بيسان في ذاكرة أهلها

بيسان في ذاكرة أهلها

22 مايو 2015
هذا ما يذكره عن بيسان (العربي الجديد)
+ الخط -
يحملُ العمّ سامي سمعان بين يديه لوحة رسمها بأنامله، تختصِرُ ذاكرته عن مدينة بيسان. كان عمره نحو سبع سنوات حين سقطت مدينته، ليعيش على ذكراها. هذا ما يقوله لـ"العربي الجديد"، على هامش مشاركته في أمسية في مدينة الناصرة مساء الثلاثاء الماضي، نظّمتها لجنة أهالي بيسان بالتعاون مع لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين في الداخل الفلسطيني، بمناسبة الذكرى السابعة والستين لاحتلالها وتهجير أهلها.

تذكر المشاركون مدينتهم خلال الأمسية، من خلال إلقاء قصائد وعرض لوحات فنية، بالإضافة إلى بعض الشهادات. تفاصيل أنعشت الذاكرة والحنين في قلوب الحاضرين.

يُتابع سمعان حكايته قائلاً: "حين غادرت بيسان، كان عمري نحو ست سنوات ونصف سنة. اليوم، رسمتُ هذه اللوحة مستعيناً بتفاصيل ما زالت عالقة في ذاكرتي. كان وجهُ المدينة أخضر، تملؤها الينابيع وأشجار النخيل وغيرها". يُضيف أنها "كانت عبارة عن لوحة، تحيي الروح لشدة جمالها. في اللوحة، رسمتُ بيتنا كما أذكره". يقول: "أذكر أننا بقينا ثلاثة أيام تحت القصف، حتى علمنا أن بيسان سقطت، فخرجنا. بعض الأشخاص رفضوا الخروج ولا نعرفُ إن كانوا قد قتلوا من قبل العصابات الصهيونية. لن أنسى أبداً مشهد بكاء النساء".
يضيف سمعان: "حملت صورة البيت في ذاكرتي. وبعد سنوات طويلة، رسمته كما علقَ في مخيلتي. اليوم، لم يعد البيت موجوداً. أنشأ مكانه مبنىً لإحدى الشبكات الغذائية الإسرائيلية. حين كبرت، عملتُ في بيسان ولم أحتمل الأمر، وخصوصاً أن المكان الذي عملت فيه كان مواجهاً لبيتنا الذي ولدت فيه ولم يعد موجوداً".

أما رجا عودة، فيُعرب لـ"العربي الجديد" عن سعادته بـ"الأمسية". يقول: "ولدتُ في بيسان. وخلال اللقاء، عرفتُ كيف كانوا يعيشون هناك. كان عمري ثلاثة أشهر فقط عندما هُجّرنا، لكن ذاكرتي تحفظُ روايات وقصص الأهل. كانت الحياة أحلى في بيسان. لو كنا اليوم هناك لربما كانت حياتنا أفضل. أشعرُ بحنين كبير لبيسان، على الرغم من أنني لم أعش فيها. كانت بيسان مدينة عظيمة وجميلة. كل ما سمعناه عنها يؤكد ذلك. أرغب كثيراً في العودة إلى مسقط رأسي".

من جهته، يحكي الحاج أبو صالح، الذي كان متكئاً على عكازه، بلهفة عن بلده التي هُجّر منها. يقول: "أعرف كل تفاصيلها. زارني كثيرون وسألوني عنها. أنا مستعد لاصطحاب من يرغب في جولة فيها. أذكر كل شيء حتى طريقة توزيع العائلات والقبائل. أذكر سوقها الغني وينابيعها الغزيرة ومياهها العذبة ونخيلها الجميل. أتمنى العودة إليها يوماً ما. كانت بيسان مركزاً مهماً يأتي إليه الناس من كل حدب وصوب. خلال اللقاء، كنت أشم رائحة المدينة من جديد".

بدورها، تحكي رلى مزاوي، من لجنة أهالي بيسان، لـ "العربي الجديد" عن أهمية الأمسية، "التي تأتي في سياق إعادة المدينة إلى خريطة البلدات التي هجرها أهلها، وإلى الذاكرة. قبل نحو شهرين، أقمنا لجنة أهالي بيسان. هناك رغبة كبيرة لدى الناس في معرفة المزيد عن المدينة التي ينتمون إليها. تراهم يرغبون في سماع المزيد من الحكايات عنها وعن الحياة فيها. هذه أول فعالية جماهيرية لنا". تتابع أن "العديد من من أبناء شعبنا يُحبّون بيسان. وننوي تنظيم جولة مميزة، لتعريف الناس على تفاصيل المدينة، على غرار المسجد والكنيسة والبيوت والسوق وغيرها".

أيضاً، تحدث البروفيسور مصطفى كبها عن تاريخ المدينة وميزاتها وأهميتها. ولفت إلى ضرورة جمع الشهادات والمعلومات عنها، بالإضافة إلى غيرها من البلدات التي هُجّر أهلها منها. وقال إن "التنوع الذي شهدته المدينة جعلها نقطة جذب لكثيرين من أماكن مختلفة، وكانت متقدمة جداً في التجارة والحرف والصناعات اليدوية، وكان سوقها يعج بالناس على مدار العام".

يتابع كبها أن "بيسان كانت إحدى أعرق المدن الفلسطينية. وخلال فترة الانتداب العثماني ازدهرت المدينة، وأنشأت سكة حديد عام 1905، ربطت بين الأناضول ومكة المكرمة، وبين حيفا ودرعا وأماكن أخرى. ساهم العثمانيون في الحداثة سواء قصدوا ذلك أو لم يقصدوا".

بدوره، يلفت رئيس لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين واكيم واكيم لـ"العربي الجديد" إلى أن "السنوات الأخيرة تشهد نشاطات غير مسبوقة. وصار هناك لجان محلية تضم أهالي البلدات التي هجروا منها". يُضيف أن "نشاطات هذه اللجان مهمّة، وتنسجم مع لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين".

إقرا أيضاً: قضايا غزة في لوحات مجدل