إفطار على شاطئ غزة

إفطار على شاطئ غزة

13 يونيو 2017
بحر غزة رحمة لنا كما رحمة رمضان (محمد الحجار)
+ الخط -

لا بد للمة العائلية أن تحضر على موائد الغزيين في شهر رمضان، فبدونها لا تكتمل الطقوس. لكن اللمة تظلّ منقوصة لأن غالبية الغزيين يتناولون الإفطار على موائد من دون إنارة في معظم الأحيان، وهذا منذ أكثر من عشرة أعوام. لكن الأزمة أقسى هذا العام لأن التيار الكهربائي لا يحضر سوى أربع ساعات في اليوم. وبسبب ذلك خرج الغزيون إلى شاطىء البحر أو المتنزهات باحثين عن فرحة إفطارهم المنقوصة في هذا الشهر.

رغم توجيه بلدية غزة تحذيراً للمواطنين بعدم التوجه إلى شواطئ البحر نظراً لتلوّثه بسبب ضخ كميات ضخمة من المياه غير المكررة فيه، إلا أنهم يقبلون عليه لأنه متنفسهم الوحيد، إلى جانب بعض المتنزهات العامة رغم ندرتها. وتصطحب العائلات معها الجيران والأقارب، حاملةً معها الطعام المعدّ مسبقاً في المنازل، كما يقوم البعض بالشواء على الشاطئ.

إحدى هذه العائلات عائلة مؤمن الصواف من سكان حي الشجاعية، شرق مدينة غزة. تحاول هذه العائلة الابتعاد عن مضخات المياه التي تكاثرت على شاطئ بحر غزة للتمتع بهواء "نظيف"، كما تعتمد الأسرة الشواء على شاطئ البحر لأنها مثل أسر كثيرة تعاني من أزمة الحصول على غاز الطهي.

يقول الصواف: "الكثير من العائلات تحب أن تجتمع في شهر رمضان على الإفطار وهذه عاداتنا. تعوّدنا في آخر عامين أن يكون إفطارنا عند الشاطئ لننعم بالهدوء بعيداً عن هموم الحياة، وهو المتنفس الوحيد للصغار والكبار من المواطنين في قطاع غزة". يضيف الصواف أن معظم العائلات عاشت أوقاتاً عصيبة أخيراً، وضغطاً كبيراً تخللته امتحانات الأبناء في المدارس إلى جانب أزمة انقطاع رواتب موظفي السلطة وأزمة موظفي حكومة غزة والتيار الكهربائي وصعوبة الحصول على بعض السلع والحاجيات المنزلية.




عائلة أخرى وهي عائلة أحمد الدسوقي، تحضر كل يوم تقريباً إلى شاطئ البحر لتناول الإفطار. تسكن العائلة بالقرب من منطقة الشيخ عجلين القريبة من كورنيش بحر غزة، لكنها تتواجد قرب شاطىء البحر في هذا الشهر أكثر من تواجدها في المنزل، إذ يتناول أفرادها وجبتي الإفطار والسحور قرب البحر.

يقول الدسوقي: "أعتبر بحر غزة بالنسبة لنا رحمة كما هي رحمة شهر رمضان. هنا لا أحد يحاسبنا على جلوسنا فالبحر للجميع حتى وإن كان ملوثاً. نحن لا نقترب من الماء، فالمهم بالنسبة إلينا تناول الطعام في الهواء الطلق". وتتكون أسرة الدسوقي من تسعة أفراد، وكان أبناؤه قد درسوا على شاطئ البحر قبل شهر رمضان، خلال فترة الامتحانات المدرسية. يشير إلى أن المنازل في غزة باتت بلا قيمة لأنها أصبحت معتمة دائماً وغير صالحة إلا للنوم.

إقبال الناس في شهر رمضان على شاطئ البحر دفع عدداً من أصحاب الكافتيريات إلى تقديم عروض استقطاب للزبائن بطريقة مريحة، كما يصفون. فقد قام بعضهم بتأجير خيام خاصة بنصف السعر المتعارف عليه. يقول صاحب كافتيريا الشاطئ، أيمن مقاط، لـ"العربي الجديد": البحر مثلما هو مصدر رزق لنا ومتنفس للأسرة يجب أن نستغله لاستقطاب الزبائن من دون أن نفكّر بالربح في هذا الشهر. استطعنا تقديم العديد من الخدمات للكثير من العائلات التي تتناول الفطور على الشاطئ ".

كما تشهد المتنزهات إقبالاً غير عادي من المواطنين لتناول الإفطار فيها. وتشهد هذه المتنزهات حضور الكثير من الأسر يومياً، مثل متنزهات البلدية والتفاح وبرشلونة والكتيبة في وسط مدينة غزة. في متنزه برشلونة في منطقة تل الهوا جنوب مدينة غزة، تفطر العشرات من العائلات يومياً تحت ضوء المتنزه الذي لا ينقطع ليلاً.

تجدر الإشارة إلى أن القطاع يعاني من أزمة حادة في الكهرباء حيث لا يتوفّر منها إلا أقل من 200 ميغاواط، من بين احتياجات القطاع من الكهرباء التي تصل إلى 400 ميغاواط على الأقل، وفق أرقام سلطة الطاقة والموارد الطبيعية الفلسطينية في غزة. ولا يصل التيار الكهربائي إلى المنازل إلا بين 3-4 ساعات يومياً مقابل 12 ساعة من الانقطاع.

يوم واحد فقط

تتناول أسرة أحمد بدوي وجبة الإفطار كل يوم في متنزه برشلونة. منذ بداية شهر رمضان لا يتذكّر بدوي إلا يوماً واحداً تناول فيه الإفطار مع عائلته بالتزامن مع تشغيل الكهرباء في منطقتهم الواقعة في تل الهوا بالقرب من المتنزه. يقول لـ"العربي الجديد": "تغيّرت وجهة استخدام المتنزه. بات مركزاً لزيارات العائلات التي تواعد بعضها بعضاً فيه بدل القيام بهذا الأمر في المنزل".