فيوليتا بارا: شكراً للحياة

فيوليتا بارا: شكراً للحياة

09 نوفمبر 2014
+ الخط -

بموازة النشاطات والفعاليات التي تقيمها مراكز ثفاقية عدة في تشيلي لإحياء مئوية أخيها الذي يكبرها بثلاث سنوات، الشاعر نيكانور بارا، أحيَت "جمعية فيوليتا بارا" أخيراً ذكرى ميلادها السابع والتسعين بإصدار ألبوم يجمع أغانيها ومؤلفاتها الموسيقية والشعرية، ومقابلاتها الصحافية، وسائر آثارها.

47 عاماً مضت على رحيل فنانة الفلوكلور التشيلي التي غادرت الحياة منتحرةً في الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر 1967، وذلك بعد عام واحد فقط على طرحها ألبومها الأخير "المؤلفات الأخيرة".

ألبوم تعكس أغانيه، بطريقة أو بأخرى، نيتها في وضع حدٍّ لحياتها، خصوصاً أغنيتها الأشهر "شكراً للحياة"، التي غنّاها كبار المطربين لاحقاً، ومن أشهرهم الأرجنتينية مرسيدس سوسا.

على الأرجح أن بارا كانت تخطط لانتحارها قبل أن تصدر ذلك الألبوم. ولهذا، حرصت على متابعة أدقّ تفاصيله كي يرى النور بكل هذا الألق، حتى أنّ بعض النقاد اعتبره أفضل أعمالها.

وقد تبيّن لاحقاً أنها كانت تود أن يذكرها الناس من خلاله؛ إذ مرّرت في كلمات الأغاني رؤيتها للحياة، وصراعها الثابت معها، وأيضاً وداعها لها.

من المؤكد أن حادثة انتحار بارا لم تساهم في شهرتها، إذ قبل أن تُقدم على هذا الفعل، كانت قد احترفت كثيراً من الفنون، فكانت مغنية وكاتبة أغانٍ ورسامة ونحاتة وحائكة تطريز وخزّافة، إلى جانب كونها من أفضل وأشهر الفلوكلوريين اللاتينيين، ومؤسسة الموسيقى الشعبية في تشيلي. كما أن أعمالها أوحت إلى كثير من الفنانين باستكمال مسيرتها الإبداعية في مجالي الموسيقى والفلوكلور الشعبي، كما أنشد أغانيها كثير من الفنانين في أميركا اللاتينية.

تروي مونيكا إتشيفيريا، مؤلفة كتاب "أنا فيوليتا"، أن المغنية المولودة في الرابع من تشرين الأول/ أكتوبر 1917، كانت مفرطة الحساسية وشديدة الانفعال، لدرجة أنها

وفي إحدى نوبات غضبها، بعد أن ضربت حبيبها خوليو إيسكامس بقيثارة، رمت بفراشه من النافذة ثم أحرقته. كما تقول إتشيفيريا إن بارا كانت عاشقة طوال الوقت، ولم يكن باستطاعتها العيش من دون أن ينبض قلبها بالحب. ولهذا عرف عنها أن وقتها كان مقسّماً ما بين القيثارة والرجل الذي تحبّ.

من جهةٍ أخرى، تشير إتشيفيريا إلى عدم إمكانية فصل حساسيتها المفرطة عن ألفاظها البذيئة التي تناقض تماماً كلمات أغانيها، وكانت تستخدمها كثيراً، حتى مع أبنائها الذين يرفضون الحديث عن انتحارها.

ونذكر هنا أنّ علاقتها مع ابنها آنخل وابنتها إيسابيل كانت مزاجية ومتقلبة، إذ كانت تضرب ابنها فجأةً ثم تعود فتداعبه، وبالتالي كانت تارةً مثال الأم المعطاءة، وتارةً تتصرّف بلامبالاة مع ولديها.

نشأت بارا في عائلة فنية، فوالدها مدرّس للموسيقى، والشاعر نيكانور بارا كان أحد أشهر إخوتها. ورغم شهرة العائلة على المستوى الفني، إلا أن فيوليتا تركت رسالةً وراءها تتحدّث فيها بشكلٍ سيئ عن جميع أفرادها، وتعبّر عن خيبة أملها من المحيطين بها، وعن هجران الجميع لها وعدم تفهمهم إياها.

ورغم النجاح الذي حقّقته، إلا أنّها كانت تشعر بالفشل وبأنّ أحداً لم يمد لها يد العون، حتى على المستوى المادي، كما كانت تشعر بضغوطٍ نفسيةٍ شديدة وإحباطاتٍ عاطفية.

في الفترة الأخيرة من حياتها، تدهورت صحتها النفسية إلى حد لم يتمكّن فيه أحدٌ من مساعدتها وإخراجها من ذلك الوضع البائس الذي تهاوت فيه، فلم تجد أمامها سوى الموت. وفي مسرحها الصغير، أنهت فيوليتا حياتها المليئة بالكآبة والانتكاسات العاطفية، وكانت لا تزال في التاسعة والأربعين من عمرها.

دلالات

المساهمون