وفاة طالبة سعودية يعيد فتح قضية الاختلاط

وفاة طالبة سعودية يعيد فتح قضية الاختلاط

15 فبراير 2014
+ الخط -

أعادت وفاة طالبة سعودية، في حرم جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز في الرياض، إلى الواجهة ملف حوادث موت الطالبات في المنشآت التعليمية السعودية. وهي حوادث تكررت في الأعوام الأخيرة، لتأخر الإنقاذ، الناجم عن الخوف من الاختلاط لدى المسؤولين في تلك المنشآت، حسب وسائل الإعلام.

وأعلنت الجامعة، في بيان للمتحدث باسمها، الدكتور أحمد التميمي، أن طالبة الماجستير، آمنة باوزير، توفيت إثر تعرضها لأزمة قلبية مفاجئة، وأنه فور علم العيادة الداخلية في الجامعة بحالة آمنة، وصلت إليها ممرضتان بعد خمس دقائق فقط، بينما وصلت سيارة الإسعاف إليها بعد نصف ساعة من الإبلاغ، وبعد ربع ساعة  نقلت إلى المستشفى الجامعي الذي تابع حالتها، إلى أن توفيت بعد نصف ساعة تقريبا. وأفاد البيان بأن الطبيبة والممرضتين اللتين أرسلتهن العيادة اكتشفن توقف القلب والرئة للطالبة.

غير أن وسائل إعلام تناقلت خبر تأخر عملية إنقاذ الطالبة، وقالت الناشطة الاجتماعية، الدكتورة هتون الفاسي: "لا شك أن قدر آمنة باوزير كان أن تقضي شهيدة علم ذلك اليوم، لكن هذا لا يعني أن لا نتوقف عند ما كان ينبغي أن يكون عليه التصرف، أو أن نوجه أسئلة كبيرة بشأن هذه الوفاة التي لا يمكن للجامعة أن تنكر مسؤوليتها عن تأخر التعامل معها، مهما كانت السرعة التي وصفها المتحدث الإعلامي للجامعة، وأنها استغرقت ساعة واحدة". وأضافت، "عندما وصلت الممرضتان إلى كلية الآداب، الدور الثالث، لم تستطيعا إسعاف الطالبة، لم يكن معهما سوى جهاز ضغط لا يسمن ولا يغني من جوع، وعربة كرسي لا يمكن نقل الطالبة عليها. كما أن أبنية الجامعة الجديدة الفخمة ليست معدة لتستوعب الحالات الطارئة".

وأوضحت الفاسي: "لا يبدو أن لإسعاف الحالات الطارئة أية آلية واضحة المعالم، تخول قيادات الجامعة النساء اتخاذ قرارات سريعة منهجية للإسعاف السريع، من توفير وسائل النقل، أو للاتصال سريعاً بالبوابة، وإبلاغ الأمن مساعدة وتسهيل دخول الإسعاف، وليس هناك آلية إخطار الطالبات بالحالة الطارئة في الجامعة، حتى يحتطن من دخول "الذئاب البشرية". وتساءلت: "كيف نتعامل مع امرأة مغمى عليها حتى الموت، في وسط نسائي معزول ومفصول عن عالم الرجال، ويجب أن يحافظ على فضيلة هذا الوسط، بأن يبقى في إطار لا يُرى بأي شكل، ولو على "جُثتي"، ونعتبر، كل هواء مر به رجل، اختلاطاً، سوف ينال من الفضيلة". وتساءلت: "كيف هي نظرتنا للمؤسسة التعليمية النسائية المحصنة بالأسوار والأبواب والأقفال التي تحتاج إلى أذونات وتصاريح في الدخول والخروج من باب الحماية القاتلة؟".

وكتبت الدكتورة هند زاهد: "لم تكن قصة آمنة باوزير، رحمها الله، ولن تكون بدعاً في بلادنا الغالية، ما دام المجتمع والأنظمة التشريعية الرسمية، والإجراءات في المعاقل التعليمية تتعامل مع المرأة بمنطق العار، وفزاعة الاختلاط وسد الذرائع والستر والانتظار، حتى يتم إخلاء المبنى من الطالبات".

وأعاد موت طالبة الماجستير، آمنة باوزير، إلى الأذهان حادثة وفاة 15 طالبة تراوحت أعمارهن بين 12 و17 عاما، دهسا أو اختناقا، لإلقائهن أنفسهن من نوافذ مدرسة داخلية للبنات، في مكة المكرمة، شب فيها حريق عام 2002. وعدّ هذا الحريق الأشهر بين الحرائق في المدارس في السعودية. وكانت من نتائجه إقالة رئيس تعليم البنات، الدكتور، علي بن مرشد المرشد، في حينه ودمجت رئاسة تعليم البنات في وزارة المعارف (التربية والتعليم حاليا)، بعدما كان تعليم البنات مستقلا إداريا. وأتى ذلك الحريق على المدرسة، وكان فيها 835 طالبة و55 امرأة، وأرجعت السلطات المختصة الحريق إلى تماس كهربائي، إلا أن تحقيقات لجنة كلفت متابعة القضية أكدت أن الحادث تسبب به عقب سيجارة ألقي على أوراق.

كما أدى حريق مماثل في تشرين الأول/نوفمبر2011 في مدرسة أهلية للبنات في جدة إلى وفاة معلمة وطالبة، وإصابة أكثر من 32 طالبة، بينهن أربع إصابات خطيرة، ونقلن عن طريق الإخلاء الجوي بطائرات الهلال الأحمر السعودي. وأثار الحريق حالة ذعر وبكاء الطالبات وصراخهن. ورمى بعضهن أنفسهن من الطابق الثاني، فتعرضن لإصابات بليغة، وأصيب عدد منهن باختناق، جراء استنشاقهن الدخان الكثيف المتصاعد من النيران.

وصرح رئيس هيئة الهلال الأحمر السعودي، الأمير فيصل بن عبد الله بن عبد العزيز، إن الهيئة سترفع شكوى أمام الجهات المختصة ضد أي مسؤول أو موظف، مهما كان، في كل منشأة، وضد كل موظف يكون سببا في إعاقة فرق الإسعاف ومنعها من أداء عملها. وشدد على أن الدين حث على المحافظة على صحة الإنسان، وأن القاعدة الفقهية هي أن الضرورات تبيح المحظورات. وأوضح أنه لن يتم قبول التسبب في وفاة الإنسان بأعذار وحجج اجتماعية، لا علاقة لها بالدين والنظام