تهاوي قدرة قوات حفتر على القتال وتململ داعميه القبليين

تهاوي قدرة قوات حفتر على القتال وتململ داعميه القبليين

طرابلس

العربي الجديد

العربي الجديد
23 يوليو 2019
+ الخط -
أكدت مصادر عسكرية مطلعة على ترتيبات حملة حفتر الجديدة على طرابلس، أنه اعتمد على مليشيات مسلحة من غربي البلاد، بعد انكسار حملته السابقة في نهاية يونيو/حزيران الماضي، والتي كانت جل قواته فيها قادمة من الشرق.

وبعد أيام من الإعلانات المتتالية لقادة قوات حفتر عن الاستعداد لحملة عسكرية جديدة على طرابلس، أعلنت قيادة قوات حفتر، أمس الاثنين، أنّ "ساعة الصفر" لهذه العملية حلت مع بدء اشتباكات مسلحة عنيفة في محاور القتال، جنوب طرابلس، من دون أن تحقق أي تقدم على الأرض.

ويقول مراقبون للشأن الليبي إنّ الشكل الجديد لقوات حفتر جاء لأسباب عدة، على رأسها الخلافات الكبيرة بين مكونات قواته والتي كانت عاملاً مباشراً في إضعافها، وسرعة هزيمتها السابقة، مضافاً إليها تململ داعميه القبليين في الشرق والجنوب، وتراجعهم عن تقديم المزيد من الدعم البشري له، بل وفرار مئات المقاتلين.

ويشير المستشار السياسي السابق في المجلس الأعلى للدولة، أشرف الشح، في حديث تلفزيوني، إلى معلومات مؤكدة تفيد بقيام بعض قادة فصائل حفتر ببيع أسلحتهم، والفرار من أرض المعركة، وهي معلومات تتطابق مع تفسير إقدام طيار تابع لحفتر على اللجوء إلى الأراضي التونسية، والهبوط بطائرته في مطار مدنين التونسي، بأنها حالة فرار، ولا سيما أنها كانت مذخّرة، ما يعني أنها كانت في طريقها لميدان القتال قبل أن يُحول الطيار وجهتها إلى تونس.

وفي مؤشر آخر على تهاوي قدرة قوات حفتر على القتال وتأثير قطع خطوط الإمداد عليها، أكد المتحدث باسم المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب"، التابع لجيش "حكومة الوفاق"، أنّ عدداً من مقاتلي حفتر طلبوا، بعد أسرهم خلال معارك أمس الاثنين، طعاماً، مضيفاً في حديثه لقناة "ليبيا الأحرار"، أنّ أسرى حفتر أكدوا أنهم "لم يأكلوا منذ ثلاثة أيام".

ومن بين الإجراءات الجديدة الصادرة عن حفتر، استبدال قائد عملياته العسكرية في طرابلس اللواء عبد السلام الحاسي، باللواء المبروك الغزوي، المتحدر من قبيلة ورشفانة، إحدى مكونات قوات حفتر الحالية، والموالية للنظام السابق.

ويشير تعيين الغزوي، بحسب مصادر عسكرية في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، إلى أنه جاء ترضية لأنصار النظام السابق الذين يبدو أنهم رفضوا إمرة شخصيات عسكرية محسوبة على المنقلبين على نظام القذافي.


وبالنظر إلى طبيعة قوات حفتر الحالية، في عمليته الجديدة، يتبين أنّها مؤلفة من:
- كتائب حفتر من شرقي وجنوبي البلاد: عادت غالبيتها إلى مواقعها في الشرق والجنوب، ولم تبقَ منها سوى وحدات من "اللواء 73 مشاة"، تشارك في عمليات قتالية في محور وادي الربيع، ووحدات من قوات الصاعقة تشارك في تأمين مواقع حفتر في منطقة قصر بن غشير.

- مقاتلو أنصار النظام السابق: بالإضافة لما يشاع عن وجود "اللواء 32 معزز"، أحد أبرز كتائب القذافي السابقة، إلا أنّ واقع الميدان يؤكد أنّ مقاتلي النظام السابق حالياً هم مليشيات قبلية، على رأسها مليشيات "الكاني" التي يتزعمها محسن الكاني، وهو قائد مليشيا قبلية من ترهونة المجاورة، ومطلوب للقضاء الليبي على خلفية عمليات تصفية وقتل وإخفاء قسري، وسبق لمليشياته، التي كانت تعمل تحت مسمى "اللواء الثامن"، أن هاجمت طرابلس في أكتوبر/تشرين الأول ويناير/كانون الثاني الماضيين، قبل أن تدحرها قوة حماية طرابلس، لكنها انضمت لعملية حفتر السابقة للسيطرة على طرابلس، بعدما شرعنها تحت مسمى جديد وهو "اللواء التاسع".

