إيران: السينما جسراً إلى العالم

إيران: السينما جسراً إلى العالم

24 سبتمبر 2014
من "نصف قمر" لـ بهمن غوبادي، 2006
+ الخط -

مع رحيل محمود أحمدي نجاد عن السلطة، منتصف العام الماضي، ووصول حسن روحاني إلى الرئاسة، بدأت الثقافة الإيرانية، بما فيها السينما، تتنفس الصعداء، بعد أن كان الرئيس السابق، المتشدد، قد أطبق على مختلف جوانبها.

وبدأ الفن السابع في إيران يشعر ببعض الانتعاش منذ إيعاز الرئيس الجديد، المعتدل مقارنة بسابقه، نهاية العام الماضي، بإعادة افتتاح "بيت السينما" الذي أغلقه نجاد، وصولاً إلى الاحتفال، بـ"يوم السينما الإيرانية" هذا الشهر، عبر عروض لأشرطة توزعت على صالات عرض في مختلف أنحاء البلاد.

منذ ولادتها في ثلاثينيات القرن الماضي، وحتى اندلاع الثورة الإسلامية عام 1979، عرفت السينما الإيرانية تطوراً تدريجياً لافتاً، بالنظر إلى الإمكانات العادية المخصصة لها. هكذا، تخلَّصت الشاشة الكبيرة من شوائب الانطلاقة، والتأثيرات الهندية التي خيّمت على كثير من إنتاجات البدايات، لنصل إلى ما يمكن تسميته بسينما خاصة. غير أن إعلان "الجمهورية الإسلامية"، أجبر المسار السينمائي على الانحدار، فتغيّرت المواضيع وطبيعة الأفلام التي بات عليها أن تراعي، في مضمونها وشكلها، القوانين الجديدة.

لكن رغم هذه القيود، عادت السينما الإيرانية إلى مسارها، وتقدّمت به إلى أن شهدت، في تسعينيات القرن الماضي، عصرها الذهبي، تاركة بصمتها هنا وهناك. ورغم تقلّد متشددين، مثل أحمدي نجاد، السلطة، إلا أن ذلك لم يمنع المخرجين الإيرانيين من اللعب في الهوامش الضيقة التي تُركت لهم، ليستمروا في تصدير منتَجهم الإبداعي البصري إلى الخارج، حتى بات لأسماء مثل مجيد مجيدي وبهمن غوبادي وعباس كيارستامي وأصغر فرهادي، حضورٌ في المحافل السينمائية الدولية.

من هنا الاحتفال بيوم السينما الإيرانية هذا الشهر؛ دعوةٌ شهدت عودة الجماهير إلى شبابيك التذاكر، في ما يشبه تكريماً للنجاح الذي حققه البلد سينمائياً. هذا النجاح لاقى صدى له، بالتأكيد، في العالم العربي. غير أن "الجمهورية الإسلامية"، وقوساً من المتشغلين في سينماها، يحاولان جاهدين تجاوز اقتصار حضور الفيلم الإيراني لدى العرب على النخبة، ساعيين إلى مخاطبة شرائح أخرى من المجتمعات عبر أفلام دينية.

وينال هذا النوع من الأفلام النصيب الأكبر من التمويل الحكومي، الذي ازداد بشكلٍ ملحوظٍ خلال السنوات الأخيرة. مثلاً، بلغت تكلفة شريط "مملكة سليمان" (2010)، لشهريار بهراني، 5 ملايين دولار، في حين رُصد مبلغ أكثر ضخامة لشريط "محمد" عن سيرة نبي الإسلام، لمجيد مجيدي، المقرر نزوله إلى الصالات العام المقبل. ومن هنا أيضاً افتتاح قناة iFilm عام 2010، والتي تبث أشرطة سينمائية ومسلسلات إيرانية، في مقدمتها تلك الدينية، مترجمةً أو مدبلجة باللغتين العربية والإنجليزية. ولكن القناة لم تحظَ بالإقبال العربي أو الأجنبي المنشود، لانغلاق مسارها على خطّ معين.

وتتوجّه السينما الإيرانية في خطابها إلى الآخر، الغربي، باشتغالات تسعى إلى استبدال صورة البلد المتعصب لدينه بأخرى لبلد منفتح. "المسيح" (2007) لنادر طالب زاده، يصحّ مثلاً على ذلك. إلا أن هذا الشريط، الذي قدّم رواية إسلامية خاصة عن النبي عيسى، لم ينل نجاحاً ملحوظاً، وأثار موجات من الغضب، كما جرى في لبنان عام 2010، حيث أوقف عرضه، بعد اعتراض الكنيسة الكاثوليكية عليه.

وعلى أي حال، يبدو أن سعي قوس من الاشتغالات السينمائية الإيرانية إلى مخاطبة الآخر دينياً، لم يلق نجاحاً ملحوظاً، كذاك الذي حظي به الخطاب الإنساني لأفلام أخرى؛ خطاب أوصل الفن السابع الإيراني، مراراً، إلى مسارح ومنابر أكبر المهرجانات، حضوراً وتكريماً وانتزاعاً للجوائز والمعجبين، لأنه يمس كلّ من يشاهده، ولا يتطلب التوقف لدى حواجز الدين والطوائف والروايات التاريخية المتعددة.

دلالات

المساهمون