نقص الدواء يهدد مرضى الفشل الكلوي في غزة

نقص الدواء يهدد مرضى الفشل الكلوي في غزة

21 مايو 2015
طفلة تخضع لعملية غسل كلى في غزة(عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -

تستلقي الطفلة وصال جاسر (14 عاماً) على أحد أسرّة قسم غسل الكلى في مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، حيث الموعد الأسبوعي المحدد لها لإجراء عملية غسل الكلى، بعد أن أصيبت قبل نحو عامين بمرض الفشل الكلوي، فيما ترتسم علامات التعب والإرهاق على وجهها بعد أن أنهكها المرض رغم صغر سنها.

ويعاني مرضى الكلى في قطاع غزة من نقص شديد في الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة لإتمام عملية غسل الكلى كما هو معتاد، فمؤخراً انقطعت وبشكل نهائي حقن "الريكورمون" أو ما يسمى بـ"إيبويتين ألفا"، وهو هرمون يقوم بتحفيز النخاع العظمي على إنتاج خلايا الدم الحمراء، وخلال دورة غسل الكلى يضعف دم مريض الفشل الكلوي ويصبح بحاجة إلى حقن من هذا الهرمون لتقوية دمه.

وتقول الطفلة جاسر لـ"العربي الجديد" إن كافة المرضى الذين يقومون بعملية غسل الكلى ثلاث مرات أسبوعياً محرومون بشكل نهائي من حقن "الريكورمون" منذ ثلاثة أشهر بشكل نهائي، كونها غير متوفرة في مخازن ومستودعات وزارة الصحة في غزة.


وتضيف: "قبل تسعة أشهر كانت حقن "الريكورمون" موجودة على فترات بين المرضى، ونحصل عليها مرة أو مرتين كل أسبوعين، فهي ضرورية لزيادة قوة الدم، قبل أن تختفي من المستشفى بشكل نهائي وعن جميع المرضى دون أي مبرر".

وتشير إلى أن رغبة أهلها في إجراء عملية لزرع كلية لها للتخلص من المرض بشكل نهائي، منعها من الحصول على وحدات دم خارجية لتعويض ما يفقده جسدها من الدم، حيث وصل معدل قوة الدم إلى 6.5 وفقاً للأطباء المعالجين.

وتطالب جاسر الجهات المعنية والمختصة بإدخال كافة المستلزمات والأدوية اللازمة لمرضى غسل الكلى للتخفيف عنهم، وضمان عدم تدهور الحالة الصحية للمرضى أكثر مما هو عليه الآن.

فيما يقف الوالد إبراهيم جاسر قرب سرير ابنته وصال، محاولاً أن يخفف عنها ألم المرض عبر ضحكات تخفي وراءها الشعور بالحزن بسبب الحالة الصحية لابنته، وعدم تمكنه من توفير العلاج اللازم لها.

ويقول جاسر لـ"العربي الجديد": "رغبتي في أن تجري ابنتي عملية زراعة كلية خارج قطاع غزة كي تتماثل للشفاء بشكل نهائي من الفشل الكلوي، حالت دون التمكن من نقل وحدات دم خارجية لها، حتى نضمن نجاح العملية بشكل كامل، حسب ما أخبرنا به الأطباء المشرفون على حالتها".

ويلفت إلى أن حقن "الريكورمون" مفقودة منذ عدة أشهر، مشيراً إلى عدم تمكنه من شرائها بشكل شخصي من خلال بعض شركات الأدوية في القطاع أو الصيدليات العامة، كون ثمن الحقنة الواحدة لا يقل عن 80 دولاراً، فيما يحتاج أي مريض إلى ثلاث حقن في الأسبوع، أي حقنة مع كل جلسة.


ويشير إلى أنه باشر منذ عدة أسابيع لاستخراج جوازات سفر له ولابنته للسفر إلى الأردن لإجراء عملية زراعة كلية، إلا أن وجود أزمة متعلقة بنقص الدفاتر الخاصة بالجوازات في وزارة الداخلية برام الله، التي تقوم باستصدارها لسكان القطاع، يعيق سفره وابنته لإجراء العملية.

من جانبه، قال رئيس قسم الكلية الصناعية في مجمع الشفاء الطبي، عبدالله القيشاوي، لـ"العربي الجديد"، إنّ مريض الفشل الكلوي يصاب بضعف الدم، فيؤثر ذلك سلباً على صحته، فيأخذ حقن "الريكورمون" لتقوية الدم، مشيراً إلى أن عدم أخذها يسبب للمريض ضعفاً في نسبة الهيموغلوبين بالدم والكثير من الأمراض، منها ضعف عضلة القلب والهزال والتعب الشديد وغيرها.

وكشف القيشاوي عن تلقيهم وعوداً من قبل المسؤولين في وزارة الصحة برام الله لإرسال حقن الريكورمون بعد شهر من الآن، معرباً عن أمله في أن تصل هذه الحقن وغيرها من المستلزمات إلى قطاع غزة في أسرع وقت، كون الأزمة مستمرة منذ الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة.

ويوضح الطبيب الفلسطيني أن الطواقم الطبية العاملة في قسم الكلية الصناعية بغزة لجأت إلى نقل وحدات دم خارجية كحل استثنائي لتعويض المرضى عن نقص حقن الريكورمون.


بدوره، قال مدير عام الصيدلة في وزارة الصحة، منير البرش، لـ"العربي الجديد"، إنّ وزارة الصحة في رام الله تقوم بحجب نصيب غزة من الأدوية التخصصية، كما هو الحال مع مرضى الفشل الكلوي، وحقنة الريكورمون يجري إدخالها للقطاع بشكل متقطع وبكميات ضئيلة بين فترة وأخرى.

ولفت البرش إلى أنّ نحو 137 صنفاً من الأدوية الأساسية نفدت بشكل كلي ونهائي من مخازن وزارة الصحة منذ أسابيع، بسبب تقاعس حكومة التوافق عن أداء مسؤولياتها والتزاماتها تجاه قطاع غزة، بالإضافة إلى ممارسات الاحتلال الإسرائيلي عبر المعابر الحدودية والتحكم في كميات الأدوية الواردة لغزة.

ولفت المسؤول الحكومي إلى أنّ نقص الأدوية التخصصية، خصوصاً لمرضى الأورام وفيروس الكبد الوبائي، تسبب العديد من الوفيات لمرضى القطاع، بفعل التقليص المستمر للأدوية والمستلزمات الطبية لمستشفيات قطاع غزة من الاحتلال وحكومة التوافق.

وأشار إلى أن وزارة الصحة في غزة تقوم بالتواصل بشكل مستمر مع منظمة الصليب الأحمر الدولية ومنظمة الصحة العالمية، لمنع تفاقم الوضع الصحي في القطاع المحاصر منذ ثماني سنوات.

اقرأ أيضاً:الحرب تقتل مرضى الكلى

المساهمون