لأنّ النساء يستطعن

لأنّ النساء يستطعن

20 مارس 2016
كسرت بعض السعوديات الحظر فعوقبن (فرانس برس)
+ الخط -
يمكن لفاطمة أن تقف وسط الجمهور في إحدى الندوات التي عقدت في الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت عشية يوم المرأة العالمي، وترفع صوتها في وجه وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق. يمكنها أن تصرخ به حين يحمّل النساء مسؤولية "تقصيرهن" في المشاركة السياسية. يمكنها ذلك لأنّها ببساطة تستطيع. يمكن أيضاً لإحدى الشابات أن تصرخ في وجه الرجل الذي تحرّش بها في الشارع، وأن تلتقط له صورة تظهر وجهه. يمكنها أيضاً أن تضع صورته على موقع "فيسبوك" وتوسم الصورة بـ"إمسك متحرش". هي أيضاً يمكنها القيام بذلك لأنها تستطيع. يمكن لمايا التي تبلغ من العمر سنتين ونصف أن ترمي الدمية التي أحضرها لها جدها وأن تفضل عليها لعبة القطارات. تفكّها وتركّبها وتقضي وقتاً في اللعب بها. يمكنها أن ترفض الدمية وتلعب بما يحلو لها، لأنها أيضاً تستطيع.

في المقابل، تطول لائحة الأمور التي لا يمكن للنساء من حول العالم القيام بها بحكم القوانين أو الأعراف. على سبيل المثال، لا تستطيع النساء في إيران دخول ملاعب كرة القدم لأنّه ممنوع بقوة القانون. لا تستطيع النساء في السعودية دخول الملاعب ولا قيادة السيارة لأنهما أيضاً ممنوعان قانونياً. أما في لبنان، وفي معظم البلدان العربية، لا تستطيع المرأة التي تزوجت من رجل من غير جنسيتها أن تعطيه وأولادها جنسيتها. في الصين لا تستطيع النساء مثلاً التخصص في تكنولوجيا المناجم لأنه اختصاص محصور بالرجال.

أن تكبر الفتيات وتعيش النساء في سياقات تمنعهن وتقيّدهن، يكبرن ويقتنعن شيئاً فشيئاً أنه لا يمكنهن. كبرنا على مقولة أنّ الفرد وحده لا يمكنه مواجهة منظومة بكاملها. قد تكون هذه المقولة صحيحة لأنّ منظومة التمييز متشعبة أفقياً في أذهان الناس وأنظمة المؤسسات وجذورها ضاربة في العمق. لكنّ النساء الأفراد يستطعن أحياناً، حيث تفشل بعض الأنظمة البديلة كالجمعيات أو الأحزاب. يستطعن إحداث خرق ما، فلا أحد يعيش عن النساء حياتهن، ولا أحد يعرف غيرهن ماذا يعني المنع والقمع والتمييز.

أن تهاجم النساء السوريات في معرّة النعمان أحد مقرات "جبهة النصرة" للدفاع عن بلدتهن الأسبوع الماضي وتحرير معتقلين، هو لأنهن أردن واستطعن. وأن تحلم صالحة الطفلة البدوية الفلسطينية بأن تقيم كأس العالم لكرة القدم في بلدتها وادي أبو هندي في فلسطين، وأن يكون الخروف شعار المونديال هو أيضاً لأنها وبكل بساطة.. تستطيع.
الأمل هو حقاً فعل مقاومة.

*ناشطة نسوية

اقرأ أيضاً: أنا أعمل.. إذاً أنا موجودة

المساهمون