صفقات على حياة النساء

صفقات على حياة النساء

21 أكتوبر 2016
تنكر مجتمعات حقوق النساء (براكاش ماثيما/ فرانس برس)
+ الخط -
هي ابنة خالة أمي. كان عمرها خمسة عشر عاماً حين قرروا تزويجها. لم يكن حينها من يدري بأن هناك مصطلح "زواج مبكر" أو من يناضل من أجل رفع سن الزواج إلى 18 عاماً. لم تتوقف المشكلة هنا، إذ لم تعرف من هو الرجل الذي سيكون زوجها. هي كانت عبارة عن صفقة "مقايضة". أراد أخوها أن يتزوج من امرأة فوافق الأهل بشرط أن يُعقد قران أخ العروس على أخت العريس. وبطبيعة الحال وافق الأهل. هل كان لها رأي في هذه الصفقة؟

بالطبع لا. تم تزويجها بالبدل، وعاشت مع رجل غريب عاملها بعنف وأنجبت منه خمسة أولاد، ومات. هي قصة تختزل قصص الكثيرات من النساء في البلدان العربية. قصص نساء سُلب منهن قرارهن ومصيرهن وحياتهن وما بينهما من أحلام وطموحات. ربما كانت تحلم بأن تتزوج من إبن الجيران مثلاً، أو من ابن عمها. لا يهم ما تحلم به. المهم أن يسود العرف ويصبح تقليداً.

قد يكون "زواج البدل" أحد أشكال "الصفقات" والمتاجرة أو الاتجار بالنساء. لا يهم أن يكون البدل "مادياً" مقابل النساء ليكون اتجاراً. هناك في مجتمعاتنا بدائل معنوية ذكورية يحرص الرجال على الحصول عليها كـ"الشرف" أو "كلمة الرجل" أو غيرها.

وإذا كان "زواج البدل" يتم تحت مسمى "صفقة زواج"، فهناك صفقات من أنواع أخرى موجودة في بعض المجتمعات في البلدان العربية. هي ممارسات عرفيّة قبلية فيما خص مصائر النساء وحياتهن في اليمن ولبنان وفلسطين وسورية والعراق وغيرها من البلدان العربية. إحدى هذه الصفقات تتم تحت مسمى "الدية" (مقابل مادي يتم دفعه مقابل مقتل شخص).

تفوّق الذكور في بعض المجتمعات في العراق على أنفسهم حين اخترعوا ممارسة تحت مسمى "زواج الفصلية". والأنكى هو حين كانت تتم هذه الممارسة ولا تزال تحت عين الدولة والقضاء. وزواج الفصلية هو ممارسة تتم في حال حصول جريمة قتل بين عشيرتين من القبائل، ليتم تقديم عدد من النساء للعشيرة الأخرى كتعويض "للخسارة"، ويتم التعامل معهن كسبايا وجاريات.

وتستمر عملية سلب النساء إرادتهن ومصائرهن بكثير من الأشكال الأخرى. فهناك النهوة العشائرية مثلاً وهي عرف عشائري موروث في العراق تقضي بتعطيل زواج المرأة من قبل ابن عمها بأن يتفوّه بكلمة واحدة للمتقدم لخطبتها وهي (أنت منهي)! وهكذا يُحكم على النساء أيضاً وأيضاً من قبل الذكور في العائلة والعشيرة والمجتمع.

تنكر الكثير من المجتمعات ولا تزال حقوق النساء أو أنها تفشل بفهمها. هل يا ترى تظن هذه المجتمعات أن حق النساء يعني القيام بتشييئهن و"تسعيرهن" بحسب أعراف المجتمع وتقاليده؟ إذا كان الأمر كذلك، فهذه المجتمعات التي نعيش فيها لا تساوي قرشاً.

(ناشطة نسوية)

المساهمون