كما تؤلف عناصر قبلية أخرى جزءاً من قوات حفتر الحالية، من بينها مليشيات "ورشفانة"، ومعظم من يقودها مطلوبون للعدالة في تهم القتال والخطف من أجل المال، وأبرز قادتها مسعود الضاوي، الذي قُتل في ظروف غامضة داخل صفوف حفتر في منتصف مايو/أيار الماضي.

ومن العجيلات، جنوب غربي طرابلس، شرعن حفتر مليشيا محمد اشتيوي المعروف بالكبه، المطلوب في قضية قتل مثيرة تمثلت في طهي شابين من منطقته على النار وهم أحياء، لتحمل اسم "لواء العروبة"، بالإضافة لضباط سابقين من نظام القذافي، يتولّون قيادة مليشيات في مناطق صرمان وصبراتة والزنتان.

- الكتيبة 210 المعروفة سابقاً بكتيبة "التوحيد"، وهي مليشيا مؤلفة بالكامل من مقاتلي "التيار المدخلي السلفي"، شاركت في أغلب عمليات حفتر القتالية في شرقي البلاد وفي جنوبها، ويتوزّع عناصرها حالياً بين محاور القتال، وفي صرمان، غربي طرابلس.

- المرتزقة: وهم خليط من مقاتلي حركات المعارضة التشادية والسودانية، لا سيما من مجموعات "الجنجويد"، الذين أظهرت فيديوهات متداولة نهاية الشهر الماضي، القبض على عدد منهم في مدينة غريان، بعد سقوطها في يد قوات حكومة الوفاق.


وكان مراسل صحيفة "لوموند" الفرنسية، جان فيليب ريمي، قد كشف في مقال له في منتصف يونيو/ حزيران الماضي، عن وصول 600 مقاتل من قوات نائب رئيس المجلس العسكري في السودان محمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي"، إلى قاعدة الجفرة الليبية لدعم حفتر بوساطة إماراتية.

ويبدو أنّ حفتر يعوّل بشكل كبير على عناصر المرتزقة في حربه الجديدة على طرابلس، لتعويض النقص الكبير في أعداد مقاتليه.

ويتبيّن من تكوين قوات حفتر الجديدة أنها لا تحمل تجانساً واتفاقاً في أهدافها ومصالحها، فالغلبة لأنصار النظام السابق كما يتضح، الذين لا يحملون ولاءً كاملاً لحفتر، بقدر ما يسعون إلى حلم إعادة نظام القذافي إلى سدة الحكم مجدداً، لا سيما من خلال أبرز أبنائه "سيف الإسلام".

ولا تبدو نتائج عملية حفتر المنتظرة أنها تصب في صالحه بشكل كبير، وطبيعة تكوين قواته الحالية تشير إلى تراجع طموحه السابق في السيطرة على طرابلس، فالغالب على أهدافه الحالية إيهام الرأي العام بقدرته على الاستمرار في المعركة، وقوته وإمكانية استرداد مواقعه السابقة، لتشكّل ورقة ضغط قبل العودة لطاولة التفاوض السياسي.

ذات صلة

الصورة
فقدت أدوية أساسية في درنة رغم وصول إغاثات كثيرة (كريم صاهب/ فرانس برس)

مجتمع

يؤكد سكان في مدينة درنة المنكوبة بالفيضانات عدم قدرتهم على الحصول على أدوية، خاصة تلك التي للأمراض المزمنة بعدما كانت متوفرة في الأيام الأولى للكارثة
الصورة

منوعات

استيقظ من تبقى من أهل مدينة درنة الليبية، صباح الاثنين الماضي، على اختفاء أبرز المعالم التاريخية والثقافية في مدينتهم؛ إذ أضرّت السيول بـ1500 مبنى. هنا، أبرز هذه المعالم.
الصورة
عمال بحث وإنقاذ في درنة في ليبيا (كريم صاحب/ فرانس برس)

مجتمع

بعد مرور أكثر من أسبوع على الفيضانات في شمال شرق ليبيا على خلفية العاصفة دانيال، لا سيّما تلك التي اجتاحت مدينة درنة، وتضاؤل فرص الوصول إلى ناجين، صار هاجس انتشار الأوبئة والأمراض يثير القلق.
الصورة
دمر الفيضان عشرات المنازل كلياً في درنة (عبد الله بونغا/الأناضول)

مجتمع

ترك الفيضان كارثة كبيرة في مدينة درنة الليبية، كما خلف آلاف الضحايا، وقد تدوم تداعياته الإنسانية لسنوات، فالناجون تعرضوا لصدمات نفسية عميقة، وبعضهم فقد أفراداً من عائلته، أو العائلة كلها.