"بريكست" أمام المحكمة الأعلى في بريطانيا

"بريكست" أمام المحكمة الأعلى في بريطانيا

06 ديسمبر 2016
تجب مصادقة البرلمان الأوروبي على خروج أي دولة (Getty)
+ الخط -
لليوم الثاني على التوالي، يواصل قضاة المحكمة الأعلى "سوبريم كورت" في بريطانيا، النظر في استئناف الحكم  الصادر عن محكمة لندن العليا في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بشأن التنازع حول الصلاحية المتعلقة بدور كل من الحكومة والبرلمان في إطلاق عملية الانفصال عن الاتحاد الأوروبي.

وتدرس المحكمة المكونة من 10 قضاة وقاضية، خلال 4 أيام، طلب الاستئناف الذي تقدمت به الحكومة ضد إلزامها بمشاورة البرلمان، قبل تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة لبدء عملية "بريكست". وتقول رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، التي وعدت بتفعيل المادة 50 قبل نهاية مارس/ آذار المقبل، إنها بوصفها رئيسة الحكومة، تملك السلطة الدستورية المتعلقة بالشؤون الخارجية، بما فيها الانسحاب من المعاهدات الدولية.


ولكن رافعي الدعوى، وفي مقدمتهم مديرة صندوق استثماري، جينا ميلر، والحلاق، دير دوس سانتوس، يؤكدون أن "بريكست" سيبطل القوانين الأوروبية التي أدمجت بالقانون البريطاني، وهذا يستدعي إعطاء السلطة التشريعية رأيها.

واعتبرت جينا ميلر أن حكم المحكمة العليا الشهر الماضي، وضع الأمور في نصابها الصحيح، إذ إن الأعراف الدستورية في بريطانيا تنص على تفعيل المادة 50 من صلاحيات البرلمان، وأي رئيس وزراء يستعمل صلاحياته التنفيذية لبدء الإجراءات، سيكون قد انتهك القانون لأنه خالف قانون 1972، الذي نص على دخول بريطانيا الاتحاد الأوروبي، ذلك أن التشريع لا يلغى إلا بتشريع آخر، وفق الأعراف الدستورية.



وعليه فإن موافقة البرلمان مطلوبة لمنح رئيس الوزراء سلطة بدء إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي. بالمقابل، كتب النائب العام، جيريمي رايت، الذي يدافع عن موقف الحكومة في تفسير مكتوب سلمه إلى المحكمة، أن موافقة البرلمان على تنظيم الاستفتاء تجعل التصويت مجددا غير ضروري.


وقال أمس لدى افتتاح أولى جلسات المحكمة، إن الصلاحية التي تسمح للحكومة بتفعيل عملية الانفصال دون مشاورة البرلمان استخدمت مرارا في الماضي. واعتبر مؤيدو الخروج من الاتحاد الأوروبي قرار المحكمة العليا في نوفمير/ تشرين الثاني الماضي استهتارا بالإرادة الشعبية، بل ذهبت بعض الصحف اليمينية إلى وصف قضاة المحكمة العليا بـ"أعداء الشعب".

وبانتظار صدور حكم عن أعلى محكمة في البلاد، تظل الحكومة البريطانية أمام سيناريوهين، ففي حال أكدت المحكمة الأعلى (السوبريم كورت) حكم المحكمة العليا ( الهاي كورت)، سيكون لزاما على الحكومة أن تطرح مشروع قانون أمام البرلمان يعطيها صلاحية تفعيل المادة 50، ومن غير المُتوقع أن تستأنف الحكومة القرار مُجددا أمام المحكمة الأوروبية.


أما في  حال قبلت "السوبريم كورت" الطعن المقدم من الحكومة، فقد تواجه تيريزا ماي المزيد من المشاكل، لاسيما إذا رأى "الطرف المُدّعي على الحكومة"، ضرورة إحالة القضية إلى المحكمة العليا للاتحاد الأوروبي، ومحكمة العدل الأوروبية في لوكسمبورغ. ومع أن هذا الاحتمال غير مرجح، إلا أنه غير مُستبعد، وفقا لأستاذ القانون الدستوري في جامعة أكسفورد، نيك باربر، الذي يرى أن جميع الأطراف المعنية مُتفقة على أن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تؤدي إلى "فوضى".

وما بين معارض يرى أن قرار المحكمة العليا الشهر الماضي "يُعرقل تنفيذ الإرادة الشعبية" التي صوتت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء يونيو/ حزيران الماضي بأغلبية 52 بالمائة، ومؤيد للحكم القضائي بوصفه يعيد صلاحية تفعيل المادة 50 من اتفاق لشبونة إلى السلطة التشريعية، بوصفها ممثلة الإرادة الشعبية، وما بين الحكومة التي تقول إنها واثقة من الحكم لصالحها في الاستئناف، ورافعي الدعوى الواثقين من كسب دعوى الاستئناف، بعد حكم محكمة لندن العليا لصالحهم بالإجماع.


وإلى حين صدور حكم "السوبريم كورت" خلال الأسابيع المقبلة، تظل بريطانيا تراوح في المربع الأول على طريق تحديد مستقبل علاقتها بالاتحاد الاوروبي.

أوروبا جاهزة لبدء المفاوضات

وكان رئيس مجموعة العمل المكلفة بالتفاوض مع بريطانيا من قبل المفوضية الأوروبية، ميشيل بارنييه، اعتبر أن الاتحاد بمؤسساته ودوله بات جاهزاً لتلقي الإخطار بتفعيل المادة 50 من قبل لندن لتنظيم خروجها من الاتحاد. جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده بارنييه، في بروكسل اليوم، لاستعراض العمل الذي قام به منذ تعيينه قبل شهرين من قبل رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونيكر، لقيادة المفاوضات مع بريطانيا.

وشدد المسؤول الأوروبي على ضرورة أن تُدرك لندن بأن مصلحتها ومصلحة بروكسل تقتضي التقدم بالإخطار بأسرع وقت ممكن، حيث "يتعين أن تستغرق المفاوضات أقل من عامين، أي أن المفاوضات يجب أن تنتهي في شهر تشرين الأول 2018"، وفق كلامه. واستند بارنييه إلى المادة 50 نفسها، والتي تنص على أن الاتفاق على خروج أي دولة يجب أن تتم المصادقة عليه من قبل البرلمان الأوروبي وبرلمانات الدول الـ27 المتبقية، وبرلمان الدولة التي تنوي الخروج من الاتحاد، ما يعني أن المفاوضات بحد ذاتها يجب ألا تتجاوز 18 شهراً.