أحب تركيا ولن أكون إلا سورياً

أحب تركيا ولن أكون إلا سورياً

08 أكتوبر 2017
منحت تركيا الجنسية لسبعة آلاف مواطن سوري (سيم جينسو/الأناضول)
+ الخط -

ربّما هي حياة جديدة كُتبت للسوريّين الحاصلين على الجنسية التركية، وقد حصلوا على حقوق المواطنة الكاملة. وإن كانت الجنسية تسهل حياتهم في تركيا، إلا أنها تخلق لديهم خوفاً من المستقبل في الوقت نفسه. فهل يعودون إلى سورية؟

تبدو مشاعر اللاجئين السوريين الحاصلين على الجنسية التركية متضاربة، وقد أثّر الأمر على خططهم المستقبلية. يجزم البعض أنّه لن يعود إلى سورية مهما حصل، فيما ينتظر آخرون حصول تغيير جوهري في النظام السياسي في سورية بعد انتهاء الحرب. ويقول آخرون إنّ العودة ستحصل مهما كلّف الأمر.

ومنحت الدولة التركية الجنسية ل سبعة آلاف مواطن سوري من أصل نحو 120 ألف لاجئ سوري من ذوي الشهادات العليا وأصحاب الأموال ممن طلب منهم تقديم أوراقهم في حال رغبوا في الحصول على الجنسية، وذلك بعد اجتيازهم مراحل عدة من التدقيق في ملفاتهم أمنياً.

يوضح مدير إدارة المواطنة والنفوس في وزارة الداخلية التركية، أحمد ساراجان، خلال إجابته على تساؤلات لجنة حقوق الإنسان في البرلمان التركي، أنه يجب تقسيم المواطنين السوريين الحاصلين على الجنسية التركية إلى قسمين: الأول يضم أولئك الذي يحصلون على الجنسية التركية بموجب القوانين الحالية التركية حال أي مواطنين أجانب آخرين، وقد حصل 12 ألف سوري خلال الأعوام العشرة الماضية على الجنسية التركية، بينهم 6 آلاف و250 شخصاً مولودين لأب أو أم تركيين، و4500 حصلوا على الجنسية بعد زواجهم من مواطنين أو مواطنات أتراك، وألف آخرون حصلوا على حقّ المواطنة بعد إقامتهم في تركيا لأكثر من خمس سنوات. أما القسم الثاني، فيضم اللاجئين السوريين الذين حصلوا على الجنسية بموجب الاستثناء الصادر من رئاسة مجلس الوزراء، وعددهم 7 آلاف لاجئ سوري من الحاصلين على شهادات عليا، كالمهندسين والأطباء والمدرسين وأساتذة الجامعات وغيرهم من أصحاب رؤوس الأموال.

وفي وقت سابق، أكدت صحيفة "قرار" التركية الموالية للحكومة، أن إدارة الهجرة في وزارة الداخلية اتصلت أولاً بالمدرسين السوريين الذين يعملون في 433 مركزاً تعليمياً مؤقتاً تابعة لوزارة التعليم التركية، حيث يدرس التلاميذ السوريون. وأشارت إلى أن الأولويّة ستمنح للمدرسين نظراً للحاجة إليهم، وينتظر استكمال الدفعة الأولى من الحاصلين على الجنسية التركية لتصل إلى عشرة آلاف لاجئ سوري، على أن ترتفع تدريجياً لتصل إلى 30 ألفاً، وذلك من أصل نحو ثلاثة ملايين لاجئ سوري يتواجدون على الأراضي التركية، يقطن أقل من عشرة في المائة منهم في المخيمات المنتشرة في مختلف الولايات الحدودية التركية.




وتركز الحكومة التركية على منح الجنسية للمدرسين السوريين في مراكز التعليم المؤقتة، بسبب الحاجة إليهم لتجاوز مشكلة اللغة، خصوصاً أن هذه المراكز تعتمد على المنهاج السوري المعدل، والصادر عن الحكومة السورية المؤقتة، وتعليم اللغة التركية. ويهدف المشروع إلى دمج التلاميذ السوريين في نظام التعليم التركي بشكل تدريجي.

يقول الطبيب أحمد، الذي يعمل في أحد المراكز الطبية التي تتعامل مع اللاجئين السوريين: "كنت في غاية السعادة لدى حصولي على الجنسية التركية. لأول مرّة، سأتمكن من العيش بشكل طبيعي، وأستعيد جزءاً من حياتي التي كانت قبل الحرب. بتّ قادراً على الحلم بامتلاك منزل وعيش حياة طبيعية والتخلص من ضغط اللجوء".

وفي ما يخص عودته إلى سورية، يقول أحمد: "أكذب لو قلت إنني لا أريد العودة، لكن لن أعود إلى بلاد يحكمها بشار الأسد، أنا الذي دخلت سجونه وقتل عدد من أفراد عائلتي في حلب. لا أظن أن أطفالي سيعودون، فلا شيء في ذاكرتهم عن سورية. قبل أيام، كان طفلي البالغ من العمر خمس سنوات، يصرخ بأعلى صوته في الحافلة مردداً النشيد الوطني التركي". يضيف: "قرار العودة صعب للغاية. أحب تركيا ولا أستطيع أن أكون إلّا سوريّاً. أحياناً، تغلبني المشاعر وأتذكر حياتي في حلب، حتى أنني أوصيت عائلتي بالعمل على دفني قرب قبر والدتي في حلب، إن كان ذلك ممكناً".

من جهته، يؤكد الطبيب علي، الذي يعمل في أحد المراكز الصحية الخاصة بالسوريين في ولاية أورفة التركية، أنه تقدّم للحصول على طلب الجنسية. يقول: "قابلت إدارة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية في مايو/ أيار من العام الحالي، وتقدمت بالأوراق التي ضمت وثائق تثبت الجنسية السورية، وشهادة التخرج والزواج. وما زلت أنتظر الرد".

يرى علي أنّ حياته ستتحسّن كثيراً في حال حصل على الجنسية التركية. ويقول: "سأتمكن من تعديل شهادتي كأي مواطن تركي، والعمل، والحصول على دخل شهري كأي طبيب تركي. الأهم من ذلك، سأتمكن من متابعة تخصصي". وفي ما يتعلق بالعودة إلى سورية، يقول: "لا أكن لتركيا في قلبي إلا الحب. لكن العودة تتعلق بمدى ارتباط الإنسان ببلاده أو مدينته. العودة خيار موجود دائماً. في اللحظة التي أجد فيها إمكانية الاستقرار في سورية، سأعود على الفور، وقد يبدو الأمر جنوناً. لكنني فضلت الحياة في أورفة لأنها تشبه الرقة بنسيجها الاجتماعي". رغم ذلك، يشدد على أنه سيشعر بحزن شديد في حال رفض طلبه للحصول على الجنسية التركية.

المساهمون