طلاب لبنان يضرسون من الإفادات

طلاب لبنان يضرسون من الإفادات

10 سبتمبر 2014
الشهادة فقدت من خلال الإفادات، الكثير من رصيدها المعنوي(Getty)
+ الخط -

لم يحدث، منذ أواخر الثمانينيات، أن حصل طلاب لبنان على إفادات مدرسية من وزارة التربية بدل الشهادات الرسمية، التي تخوّل طلاب الثانوية العامة تقديم أوراقهم والدخول إلى الجامعات في لبنان وخارجه، أو الترفّع إلى صفوف المرحلة الثانوية بالنسبة لطلاب الشهادة المتوسطة، والمعروفة في لبنان باسم "البريفيه".

طبعاً السبب في هذا المصير يعود إلى المناخات التي تصاعدت خلال الأشهر الماضية وعصفت بالعلاقة بين وزارة التربية والتعليم العالي وهيئة التنسيق النقابية، المُمثِّلة للمعلمين والأساتذة في القطاعين العام والخاص. المعلمون، مثلهم مثل موظفي القطاع العام، يملكون كمّاً من المطالب العادلة والمؤجلة منذ سنوات. ووزير التربية، ومن ورائه الحكومة، يعتبران أن لا طاقة للموازنة العامة والأوضاع الاقتصادية في البلاد على تحمُّل نسبة الزيادة التي يطالب بها المعلمون والموظفون والبالغة 121 بالمئة، والتي تشمل العاملين في القطاع العام من مدنيين وعسكريين ومتقاعدين، ومعهم معلمو القطاع الخاص الذين تسري عليهم كل زيادة تُدفع للقطاع العام، والعكس.

قبل أن تصل الأمور إلى حد إعطاء الإفادات، كانت الاتصالات والمناشدات والتمنيات السياسية والروحية قد بلغت ذروتها. جالت وفود هيئة التنسيق على جميع رؤساء الكتل النيابية من دون استثناء، ولكن كل ذلك التجوال لم يَقُد إلى اتفاق أو تسوية تفتح على تصحيح المسابقات وإعلان النتائج. والمشكلة التي تبدّت لدى أي متابع هي أن مطالب الهيئة ضاعت في معمعة الصراع السياسي المحتدم بين كتلتي 8 و14 آذار، وهو الانقسام الذي يضاف إلى طريقة إدارة المعركة المطلبية تحت شعار "كل شيء أو لا شيء". وعليه، ظلت الأمور معلّقة حتى طُرحت على مجلس الوزراء قبل فترة، الذي فوّض وزير التربية، الياس بوصعب، البتّ بالموضوع لتأمين تصحيح الامتحانات وإنقاذ العام الدراسي والدخول إلى الجامعات بما فيه إعطاء إفادات للطلاب.

مع ذلك، كانت المراهنة أن تعود هيئة التنسيق عن رفضها التصحيح، فيحصل مَن ينجح على شهادة رسمية كونه اجتاز الامتحان ومَن يرسب يخضع لدورة ثانية، فإذا نجح كان به، وإذا لم يكتب له التوفيق، يضطر إلى إعادة صفّه في العام الدراسي المقبل. هذا ما ينطبق على طلاب الشهادتين المتوسطة والثانوية العامة، أكاديمية أو مهنية.

الخلاصة أن الشهادة اللبنانية فقدت، من خلال الإفادات، الكثير من رصيدها المعنوي. وهي كانت خسرت بعضه سابقاً ثم عادت لتستعيده إلى حد ما. المهم أن الجامعات أمام 40 ألف طالب يدقّون أبوابها دون مقاييس ولا كفايات فعلية مؤكدة يحملونها معهم من المرحلة الثانوية.

* أستاذ في كلية التربية - الجامعة اللبنانية

المساهمون