العشائر العراقية تتقاتل بالمدفعية وأجهزة الأمن تتفرج

العشائر العراقية تتقاتل بالمدفعية وأجهزة الأمن تتفرج

26 سبتمبر 2015
سلاح العشائر يقوّض السلم الأهلي في العراق (GETTY)
+ الخط -



مع وفرة السلاح وعسكرة المجتمع العراقي، عادت مؤخراً ظاهرة التناحر والخلافات بين القبائل في المدن والمحافظات، لأسباب مختلفة كالثأر والتنازع على مياه السقي والأراضي الزراعية، أو التعصب القبلي، بشكل بات مقلقاً للسكان، وسط غياب تام لسلطة القانون والقوات الحكومية.

ظاهرة الخلافات والنزاعات بين العشائر العراقيّة، والتي زادت مؤخراً، تتحول في أغلبها إلى معارك دامية تستخدم فيها الأسلحة المتوسطة وحتى الثقيلة في بعض الأحيان، الأمر الذي ينذر بمجازر خطيرة في ظل غياب تام لسلطة القانون.

ويرى مراقبون أنّ استشراء ظاهرة معارك العشائر أمر مقلق جداً، ويحتاج إلى حلول جذريّة مثل سحب الأسلحة من العشائر، وإجبارهم على الخنوع للقانون، مؤكّدين أن الدولة تغضّ الطرف عن كل تلك المعارك ولا تستطيع حتى إجراء تحقيق فيها.

وقال عضو مجلس عشائر محافظة ديالى، الشيخ هذّال النداوي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العشائر في ما مضى كانت تركن إلى سلطتين، وهما سلطة العشائر، وهي الأدنى، وسلطة القانون وهي الأقوى في كل الأحوال"، مبيناً أنّ أيّ "نزاع كان يحدث بين العشائر كانت الحكومة تتدخل فيه وتنزع فتيل الفتنة بالتراضي، وإن لم يمكن فبالقوة، من خلال زجّ شيوخ وأبناء العشائر في السجون، وإجبارهم على القبول بالديّة (الفصل العشائري)".

اقرأ أيضاً: 80 في المائة من العشائر العراقية مطاردة

ويتابع "اليوم تشهد أغلب المحافظات العراقيّة، ومنها ديالى، معارك طاحنة، تستمر لفترات طويلة، قد تصل إلى شهر أو تزيد"، مبيناً أنّ "الخلاف الأخير الذي وقع بين عشيرتين في منطقة أبي صيدا التابعة لبلدة المقداديّة، منذ أكثر من أسبوعين لم ينته بعد، وأنّ العشيرتين لجأتا إلى استخدام مدافع الهاون وقاذفات آر بي جي 7، والقنابل اليدوية، الأمر الذي تسبب بقتل وجرح العشرات من أبنائهما". ولفت إلى أنّ "الأجهزة الأمنية تقف متفرجة فقط، ولم تستطع حتى الآن التدخل، ولا حتى سحب الأسلحة من العشيرتين".

من جهته، رأى عضو اللجنة الأمنيّة، في مجلس محافظة البصرة، هشام العلي، أنّ "غياب سلطة القانون والدولة شجّع العشائر على التمرّد"، مبيناً أنّ "من أمِنَ العقاب أساء الأدب". وأضاف أنّ "القانون العراقي في السابق كان يتعامل بحزم وقوة أمام استهتار كهذا بأرواح المواطنين"، مبيناً أنّ "من يستخدم الأسلحة المتوسطة من غير القوات الأمنيّة كان يعدم بدون اللجوء إلى المحكمة، الأمر الذي كان يزرع الخوف في قلوب المواطنين".

وتابع أنّ "القوات الأمنية اليوم عاجزة أمام العشائر، ولم تستطع محاسبة أو معاقبة أي من أبنائها، الأمر الذي دفعهم للتمادي والتمرّد على الدولة بشكل خطير".

اقرأ أيضاً: سلطة العشائر أقوى في العراق

بدوره، أشار الشيخ برهان المسلّماوي، أحد شيوخ محافظة المثنى، إلى أنّ "الغريب أنّ قادة الأجهزة الأمنية والمسؤولين في الدولة يقفون مع عشائرهم ويجهزونهم بالأسلحة خلال المعارك"، مضيفاً أنّ "المسؤولين والقادة يتحتم عليهم أنّ يأخذوا دورهم في الإصلاح، لا أن يؤجّجوا الفتن ويسلّحوا عشائرهم"، مطالباً الحكومة بـ"اتخاذ موقف حازم من هؤلاء المسؤولين ومحاسبتهم على تسليح العشائر".

وطالب الشيخ بـ"وضع قانون صارم لمحاسبة العشائر المتقاتلة، وسحب الأسلحة منها حتى الخفيفة منها، مقابل تقوية سلطة الدولة". وقال: "لا يمكن لبلد أن يحكم بسلطتين في وقت واحد، فإمّا عشائر أو قانون". وشهدت محافظات، البصرة وميسان وواسط وكربلاء والديوانية والمثنى، خلال الفترة الأخيرة، خلافات ومعارك عشائرية كبيرة، تطورت إلى استخدام الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وتسببت بسقوط مئات القتلى والجرحى.

اقرأ أيضاً: الكوليرا والانفجارات تفسدان أجواء العيد في العراق

المساهمون