اليمن: المناورة الأخيرة لتحالف الانقلاب

اليمن: المناورة الأخيرة لتحالف الانقلاب

14 اغسطس 2015
يخشى الحوثيون وصالح انتفاضة داخل صنعاء (الأناضول)
+ الخط -
يحاول تحالف الانقلاب في اليمن، المكوّن من مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، إنقاذ نفسه مع تسارع وتيرة التطورات الميدانية بعد قرب إعلان إنهاء تواجد المليشيات وقوات المخلوع في كافة المحافظات الجنوبية التي اجتاحوها خلال الأشهر الماضية وحصارهم خلال الأيام الماضية في الشمال قي ظل انتفاضة عليهم في عدد من المحافظات الشمالية.

وقائع ميدانية لم يجد الحوثيون وصالح أمامها سوى الترويج لمسرحية التوافق على انسحاب المليشيات من المراكز الأمنية والمؤسسات الرسمية داخل العاصمة صنعاء وتسليمها إلى وحدات من الجيش والأمن الخاضعة لنفوذ الرئيس المخلوع.

وكان الحوثيون قد بدأوا بالترويج لهذه المسرحية منذ ليل الأربعاء ــ الخميس بعد تسريب خبر يفيد بأن اللجنة الأمنية العليا (المحسوبة على الحوثيين)، عقدت اجتماعاً مشتركاً مع المليشيات برئاسة وزير الداخلية التابع لها اللواء جلال الرويشان، وذلك لبحث آلية تسليم النقاط الأمنية والمنشآت الحكومية، والملف الأمني بكل جوانبه للجهات الرسمية في الحكومة، ثم تلا ذلك قول مسؤول محلي في صنعاء، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، أمس الخميس، إن "الحوثيين بدأوا بتسليم المؤسسات الحكومية والمقرّات الأمنية لوحدات عسكرية من قوات الجيش والأمن الخاضعة لنفوذ صالح"، في الوقت الذي كانت فيه أشهر الحرب الماضية وما تلاها من اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء وباقي المدن قد أظهرت بوضوح التحالف القائم بين الرئيس المخلوع والمليشيات، وهو ما يجعل أي ترويج لتسليم المليشيات للعاصمة لا يعدو عن كونه مناورة بين المخلوع والحوثيين ما لم تكن ضمن اتفاق مع قوى الشرعية.

وأضاف المصدر نفسه أنه "تمّ تسليم مقرّ الرئاسة اليمنية (النهدين) الواقع في منطقة السبعين". وهو المقرّ الذي سقط بأيدي الحوثيين في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، وبعد يومين من سقوطه استقال الرئيس عبد ربه منصور هادي ووُضع تحت الإقامة الجبرية في منزله.

اقرأ أيضاً نهاية تمدّد الحوثيين: هزائم تطال الشمال وسيناريوهات لمعركة صنعاء

كما أفاد مصدر أمني ومسؤول محلي لـ"العربي الجديد"، بأن "قوات من الداخلية تسلّمت خلال الأيام الماضية أقسام شرطة ونقاط تفتيش في العاصمة من الحوثيين". وضمن السيناريو نفسه، من المقرر أن "ينسحب" الحوثيون من كل المؤسسات والمراكز الحكومية في صنعاء.

وذكرت مصادر مُطّلعة لـ"العربي الجديد"، أن "ما طرحه قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية من أعضاء اللجنة الأمنية الموالية للجماعة، في اجتماعات الأسبوع الماضي، هو تجنيب صنعاء الصراع، مع تقدّم المقاومة في أكثر من محافظة". ولفتت المصادر إلى أن "القادة الأمنيين طرحوا انسحاب المليشيات لسدّ الذرائع أمام المقاومة، على أن تتحمل الأجهزة الأمنية مسؤوليتها، ولاحقاً أبدى الحوثيون موافقتهم على هذه الخطوة، من دون إيضاح مزيد من التفاصيل".

ومن الواضح أن من يتسلم المؤسسات في صنعاء هي القوات النظامية الخاضغة لنفوذ صالح، وفي مقدمتها الحرس الجمهوري وقوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي). ويطرح مراقبون احتمالات عدة لعمليات تسلّم المؤسسات، وأبرزها اعتبار البعض أن "يكون الأمر مجرّد مسرحية بين صالح والحوثيين، فيرتدي الجنود وأفراد المليشيات أزياء رسمية، للإيحاء بأن الحوثيين انسحبوا من صنعاء، بينما في الواقع يبقى الوضع تحت سيطرتهم".

أما أصحاب التفسير الآخر، فيعتبرون أن "صالح وبالتنسيق مع بعض دول التحالف العربي، وصل إلى تفاهمات تسمح للقوات المحسوبة عليه بالانقلاب على الحوثيين في بعض المحافظات. ويستغلّ بذلك الإنهاك الكبير الذي تعانيه الجماعة نتيجة الخسائر طوال الأشهر الماضية وهزائمها الأخيرة، التي تركت أثراً نفسياً ومعنوياً وسياسياً عليه".

كما ذهب البعض إلى حد القول إن "الانتشار الأمني قد يكون جزءاً من الخطة الحكومية لتحرير صنعاء بالقوات النظامية من داخلها، لناحية إعلان ولائها للحكومة الشرعية بعد الانتهاء من تسلّم المؤسسات والمقرّات الأمنية". وما يعزز هذا الاحتمال، من وجهة نظرهم، هو توقف الغارات الجوية التي تستهدف معسكرات الجيش والأمن في العاصمة ومحيطها منذ أسابيع، باستثناء غارات محدودة استهدفت تعزيزات.

لكن مسؤولاً يمنياً في الرياض رفض إبداء أي موقف من الإجراءات في صنعاء، وقال في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "لا توجد تفاصيل لدى الحكومة حول طبيعة ما جرى، وأن المعيار لديها ليس من يتسلّم هذه المؤسسات وما إذا كان جندياً بزي رسمي أو مسلحا، وإنما المعيار هو الولاء للحكومة والوقوف ضد المتمردين". وكان الحوثيون قد عمدوا خلال الأيام الماضية إلى التصعيد في صنعاء. وشهدت العاصمة عمليات اعتقال واختطاف طاولت أعضاء وناشطين وقيادات في حزب "الإصلاح"، وبعض رجال القبائل. وأفادت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، بأن "مليشيات الحوثيين وصالح تقوم بعمليات اختطاف واعتقالات لضباط مهمين، البعض منهم يُعتقد أنه موالٍ للواء علي محسن الأحمر، وآخرون تمرّدوا على صالح على خلفية توتر الأوضاع في صنعاء".

وتُقلّل هذه الاعتقالات احتمالات وجود تفاهم سياسي، بل تظهر التحركات الأخيرة وكأنها عبارة عن إجراءات أمنية استباقية، لقطع أي محاولات لتفجير "المقاومة" من داخل صنعاء، بعد إعلان مسؤولين حكوميين أن "المقاومة جاهزة وأن هادي ناقش في الأيام الماضية خطة لتحرير صنعاء".

في المقابل، يُرجّح البعض أن "الحوثيين وصالح يعتبرون الآن أن صنعاء غير مهمة، ولا سيما في حال سقطت كل من الجوف، البوابة الشرقية لصنعاء وذمار البوابة الجنوبية لها، إذ إن صنعاء تقع وسط منطقة جبلية، وأي حصار لها قد يُسقطها بسهولة، خصوصاً أنها والمناطق المحيطة بها بدأت تشهد مقاومة، في ظلّ وجود حاضنة شعبية قبلية مؤيدة للمقاومة".

اقرأ أيضاً: اليمن على خطى ليبيا