي إسرائيل من تبعات تورطها في المستنقع الغزي. وأشار هارئيل إلى ما كشفه الصحافي الإسرائيلي آفي سيخاروف، أخيراً، عن أن ليبرمان التقى بالفعل، القائد الأسبق لجهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة الفلسطينية، وبحث معه الدور الذي يمكن أن يقوم به في غزة بعد التخلص من حكم "حماس" وفي الضفة الغربية بعد ترجل عباس. وحذر هارئيل من أنه بخلاف الحرب الأخيرة على قطاع غزة، فإن إنهاء أية حرب آتية على غزة سيكون مرتبطا بتحقيق هدف سياسي متمثل في التمهيد لتولي دحلان مقاليد الأمور في القطاع. وحسب هارئيل، فإن ليبرمان يرى أنه في حال تم تمكين دحلان من تولي مقاليد الأمور في رام الله بعد غياب عباس وقبل أن تقوم إسرائيل بشنّ عمل حربي على غزة، فإن هذا سيسهل عليه مهمة تولي زمام الأمور في قطاع غزة. ولفت هارئيل إلى أن حكومة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أوضحت في أكثر من مناسبة أنها معنية بأن يكون لدحلان دور في إدارة شؤون السلطة الفلسطينية بعد ترجّل عباس.

لكن هارئيل، شأن محللين آخرين في إسرائيل، يسخرون من فكرة الرهان على دحلان، حيث يشير إلى أن دحلان لا يثبت ولا ينجح عند الاختبارات المصيرية.
فقد أشار هارئيل إلى أن دحلان تخلى عام 2007 عن رجاله في غزة وتركهم لمواجهة مصيرهم بعدما اندلعت المواجهات مع حركة "حماس"، مشيراً إلى أنه "برر هروبه بتلقي علاج في الخارج". ويرى هارئيل أن مصير خطة ليبرمان لتنصيب دحلان رئيساً للسلطة لن يكون أفضل من مصير خطة "أورانيم" التي وضعها وزير الأمن في ذلك الحين، أرييل شارون، عشية حرب لبنان الأولى، والتي هدفت إلى أن تنتهي الحرب بتنصيب حكم موال لتل أبيب في بيروت، مشيراً إلى أن الحرب أفضت في النهاية إلى تعاظم نفوذ القوى التي تناصب إسرائيل العداء على وجه الخصوص.
لكن هناك من المسؤولين الإسرائيليين من لم يتردد في اعتبار مخططات ليبرمان تجاه غزة غير واقعية بعد التوصل للاتفاق مع تركيا. فقد قال دفيد بيتون، رئيس كتلة الائتلاف الحاكم البرلمانية، القيادي البارز في حزب "الليكود"، إن تصفية قيادات حركة "حماس" في غزة، وعلى رأسهم نائب رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، كما يروج ليبرمان، "غير ممكن". وخلال مشاركته في منتدى ثقافي نظم في "بئر السبع" المحتلة السبت الماضي، شدد بيتون على أن نتنياهو لن يصدر تعليماته بتصفية هنية لأن مثل هذا التطور سيهدد الاتفاق "المهم" مع الأتراك.

يشار إلى أن عدداً من قادة الجيش والاستخبارات الحاليين والمتقاعدين في إسرائيل قد لفتوا الأنظار أخيراً إلى أن الرهان على تولي شخصية "معتدلة" زمام الأمور بعد غياب عباس، على حد وصفهم، "غير واقعي". فقد قال منسق شؤون الأراضي المحتلة في الحكومة الإسرائيلية، الجنرال بولي مردخاي: "إن شخصية ذات توجهات متطرفة فقط يمكن أن تحل مكان عباس بسبب حالة الإحباط التي تسود الجمهور الفلسطيني من عوائد عملية التسوية مع إسرائيل"، على حد قوله.


المساهمون