مرابطات الأقصى في دائرة الاستهداف الإسرائيلي المتجدد

مرابطات الأقصى في دائرة الاستهداف الإسرائيلي المتجدد

12 ابريل 2016
تُعتبر المرابطات خط الدفاع الأول عن الأقصى(مناحيم كاهانا/فرانس برس)
+ الخط -

عادت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مجدداً، وعشية عيد الفصح اليهودي الذي يوافق الثاني والعشرين من الشهر الحالي، للإمعان في استهداف المدافعات عن المسجد الأقصى، واللواتي يُعرفن بـ"المرابطات" وُيشكّلن خط الدفاع الأول عن هذا المسجد. سلطات الاحتلال باتت تستهدف المرابطات عبر سلسلة من إجراءات الاعتقال والإبعاد، طاولت يوم أمس الأول الأحد، ثمانٍ منهن، ليرتفع بذلك عدد المعتقلات والمبعدات إلى ثلاث عشرة مرابطة، فيما لم يستثن الاحتلال من الاعتقالات والاستجواب صحافيات مقدسيات، كما حدث مع الصحافية المقدسية سماح دويك التي اعتُقلت من منزل عائلتها في حي راس العمود، شرق البلدة القديمة، وتخلل ذلك تحطيم محتويات غرفتها ومصادرة جهاز حاسوب وهاتف نقال. فيما شملت أوامر الإبعاد كلاً من: عايدة الصيداوي، سميحة شاهين، إكرام غزاوي، دلال الهشلمون، زينات الجلاد، سناء الرجبي، سماح غزاوي، وملاك عطون، لفترات تراوحت ما بين 4 و6 أشهر.
إحدى المرابطات، وهي دلال الهشلمون، اعتُقلت الأسبوع الماضي، ثم أفرج عنها وأبعدت عن المسجد الأقصى لأربعة أشهر، على الرغم من أنها تقطن في عقبة السرايا المتاخمة للمسجد الأقصى. الهشلمون واحدة من أصل ستين مرابطة أدرجت أسماؤهن ضمن لائحة سوداء إسرائيلية وضعتها شرطة الاحتلال، تم حظر من فيها من دخول الأقصى منذ أكثر من عام، فيما أطلق الفلسطينيون على هذه اللائحة لقب "لائحة النور" أو "اللائحة الذهبية".

خط الدفاع الأول عن الأقصى
ينظر الفلسطينيون إلى أولئك المرابطات على أنهن خط الدفاع الأول عن الأقصى، بعد أن بات تصديهن للمستوطنين المقتحمين حتى وهنّ خارج باحات المسجد، نضالاً يومياً، وبات وجودهن مصدراً لقلق شرطة الاحتلال وأجهزته الأمنية، ويُتهمن من السلطات الإسرائيلية بإثارة "الفوضى" والتسبب بـ"العنف"، في حين يعتقد الفلسطينيون أن أعمال التنكيل والاعتداء اليومية على هؤلاء المرابطات وإذلالهن كانت سبباً في تفجّر هبّة القدس.
تقول المرابطة الهشلمون، التي اعتُقلت أكثر من مرة، وأبعدت عن الأقصى عدة مرات، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "هدف الاحتلال هو تفريغ المسجد من المصلين المسلمين، في مقابل تمكين المتطرفين اليهود من دخوله بحرية، وهذا ما حصل في الأيام الأخيرة، وهو ما يفسر الحملة الجديدة من التصعيد ضد المرابطات بالإبعاد والاعتقال".


الرأي ذاته، تشاطرها إياه المسنّة المقدسية زينات الجلاد (63 عاماً)، التي تؤكد في حديث لـ"العربي الجديد"، أنها "ستواصل الرباط في محيط الأقصى، وستتصدى للمستوطنين في كل مرة يقتحمون فيها الأقصى، سواء باعتراضهم بقوة بدنها، أو بهتافات التكبير التي ترعبهم وتستفزهم". الجلاد، هي واحدة من أبرز المرابطات، اعتقلت مطلع هذا الأسبوع، بعد اقتحام منزلها، وتقرر إبعادها عن الأقصى لمدة 5 أشهر، ولكنها رفضت التوقيع على أمر إبعادها واعتبرته كأنه لم يكن. وتُعتبر هذه هي المرة الثانية التي تُعتقل فيها الجلاد، بعد أن كانت قد اعتُقلت قبل أكثر من شهر لنحو أسبوع، وأُبعدت في حينه عن الأقصى، وهي من ضمن "لائحة النور" المبعدة عن الأقصى منذ ثمانية أشهر.

مطالبات بتوفير الحماية
يقول مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني لـ"العربي الجديد"، إن "ما تتعرض له المرابطات يُشكّل مصدراً للقلق والتوتر، وغالباً ما يتسبب باندلاع مواجهات وصدامات مع شرطة الاحتلال، التي لا تكتفي بقرارات الإبعاد والمنع، بل تتعرّض لنسائنا بالضرب والسحل والإهانة، وهي ممارسات تثير مشاعر الغضب لدينا ولدى المواطنين عامة". ويلفت الكسواني إلى أن تلك الممارسات غالباً ما تتسبب في وقوع احتكاكات واشتباكات بالأيدي بين الحراس وعناصر شرطة الاحتلال الذين يعتدون على حراس الأقصى ويستهدفونهم أيضاً بالاعتقال والإبعاد عن الأقصى ومنعهم من مزاولة أعمالهم بحرية.

من جهته، يدعو رئيس الهيئة الإسلامية العليا الشيخ عكرمة صبري، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى توفير الحماية للمرابطات، وللمصلين عموماً الذين يهبّون للصلاة في مسجدهم ويدافعون عنه من تغوّل المستوطنين وقوات الاحتلال وتدنيسهم للمسجد الأقصى. ويضيف صبري: "لم يعد مقبولاً هذا الصمت على ما يجري، والقضية لم تعد تتعلق بمراقبة ما يجري في المسجد الأقصى بالكاميرات أو غيره، بل في إعادة النظر من جديد ببرنامج السياحة الأجنبية للأقصى، إذ باتت سلطات الاحتلال تهيمن عليه بعد أن كان حصراً على إدارة الأوقاف الإسلامية".
وكانت سلطات الاحتلال أعلنت في شهر سبتمبر/أيلول من العام الماضي، عن أن المرابطات يعتبرن "تنظيماً إرهابياً"، وهددت بملاحقة أعضائه بالاعتقال الإداري وغيره من العقوبات، واتهمت الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة عام 1948 بدعم المرابطات، ومنذ شهر أكتوبر/تشرين الأول وبالتزامن مع اندلاع الهبّة الشعبية، بدأت سلطات الاحتلال باستهداف المرابطات ومنعهن من الدخول إلى المسجد الأقصى.