مصر: "العيال بتوع الثورة" ملاحقون في زمن السيسي

مصر: "العيال بتوع الثورة" ملاحقون في زمن السيسي

25 يناير 2019
يفخر هؤلاء الشباب بأنهم "عيال الثورة" (كيم بدوي/Getty)
+ الخط -
في الأول من يناير/ كانون الثاني 2019، كتب الشاعر الفلسطيني مريد برغوثي، عن زوجته الراحلة الكاتبة رضوى عاشور "مع كل يناير يأتيني صوتها الطالع خافتاً من أثر البنج الطويل بعد عملية جراحية دامت عشر ساعات، يسألنا أنا وتميم: (ضربوا العيال)؟ العظيمة رضوى عاشور".
"العيال"، وتعني صبية وصغار سِنّ باللغة المصرية العامية، وصفٌ قريب لقلب ثوار يناير، يحبّون وصفهم بـ"العيال بتوع التحرير" و"العيال بتوع الثورة" و"العيال بتوع يناير" و"العيال بتوع الفيسبوك". وفي الوقت نفسه، يستخدمه أعداء الثورة في محاولاتهم للحطّ من قدرهم واستصغارهم. ففي 26 يناير 2014، كانت جملة "العيال بتوع التحرير أَهُمْ" كافية للقبض على عضوي ائتلاف شباب الثورة المصرية، ناجي كامل وخالد السيد، عندما كانا يسيران وسط البلد، وشاهدهما بعض مؤيدي الرئيس عبدالفتاح السيسي، وقالوا "العيال بتوع الثورة أهم"، وسلموهما للشرطة.

"العيال بتوع الثورة" يفخرون بأنهم "عيالها"، فقال أحدهم: "إحنا العيال بتوع المدارس اللي طلعنا تظاهرات أيام الانتفاضة الفلسطينية. وإحنا العيال اللي وقفوا في وِشّ نظام مبارك قبل الثورة في الجامعات. وإحنا العيال بتوع التحرير اللي طلعوا تظاهرات يوم 25 وبقت ثورة يوم 28، وإحنا العيال اللي اعتصموا في الميدان لحد ما حسني خلع".
التفاخر بـ"عيال الثورة"، رسّخه أيضاً كتاب وشعراء وأدباء ومفكرون في ذاكرة الثورة المصرية، فكتب الشاعر المصري طارق قطب: "بعد سنتين من المعافرة، واعتبارنا عيال عبيطة، ثم صايعة، ثم كافرة، بعدما الأعصاب تلاشت، والعقول في الحيرة باشت، والرصاصة اللي حيلتنا صابت الأهداف... وطاشت، لسه فينا الحلم طايح، مرة جاي... ومرة رايح، والعروق فالثورة نافرة، بعد سنتين م المعافرة".
وكتب الشاعر المصري محمود السيد، في حب عيال الثورة "برغم حروفي متواضعة، بسيط ودي حاجة عجباني، ماليش في كتابة الممنوع، قصيدتي هي عنوان، عيال الثورة تعرفني، وليهم ذكرى في ديواني".


الأديب والروائي المصري الراحل خالد توفيق، وفي مارس/ آذار 2011، بعنوان "عيال تِفْرِح"، كتب: "عيال تِفْرِح... قلتها لنفسي ودنوت منهم وتكلمت مع بعضهم... بالطبع كلهم طلاب جامعة؛ منهم طالب الصيدلة وطالب الحقوق وطالب التجارة... منهم الشاب الرِوِش والشاب الملتحي والفتاة المحجبة والفتاة ذات الشعر المكشوف... كلهم يعملون بجد ولسان حالهم يقول: هذا بلدنا، سوف ننظفه ولا نطلب منك شيئاً سوى ألا تُلقي بقذارتك هنا". وتابع "عيال تِفرِح... ترددت هذه المقولة في ذهني أيام الثورة، وأنا أراهم يشبكون الأذرع أمام المتحف المصري، كي يحموه بأجسادهم من البلطجية... يحمون جدو خوفو وجدو إخناتون وسواهما من العظماء". وأضاف "عندما نجحت الثورة - أو بدأت طريق النجاح - رحت أراقب في استمتاع كيف تغيرت لغة الصحف والبرامج الحكومية... لم يعد أحد يتكلم عن المخابرات الإيرانية والكنتاكي... يوم التنحي قرأت صحيفة معارضة جريئة جداً حتى حسبتها الدستور أو العربي الناصري، ثم اكتشفت أنها الأهرام! عندها عرفت أن مبارك قد انتهى فعلاً. هؤلاء القوم في الصحف الحكومية والإعلام عباقرة فعلاً... تلوّنوا بسرعة البرق، وفجأة صارت الصحف مهرجاناً لتحية الشباب وحب مصر... الكل يحب مصر بجنون، حتى بدا لي أنني الوغد الوحيد في هذا البلد! أفعمت القلوب التي كانت تلعن (سنسفيل عيال الفيسبوك)... أفعمت بالحب والحماس للثورة. كلهم كانوا (مش فاهمين)... ولم أدرِ أن الأمور كانت صعبة لهذا الحد".

كما كان للفنان المصري محمود حميدة، رأي خاص في عيال الثورة، بأن قال "ثورة 25 يناير أثرت فيّ كثيراً، الثورة خلعتني من جذوري وهزتني هزة كبيرة لأن حلمنا جميعاً كان الثورة، ولكني لم أنزل ميدان التحرير في الثورة مطلقاً، لأن هذه الثورة ليست لي، ولا لجيلي، فهي ثورة عيال، قام بها الشباب، ولو نزلت سأكون دخيلاً عليهم، وهعمل فيها ثورجي، ولكن الثورة كانت للشباب ونجحت بهم".

ووصف أيضاً شاعر العامية المصري الراحل، أحمد فؤاد نجم، شباب الثورة، بقوله "أنا كنت مراهن عليكوا، قالولنا إن التغيير يا هيحصل بالجيش يأما مش هيحصل، وأنا قلتلهم لأ، هما العيال دول بتوع الفيسبوك هما اللي هيعملوها". وقال أيضاً: "عاصرت ثلاث ثورات، الثورة الأولى كانت في سبعينيات القرن الماضي، ثورة الطلاب المجيدة، ومن ثم (ثورة الجوع) التي سمّوها زوراً (انتفاضة الحرامية)، وثورة (شياطين الفيسبوك) الأخيرة... إذا أردنا المقارنة بين هذه الثورات، نجد اختلافاً جوهرياً بين الثورتين الأوليين، والثورة الأخيرة. ثوار السبعينيات كانت تحركهم مشاعر الغضب في دواخلهم... (كانوا داخلين الثورة بقلوبهم)، في حين الثورة الأخيرة ثورة عاقلة... (عيال الفيسبوك دخلوا الثورة بعقولهم... العقل ما يتغلبش... الشباب دول عاوزين يعيشوا عشان الثورة... مش يموتوا عشانها، وعشان كده كانت الثورة التالتة ثابتة".

المساهمون