"الكتاب الثقافي": إلى القارئ الذي لم يعد يأتي

"الكتاب الثقافي": إلى القارئ الذي لم يعد يأتي

21 نوفمبر 2018
(من المعرض، تصوير: نادر الداود)
+ الخط -

لطالما دعا مثقفون في العديد من الملتقيات التي ناقشت صناعة الكتاب ومستقبلها في الأردن، إلى ضرورة أن تتبنى الدولة مشروعاً استراتيجياً لتوطين القراءة عبر جعلها جزءاً لا يتجزأ من العملية التعليمية لا أن تبقى مجرّد "ترف" يستهوي أفراداً ومجموعات تنشط في نطاق ضيّق.

افتتح الأحد الماضي في "مركز حمدي منكو للبحوث العلمية" في "الجامعة الأردنية"، "معرض الكتاب الثقافي" الذي يقام للسنة الثالثة على التوالي، بالشراكة مع "أزبكية عمّان" ويتواصل لخمسة أيام. "العربي الجديد" تجوّلت فيه لمقارنة أهدافه وطموحاته بواقعه.

فرغم أن هدف المعرض المعلن هو تشجيع الطلبة على الثقافة والقراءة عبر اقتناء الكتب بأسعار رمزية وخلق جو من التفاعل حولها، إلا أن الشاعر غازي الذيبة، أحد مؤسسي "الأزبكية" يشير في حديثه إلى ضعف إقبال الطلبة هذا العام، والذي يعزوه إلى سوء الأحوال المعيشية وهو ما يشكّل عاملاً أساسياً ليس فقط للإعراض عن القراءة بل في التأثير سلباً على تطوير التعليم وإحداث التنمية في جميع المستويات".

يتضمّن المعرض حوالي 400 عنوان باللغة العربية تتوزّع مضامينها بين الفكر والفلسفة والرواية والترجمات الأدبية والعلوم الإنسانية و150 بالإنكليزية في المجالات ذاتها، إلى جانب عشرات العناوين الموّجهة للطفل باللغتين.

يلفت الذيبة إلى أن "الإصدارات الثقافية والفكرية هي التي تستهوي معظم الطلاب، وليست الكتب الأكاديمية التي باتت معظم دور النشر تصدرها، كما أن ثمن الكتاب يشكّل عاملاً حاسماً في جذب القارئ الذي بات الكتاب في آخر أولوياته نظراً لارتفاع أسعاره".

لماذا لا يحصل الكتاب على الدعم؟ تساؤل يحضر في هذا السياق حيث أن عدداً من الجامعات لا تعير للمسألة اهتماماً عبر رفضها استضافة معارض كتب، بينما تنظّمها جامعات أخرى تفرض أجوراً على دور النشر المشاركة ما يزيد كلفة الكتاب بدلاً من تخفيضها.

يوضّح الذيبة إلى أنه "لا يمكن الاستمرار في نشر الكتاب وتوزيعه في ظلّ الاعتماد على القرّاء الأفراد، وإحجام المؤسسات الحكومية والخاصة ومنظّمات المجتمع المدني عن اقتنائه، وأكبر دليل على ذلك فقر المكتبات في المدارس الأردنية سواء في الكم أو على صعيد نوعية الكتب على رفوفها، والتي تحتضن حوالي مليوني طالب".

حديث الذيبة تؤكده الإحصائيات المنشورة التي أعلن عنها "اتحاد الناشرين" مطلع العام الجاري بأن دور النشر في الأردن تراجعت في السنوات الأخيرة من 750 دارا إلى 72 مرخّصة وعاملة، وكذلك تقلّص عدد المكتبات من 900 مكتبة إلى 218 في جميع المدن والبلدات.

وينوّه محدّثنا إلى أن "إيقاف الرحلات المدرسية على خلفية كارثة البحر الميت حيث أودت السيول بحياة اثنين وعشرين فرداً، سيحرم الطلبة من زيارة "أزبكية عمّان" وعدد من المكتبات العامة والأهلية؛ النشاط الذي كان يتيح فرصة للاطلاع على كتب لا تتوفّر لهم في مدارسهم وبيوتهم".

يختم الذيبة بالإشارة إلى أن "الأزبكية مشروع تأسّس عام 2012 وتحتوي قرابة ثمانية آلاف عنوان، وتنظّم سلسلة معارض بالتعاون مع الجامعات أو الأماكن التي تخصّصها لهم أمانة عمّان، وتُعنى أساساً بتوزيع الكتب الجديدة والمستعملة بهامش ربح قليل نسبياً، إضافة إلى توفيرها فضاء لمجموعات قراءة تنتشر في عمّان، ودعم مبادرات القراءة في الأطراف بتوفير كتبٍ بالمجان لتأسيس مكتبات في المخيمات ومراكز الأيتام وغيرها".

المساهمون