صفر الإملاء.. 300 ألف تلميذ في مصر

صفر الإملاء.. 300 ألف تلميذ في مصر

21 مايو 2015
"المرحلة الابتدائية في مصر والتي تُعدّ اللبنة الأولى، فشلت"(الأناضول)
+ الخط -
في سابقة من نوعها، حصل أكثر من ربع مليون تلميذ مصري في الصفَّين الثالث والرابع ابتدائي، على "صفر" في مادة الإملاء، في خلال امتحانات نهاية العام الدراسي في المؤسسات التعليميّة التابعة لوزارة التربية والتعليم. ويعلّق هنا الخبير التربوي، عميد كلية التربية الأسبق في جامعة الإسكندرية، كمال نجيب، قائلاً إن "تصريحات وزير التربية والتعليم الدكتور محب الرافعي التي قالت بحصول أكثر من 300 ألف تلميذ على هذه النتيجة، تؤكد الكارثة التعليمية التي تخبرها مصر في الوقت الحالي وتدلّ على مدى تراجع منظومة التعليم فيها".

ويوضح نجيب، في حديث خاص إلى "العربي الجديد"، أن "تقرير المركز القومي للامتحانات الذي يبيّن تراجع مستوى تلاميذ الابتدائي في مواد اللغة العربية والرياضيات والعلوم، يؤكد أن المرحلة الابتدائية في مصر التي تُعدّ اللبنة الأولى، فشلت. وهو ما يدلّ على أن منظومة التعليم في خطر"، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من الخريجين - خصوصاً أصحاب الدبلومات الفنية - يعانون "أميّة تعليميّة" لدرجة أنهم "لا يعرفون شيئاً عن جدول الضرب، وهو شيء مؤسف وخطير".

عيّنة من أوراق أحد التلاميذ الحاصلين على صفر (العربي الجديد)


يضيف أن فشل المرحلة الابتدائية التي تُعدّ بداية "السلّم التعليمي"، سببه "عدم وجود معلم جيّد يعي كيفية إيصال المعلومة إلى التلميذ، والاستعانة بمدرّسين غير أكفاء". ويشير إلى أنه "مذ ألغيت كليات التربية، انحدر مستوى المرحلة الابتدائية في مدارسنا، بالإضافة إلى الحشو الكثير في مناهج التعليم. وقد بات التلقين والحفظ هما السائدين".

ويقول نجيب إن "التعليم هو قاطرة التنمية والتقدم في أي مجتمع في العالم، لكن نسبة الإنفاق على مرحلة التعليم الأساسي ضعيفة جداً بالمقارنة بعدد كبير من الدول العربية والإسلامية". يضيف أن "التخوف الأكبر من جرّاء انهيار التعليم الابتدائي، هو ضعف التلاميذ في اللغة العربية إذ هي اللغة الأم التي يفترض تنميتها في هذه المرحلة"، مشيراً إلى "من يفرّط بلغته كمن يفرّط بوطنه. لذا ما تعانيه مصر من انهيار اقتصادي واجتماعي وثقافي يرجع إلى عدم إصلاح نظام التعليم، وإلى أنه ما من اتفاق قومي اليوم لمواجهة هذه القضية، بالإضافة إلى ضبابية الممارسة الديمقراطية. لذا يجب إعادة النظر في الإصلاح البنيوي للمجتمع وحصول الجامعة على الاستقلالية والممارسة الديمقراطية".

ويعيد نجيب التدهور إلى "الخطأ الذي ارتكبته الحكومات التي لم تؤمن بأهمية التعليم وأهملته وأهملت الإنفاق عليه، حتى وصلنا إلى طابور طويل من العاطلين من العمل". ويتابع: "إذ ما أردنا رؤية الفارق ما بين الدول التي اهتمت بالتعليم والدول التي أهملته، فلننظر إلى اليابان وكوريا وماليزيا والدول التي ظهرت في الأربعين عاماً الأخيرة". ويسأل: "كيف تطمح دولة إلى التقدم وتناطح الدول الكبرى في ظلّ أميّة تعليميّة؟". ويلفت إلى أنه "نظراً لعدم تأهيل الخريجين وإعدادهم للتعليم في المدارس، نجد آلاف التلاميذ الذين لا يجيدون القراءة ولا الكتابة، فيلجأون إلى الدروس الخصوصية التي تثقل كاهل الأولياء في ظل الضغوط المعيشية".

ويلفت نجيب إلى أن وزير التربية والتعليم السابق الدكتور محمود أبو النصر كان قد "اعترف من قبل بأن 30% من تلاميذ المرحلة الابتدائية لا يجيدون القراءة والكتابة وهي كارثة، إذ تعني أن ثلث هؤلاء الصغار أمّيون".

إلى ذلك، يقول نجيب إن "الدستور وضع القواعد والأسس لتطوير العملية التعليمية، لكنها بقيت حبراً على ورق ولم تفعّل على أرض الواقع. وهو ما أسهم في حالة التخبط الحالية التي تمر بها البلاد". أما الحل الأمثل لمشكلة التعليم في مصر بالنسبة إليه، فيكون "عن طريق تشكيل مجلس من عقول مصر في مختلف التخصصات لوضع منهج دراسي فعال يسهم في تحقيق رؤية المجتمع للوصول إلى الهدف المنشود من ازدهار مجتمعي. وهذا يحتاج إلى توفّر الإرادة السياسية للإصلاح وليس الحديث فقط عن رغبة في ذلك".

وكانت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية قد أعدت تقريراً حول التعليم في مصر بعنوان "ضياع جيل في مصر"، قالت فيه إن مؤسسات مصر مختلة وظيفياً وخصوصاً المنظومة التعليمية، مشيرة إلى أن عدداً كبيراً من التلاميذ الذين تتراوح أعمارهم ما بين 11 و12 عاماً لا يجيدون القراءة والكتابة. أضافت أن معدلات الأمية في بعض المدارس الثانوية وصلت إلى 80%، في وقت يشتكي التلاميذ دائماً من عدم كفاءة المعلمين ومن محتوى الكتب الدراسية التي تعتمد على حفظ مواد مهولة. وهو الأمر الذي يراه التلاميذ مستحيلاً.

وإذ أشارت المجلة إلى أن النظام التعليمي المصري يُعدّ الأكبر في المنطقة العربية، بيّنت أنه يُعاني من تدنٍّ في معدلات الإنفاق. وأوضحت أن الحكومة أنفقت في عام 2011 ما نسبته 3.5% من ميزانيتها على التعليم، أي ما يُعادل 9.5 مليارات دولار أميركي، وهو ما يعني 300 دولار للتلميذ الواحد. لكن ثمّة تقديرات أخرى أشارت إلى أن المبلغ يتراوح ما بين 219 و250 دولاراً للتلميذ الواحد.

إقرأ أيضاً: رجعوا "التلامذة"