شيرين نشأت.. "أرض الأحلام" التي يغتالها ترامب

شيرين نشأت.. "أرض الأحلام" التي يغتالها ترامب

20 فبراير 2020
(من المعرض)
+ الخط -

ليس نادراً أن تعيد أعمال فنّانين من "العالم الثالث"، خاصة المقيمين منهم في الغرب، إنتاج الصور النمطية عن مجتمعاتهم، بحيث يبدون وقد استبطنوا بُعداً استشراقياً في تخيّل الذات والآخر، إلّا أنه من غير الممكن تعميم ذلك، فهذا النوع من التقييمات كثيراً ما يُخرج بعض التجارب عن سياقها انطلاقاً من قراءات جاهزة.

في هذا المشهد، يبرز اسم الفنّانة والمخرجة الإيرانية شيرين نشأت (1957) التي بنت منظورها تجاه بلدها، والشرق عموماً، نتيجة نشأتها في ظرف تاريخي مغاير، فهي ابنة مدينة قزوين المحافظِة التي عاشت مثل جميع أبناء جيلها أقصى درجات التغريب، كما مثّلته دولة محمد رضا بهلوي حينها، وغادرت بلادها على حالها في السبعينيات للدراسة في الولايات المتحدة، لتعود عام 1990 إلى إيران لا تشبه ماضيها مطلقاً.

تقدّم صاحبة السلسلة الفوتوغرافية "نساء الله/ حرّاس الثورة" أعمالها كتعبير عن رؤيتها تجاه بلدها، والتي لا تنفصل عن تفاصيلها الشخصية، فقد نشأت في بيت طبيب كان مؤمناً بنموذج التحديث الذي تخلّت عنه "الثورة الإسلامية" عام 1979 وقدّمت بدورها نموذجاً مغايراً، وسار أبناؤه على خطاه.

تبحث نشأت عن تلك التناقضات التي تسكن المجتمع الإيراني، ليس فقط نتيجة التحوّلات الكبرى الذي شهدها في الأربعين سنة الأخيرة، إنما تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، عبر مساءلة مفاهيم راكمت ثقافة تمتدّ لقرون، وانعكاس ذلك كلّه عليها كامرأة مبدعة تعيش المنفى.

معادلة مركّبة تبدو معكوسة في معرضها "أرض الأحلام" الذي يُفتتح مساء اليوم الخميس في "غاليري غودمان" في لندن، ويتواصل حتى الثامن والعشرين من الشهر المقبل، حيث يرصد حياتها كمهاجرة في الغرب.

تختبر الفنّانة مساحة جديدة، لكنها تتّصل بشكل أو بآخر بممارستها الفنية السابقة حول السلطتين الدينية والسياسية وتأثيرهما على الوجود الإنساني، مع بروز النزعات الراديكالية في بلادها والعالم الإسلامي، فتقدّم من خلال مئة صورة فوتوغرافية وعملين ضمن فن الفيديو صورة عن أميركا المعاصرة التي يحكمها دونالد ترامب.

تهتمّ نشأت بالتغيّر المتسارع في النموذج الأميركي، والذي تصفه في تقديم معرضها بالقول: "نشهد إعادة توزيع لبطاقات السلطة ولاعبيها. مع صعود لنزعة "تفوّق" الرجل الأبيض والتهديدات الحالية ضدّ المهاجرين".

عبر اللونين الأبيض والأسود، تتتبّع في الفيديو الأول رحلة المصوّر الإيراني سيمين الذي اختلقت الفنانة شخصيته وجعلته يتنقّل بين أرياف الولايات المتّحدة، يطرق أبواب البيوت ويلتقط الصور لأصحابها، وفي الفيديو الثاني ترسم مناخاً ديسوتوبياً لمستوطنة بشرية إيرانية بيروقراطية تقع داخل الجبال.

بأسلوب لا يخلو من السخرية، تعيد نشأت تركيب واقع متشابه يعيشه أناس من جغرافيتين مختلفتين في ظلّ الظلم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، مع تكريس لثنائية أساسية تجمع بين الطبيعة بأحلامها سريعة الزوال وبين تأثير القضايا السياسية.

يقابل بطلُها المتخيّل أشخاصاً من ثقافات وأعراق متعدّدة تُبرز تنوّع الهوية الأميركية، كما تظهر صورهم اختلاف العمر والجنس، وقد كُتبت فوق بعضها عبارات بالخط الفارسي في إشارات تحيل إلى أصحابها كأسمائهم أو مكان وتاريخ ميلادهم أو تخبر عن أحلامهم التي يريد الرئيس الأميركي اغتيالها بالطبع.

دلالات

المساهمون