المرطّبات تنعش الإسكندريّة

المرطّبات تنعش الإسكندريّة

29 مايو 2015
يحاول التخفيف من أثر القيظ عليه (العربي الجديد)
+ الخط -

وسط موجة الحَرّ التي تجتاح مصر، تبدو الحياة مختلفة بعض الشيء في محافظة الإسكندرية (شمال)، بينما تزدهر بعض المهن الموسمية. وفي حين بدت شوارع المدينة شبه خالية من المواطنين، خصوصاً في مناطق وسط الإسكندرية وشوارعها، لليوم الثاني على التوالي، شهدت محلات بيع المشروبات والعصائر والمثلجات حركة ملحوظة لم تشهدها من قبل، بالمقارنة مع الفترة السابقة.

بخلاف العادة، يبدأ يوم العم جابر باكراً. هو أحد أقدم بائعي العرقسوس والسوبيا على كورنيش الإسكندرية. واليوم في عزّ الحرّ، الأهالي في أمسّ الحاجة إلى تلك المرطبات.

مع بزوغ الفجر، يستيقظ ويتوجّه إلى الكورنيش ليبدأ عملية غسيل "فنطاسه" (وعاء أسطواني كبير) فضيّ اللون وتلميعه، قبل أن يعدّ مشروبه الصيفي. بعد ذلك، يضعه في الثلاجة على درجة تبريد عالية، قبل أن يرتدي زيّه المميز الذي اشتهر به في شوارع المدينة وأزقّتها، ويبدأ عملية البيع.

يخبر العم جابر محمود أنه "منذ 22 سنة وأنا أعمل في ذلك، وقد ورثت عن والدي صناعة شراب العرقسوس وبيعه للمواطنين على الكورنيش، للتخفيف عليهم وإنعاشهم". يضيف: "في الأساس أنا أعمل طبعاً لأؤمّن لقمة عيشي ومصاريف الأولاد، لكن في الوقت نفسه أشعر بأن ما أقوم به هو في جزء منه إنساني، وهو ما يساعدني على العمل في هذا الجوّ وتحمّل ارتفاع درجة الحرارة الكبير". ويشير إلى أن موجة الحرّ اليوم "تدفعني إلى تحضير كميات مضاعفة من المشروب".

محسن عوض، أحد بائعي عصير القصب في أحد محلات منطقة بحري، يخبر أن "إقبال الأهالي على شراء العصائر والمرطبات والمثلجات في فصل الصيف يكون كبيراً عادة، إلا أنه يتضاعف كثيراً في خلال الموجات الحارة. في هذه الأحوال الجوية السيئة، يضطر الناس إلى تناول العصائر لتبريد أجسامهم". ويؤكد أن هذا ما هو حاصل اليوم مع الموجة التي تجتاح الإسكندرية، وبشكل ملحوظ بالمقارنة مع المعتاد". ويلفت إلى أن الناس "يقبلون على عصير القصب في خلال الصيف، نظراً لفوائده ورخص ثمنه".

من جهته، يقول الحاج خليفة حسنين، صاحب أحد محلات العصائر المثلجة والـ"آيس كريم" في منطقة الورديان في غرب الإسكندرية، إنه وعلى الرغم من الإقبال المتزايد على هذه الحلوى المثلجة في فصل الصيف، إلا أن العصائر تبقى أفضل الحلول لمواجهة حرّ الصيف الذي يتزايد في مثل هذه الموجات. ويوضح أن "العصائر تمتاز بترطيب الجسد أكثر من الآيس كريم، إذ إنها سائلة وترطب الجسم، ولا يزول أثرها بشكل سريع".

الحاجة فاطمة من هؤلاء الذين يقصدون محلات العصائر، تقول إن "أفضل علاج للحر الشديد في الصيف بالنسبة إلى الفقراء هو عصير القصب والخروب، وذلك لقدرتهما على الإنعاش وخفض درجة حرارة الجسم". تضيف أن عصائر الفواكه الأخرى لا تؤدي إلى النتائج نفسها.

أما يوسف محمود، فيرى أن "ارتفاع درجة الحرارة فرصة مناسبة لعدد من الشباب لإيجاد فرص عمل وتحقيق مكسب ما". وهو ما دفعه إلى بيع القبعات والنظارات الشمسية، بعدما أجبرت الموجة الحارة عدداً كبيراً من المواطنين على اقتنائها للوقاية من ضربات الشمس. ويتنقل بين مختلف المناطق خصوصاً تلك القريبة من الشواطئ، ليعرض تشكيلات مختلفة لجهة اللون والشكل للإناث والذكور على حدّ سواء.

من جهة أخرى، لم يمنع قيظ الصيف محمود فاروق من الالتحاق بعمله في المخبز. هو يشكو من اضطراره إلى العمل أمام وهج النار، "لكنني لا أستطيع التوقف عن ذلك، ليس فقط لحاجتي إلى اليومية التي تساعدني في سدّ احتياجات أسرتي المكونة من ستة أفراد، إنما أيضاً لتلبية احتياجات المواطنين من الخبز الطازج". يضيف: "ربنا يخفف عليّ وعلى غيري من الذين يعملون في هذه الظروف، مثل سائقي التاكسي والمعمارين".

47 درجة مئويّة

تجاوزت درجات الحرارة في مصر خلال اليومَين الماضيين المعدّلات المعهودة، لتسجّل أرقاماً تعدّ قياسيّة. وقد وصلت درجة الحرارة في القاهرة إلى 47 درجة مئويّة، متخطية دراجات الحرارة في بعض بلدان الخليج. وموجة الحرّ هذه التي تضرب البلاد، دفعت الناس إما للبقاء في منازلهم والحدّ من تحركاتهم، وإما للجوء إلى وسائل مختلفة قد تخفّف عنهم بعضاً من الضيق الذي تسبّب به هذا القيظ.

اقرأ أيضاً: أسماك قاتلة في الإسكندرية