مشروع قانون للقضاء على التمييز العنصري في تونس

مشروع قانون للقضاء على التمييز العنصري في تونس

28 يونيو 2016
أكثر من مليون مواطن أسود في تونس (الأناضول)
+ الخط -

مع تكرار الحوادث العنصرية في تونس، ترتفع الأصوات الداعية إلى التصدي لها، خصوصاً أنّ أصحاب البشرة السوداء يشكلون نسبة لا يستهان بها من المواطنين. ويسعى حقوقيون إلى القضاء على الظاهرة من خلال مشروع قانون.

على الرغم من أنّ الدستور التونسي ينص على نبذ أي تمييز على أساس لون البشرة، وتأكيده أنّ "المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات وهم سواء أمام القانون من غير تمييز"، إلا أنّ المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والشبكة الأورو متوسطية لحقوق الإنسان، قدما منتصف الشهر الجاري إلى البرلمان مشروع قانون أساسي يتعلق بالقضاء على التمييز العنصري.

يؤكد أصحاب المبادرة أنّ هذا القانون يهدف إلى تحقيق المساواة واحترام الكرامة الإنسانية عبر التصدي لمختلف أشكال التمييز، من خلال تتبع مرتكبيه ومعاقبتهم ووضع الآليات الكفيلة بحماية ضحاياه. وكذلك، القضاء على كافة أشكال التمييز بين البشر، سواء القائم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الدين.

وينص مشروع القانون على ضرورة أن "تضع الدولة التدابير اللازمة، من خلال سياساتها الوطنية أو الجهوية أو المحلية والخطط الاستراتيجية، بما في ذلك تخصيص الميزانيات الضرورية، بهدف تنفيذ وتقييم ومتابعة مكافحة النعرات المؤدية إلى التمييز العنصري. كما يهدف إلى تعزيز التفاهم والتسامح بين كافة الأجناس والمجموعات والفئات باختلاف انتماءاتها.

كذلك، يركز المشروع الذي ورد في 36 فصلاً على ضرورة وضع برامج تعليمية وتربوية تنطلق من مؤسسات التعليم والتربية والتأهيل. ويختص ذلك بتأهيل المربين حول ثقافة المساواة وعدم التمييز، وصولاً إلى تأهيل القضاة بشكل مستمر ومعمق لتطوير طرق التعاطي مع القضايا والشكاوى المرفوعة أمامهم والتي ترتبط بالتمييز العنصري.

يعتبر رامي الصالحي، من الشبكة الأورو متوسطية لحقوق الإنسان ، أنّ مبادرة مشروع القانون جاءت "استجابة لواقع موضوعي، إزاء عديد الشكاوى الصادرة من جمعيات ومنظمات ومواطنين، من ممارسات عنصرية وقع إثباتها"، مشيراً إلى أنّ مشروع القانون أنجزه عدد من الخبراء.




يذكر أنّ المبادرات بخصوص إنجاز مشروع تجريم التمييز العنصري انطلقت منذ عام 2013، فقد بادرت جمعية "آدم للمساواة" بمطالبة البرلمان يومها بضرورة وضع نص يختص بمقاومة التمييز العنصري. يؤكد العضو في الجمعية توفيق الشعري، لـ"العربي الجديد"، أنّ أكثر من مليون مواطن تونسي هم من أصحاب البشرة السوداء، ويشكّلون ما بين 10 في المائة إلى 15 في المائة من مجموع السكان. لكنّ مشكلة العنصرية في مؤسسات التربية والوظائف وفي المجالين الاجتماعي والسياسي ما زالت حاضرة بقوة. وقد وصل إلى الجمعية العديد من الشكاوى الصادرة عن أشخاص تعرضوا للتمييز العنصري، لا سيما على أساس اللون والعرق. وهو ما يتطلب سنّ قانون يجرّم المسألة وينص على عقوبات قانونية في حال ثبوت الأمر".

مسألة طرح قضية التمييز العنصري على أساس اللون في تونس، تبدو لدى البعض وكأنّها مفتعلة، خصوصاً مع عدم تذكّر التونسيين طرح هذه المسألة للنقاش العام قبل الثورة أو تناول وسائل الإعلام لها. كما ينفي البعض، خصوصاً المسؤولين، وجود اضطهاد عنصري بحق أصحاب البشرة السوداء في تونس. لكن، يرى البعض الآخر أنّه بالرغم من أنّ تونس تعتبر سباقة في إلغاء الرق منذ عام 1846 ونشر المساواة، إلّا أنّها ما زالت تشهد حتى اليوم حالات من التمييز العنصري تجاه أصحاب البشرة السوداء. وظلت هذه الظاهرة راسخة في سلوكيات بعض الأفراد.

يعود بذلك الجدل حول ظاهرة التمييز ضد السود في تونس، خصوصاً بعد تناول الإعلام بعض المسائل وعرض بعض السلوكيات التي صدرت عن مواطنين، بما في ذلك حادثة شتم مساعد حكم مباراة في الدوري التونسي لكرة القدم لاعباً أفريقياً من ساحل العاج بوصفه بعبارة "الكحلوش" العنصرية المحلية التي توحي باحتقار أصحاب البشرة السوداء. وهي عبارة قديمة موروثة من عهود العبودية، شأنها شأن عبارات أخرى مثل "أسود"، و"شوشان" و"وصيفية" والأخيرة تعني العبدة.

وفي حوادث أخيرة، رفض مصلون أداء الصلاة وراء إمام أسود في قابس، جنوباً. وخصصت حافلة للسود وحافلة للبيض في المدينة نفسها. كما أنّ الزواج يكاد يكون منعدماً بين السود والبيض، وإن حدث فإنّه يتسبب في قطيعة بين العائلات. وهي حوادث توتر العلاقات الاجتماعية.

من جهتها، تقول رئيسة الجمعية التونسية لمساندة الأقليات أمينة الثابتي، لـ"العربي الجديد": "العنصريّة لها جذورها في تونس، فبالرغم من أنّ العبوديّة ألغيت قانونياً لكنّ العنصرية بقيت ثقافة الأغلبيّة، لا سيما عبر استخدام الألفاظ المهينة حتى اليوم. وذلك بسبب غياب قانون يجرّم كلّ لفظ من شأنه أن يمسّ كرامة الآخر على قاعدة اللون أو الجنس أو الدين".