جسر أفينيون - Le pont Saint-Bénézet

جسر أفينيون - Le pont Saint-Bénézet

04 اغسطس 2015
+ الخط -
لا ترتبط مدينة أفينيون الفرنسية بمهرجانها المسرحي العالمي فحسب، بل ترتبط أيضًا بأغنية شهيرة عن جسر أفينيون "Sur le pont d'Avignon" الذي يرقص عليه الرجال والنساء، يمثّلون تارة دور التقارب والحبّ، وتارة أخرى أدوار مهنٍ منها ما بقي كالإسكافي، ومنها ما اندثر كالغسّالين.
تعود الأغنية الشهيرة إلى القرن الخامس عشر، ولا يُعرف من الذي كتب كلماتها ولا أصلها. أغنيةٌ تراثيةٌ اكتسبت شهرة واسعة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حين قام مؤلّف موسيقي اسمه أدولف آدم، باستعمالها في مسرحية أوبرالية كوميدية.
ليس الجسر في الأغنية من بنات خيال شاعر مجهول، بل هو جسر أثري موجود إلى اليوم في مدينة أفينيون. والحال فإن الجسر لم يعد على حاله، إذ لم يبقَ منه إلا جزء مرفوع على أربعة أقواس حجرية، تبدأ من الضفة اليسرى لنهر الرون le Rhône.، لصق كنيسة القديس نقولا، ولا تصل إلى أي مكان، سوى ماء النهر.
ليس للجسر أغنية فحسب، بل له أيضًا أسطورة ترتبط بالكنيسة الواقعة فوقه، وتحديدًا فوق قوسه الثاني، وتحمل اسم كنيسة القديس بينيزيه Bénézet.
فقد كان ثمة راعٍ صغير يدعى بونوا، وكان ملّقبًا باسم بينيزيه. وحين بلغ الثانية عشرة من عمره، وصله "أمر إلهي" لبناء جسر أفينيون.

اقرأ أيضاً: لوحة ذاتية

أمضى الراعي الصغير ثمانية أعوام في إنشاء الجسر. ويبدو أنه وجد في المكان الذي اختاره دعّامات رومانية حجرية ضخمة، استفاد منها، وبنى جسرًا باثنين وعشرين قوسًا حجريًا، ويرتفع حوالى ألف متر عن النهر. بنى الراعي الجسر مستندًا إلى قاعدة هندسية تقول إن الزاوية التي تجمع سطح الجسر إلى أعمدته يجب أن تكون قائمة، كي يستطيع الجسر تحمّل تيارات مياه نهر الرون القوية.
وكعادة الجسور فإنها تمثّل نوعًا من الحدود، وتؤدّي دور السلطة، فكان جسر أفينيون واقعًا على الحدود بين الولايات البابوية وأراضي فرنسا ذاك الزمان. وإذ أدى دور الحدود، فمن أجل وظيفة أخرى هي جمع الضرائب والرسوم في لبوس "صدقات" للقديس بينيزيه.
يختلط الديني بالسلطة باستمرار، وفي مرحلة من المراحل، كان جسر أفينيون الرابط الوحيد بين مدينة ليون والبحر، ما جعله مكانًا إجباريًا لعبور التجّار والمسافرين. وكان ثمة ملك - كما العادة- يملك جلّ الجسر وإليه تعود النقود.
حين أطلّ القرن الخامس عشر، تهدّم قوسان وأمر الملك بالإصلاح، فالجسر سلطته للعبور والنقود والحدود.
إلا أن القرن السابع عشر أدّى دور الشاهد على تهديم جل الأقواس ولم يبق منها اليوم إلا أربعة. قرب الجسر
جزيرة صغيرة، مثل تلك الجزر التي تولد في مياه الأنهار، اسمها لا بارتيلاس la Barthelasse، وكان فيها في القرن التاسع عشر حانات كثيرة. خمر ونهر، وإذ بالناس تطرب وترقص تحت الجسر، لا فوقه كما تقول الأغنية.

المساهمون