تونس: مستوردو اللحوم يضغطون على الحكومة بسلاح الأسعار

تونس: مستوردو اللحوم يضغطون على الحكومة بسلاح الأسعار

26 ابريل 2018
زيادة الطلب على اللحوم مع اقتراب رمضان (Getty)
+ الخط -
تستعمل شركات استيراد اللحوم الخاصة سلاح الأسعار من أجل الضغط على الحكومة للسماح لها برفع الكميات المستوردة بعد أن قيدت البلاد حجم الواردات للحفاظ على رصيد العملة.
ويتهم مستوردو اللحوم بالقطاع الخاص وزارة التجارة بالمساهمة في رفع أسعار لحوم الأبقار بسبب نقص العرض في السوق مؤكدين على أن الحل الوحيد لتفادي هذا الارتفاع هو تكثيف التوريد على مدى الأشهر المقبلة.
وتتعارض رغبة مستوردي اللحوم في تكثيف التوريد مع مخططات الحكومة التي تسعى إلى تقليص التزود من الأسواق الخارجية خوفا من استنزاف رصيد البنك المركزي من العملة الذي هبط إلى معدلات قياسية في الفترة الماضية.
وقال وزير التجارة عمر الباهي، في تصريحات صحافية، أخيراً، إن الوزارة كلفت شركة اللحوم الحكومية بتوريد 5 حاويات من اللحوم الحمراء أسبوعيا خلال شهر رمضان لتحسين العرض في الأسواق مع تحديد الأسعار بنحو 19.8 دينارا للكيلوغرام، أي ما يعادل 8.25 دولارات.
وأضاف الباهي أن هذه الكميات قادرة على الإيفاء بحاجات السوق المحلية التي سيتم دعمها بالمنتج المحلي وتوفير كميات كبيرة من لحوم الدواجن بمعدل 11 ألف طن من الإنتاج شهريا.
وتعتمد الأسر التونسية في شهر رمضان بشكل مكثف على اللحوم الحمراء، ما يرفع حجم الطلب بنحو الثلث مقارنة مع بقية أشهر السنة، حسب تقارير غير رسمية.




وغالبا ما تتسبب زيادة الطلب في ارتفاع الأسعار التي تناهز حاليا 24 دينارا للكيلوغرام من لحم الضأن، أي زهاء 10 دولارات، و23 دينارا لكيلوغرام لحم الأبقار، ما يعادل 9.5 دولارات، وسط توقعات بزيادات جديدة مع اقتراب شهر الصيام، ما يدفع المستوردين إلى اعتماد ذريعة الأسعار للضغط على الحكومة ومطالبتها بالسماح لهم بالاستيراد غير المشروط.
وتفرض وزارة التجارة قيودا على واردات اللحوم عبر تحديد الحصة السنوية المسموح بها للشركات الخاصة بحسب ما تحتاجه السوق وعدد من القطاعات المستهلكة على غرار القطاع السياحي، مع منح الأولوية للشركات الحكومية في تنفيذ برنامج التوريد.
وتمتلك وزارة التجارة، عبر أجهزتها، صلاحيات التدخل في منظومة اللحوم، وذلك بإسناد تراخيص الاستيراد من عدمها، حيث يتخذ القرار بناء على كشوف تقدمها منظمة المزارعين عن الكميات المطلوبة.
ويقول رئيس غرفة موردي اللحوم صلاح الدين فرشيو، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الخطة الحكومية لتزويد السوق باللحوم الحمراء غير موفقة، مشيرا إلى أن نقص العرض تسبب في ارتفاع غير مسبوق للأسعار.
وأكد فرشيو أن الكميات التي تقوم شركة اللحوم الحكومية بتوريدها تقتصر على تزويد نقاط البيع في العاصمة والمحافظات المحيطة، فيما تعاني بقية المناطق من نقص في التزويد، مشددا على ضرورة إشراك القطاع الخاص في تزويد السوق للمحافظة على الأسعار ومراعاة القدرة الشرائية للتونسيين.
ولفت رئيس الغرفة إلى أن القطاع الخاص يلعب دورا مهما في تعديل الأسعار وتحسين العرض، معتبرا أن تحجيم الواردات سيدفع إلى استنزاف الإنتاج المحلي باللجوء إلى ذبح إناث الأبقار والمواشي الصغيرة، وهو ما يهدد منظومة اللحوم برمتها، بحسب قوله.
ويطالب القصابون (الجزارون) بفتح المجال أمام شركات الاستيراد الخاصة والحكومية لتعديل السوق عبر اللحوم المجمدة والمبردة، فضلا عن توريد العجول القابلة للتسمين، بما يعزز القطيع المحلي ويدفع المربين إلى المحافظة على الإناث وتوجيهها نحو إنتاج الألبان.
وتقوم وزارة التجارة، منذ سنوات، بضبط برنامج سنوي لتوريد اللحوم تحدد كمياته وفق احتياجات السوق وبعد الاتفاق مع وزارة الزراعة، بما يساهم في المحافظة على توازن منظومة اللحوم وتوفير هذه السلعة في الأسواق بأسعار معدّلة.




ومنذ يناير/ كانون الثاني 2016، اتخذت وزارة التجارة، بطلب من منظمة المزارعين، قرارا بوقف توريد اللحوم من الأسواق الخارجية، بعد أن قدمت المنظمة بيانات تبرز قدرة الإنتاج المحلي على سداد احتياجات السوق.
وتعد الفترة الممتدة من مايو/ أيار إلى أكتوبر/ تشرين الأول موسم الذروة في استهلاك اللحوم لدى التونسيين، بسبب ارتفاع احتياجات الفنادق والمؤسسات السياحية، وموسم الأفراح وعودة المغتربين، بالإضافة إلى تزامن هذه الفترة مع شهر رمضان في السنوات الأخيرة، ما يؤدي إلى ارتفاع في الطلب بما لا يقل عن 30%، وفق بيانات كشفت عنها جمعية القصابين.
ويخضع تداول اللحوم الحمراء في تونس إلى مبدأ تحرير الأسعار، ولذلك تختلف من منطقة إلى أخرى حسب الكلفة.
وتفاقمت معاناة التونسيين المعيشية بسبب موجة الغلاء التي ضربت الأسواق، خلال الفترة الأخيرة، وأكد معهد الإحصاء الحكومي يوم 5 إبريل/ نيسان الجاري، ارتفاع نسبة التضخم خلال مارس/ آذار الماضي، إلى 7.6% من 7.1% في فبراير/ شباط الماضي، و6.9% خلال يناير/ كانون الثاني 2018.
ويعود ارتفاع نسبة التضخم، بحسب معهد الإحصاء، بالأساس إلى تسارع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 8.7% في مقابل 7.7% خلال فبراير/ شباط، وكذلك أسعار الملابس والأحذية التي سجلت 8% في مقابل 6.9%.

المساهمون