لبنان يشرع في تنفيذ إصلاحات اقتصادية مؤجلة

لبنان يشرع في تنفيذ إصلاحات اقتصادية مؤجلة وسط تصاعد الدين العام

30 اغسطس 2017
احتجاجات ضد إقرار الضرائب (حسين بيضون/ العربي الجديد)
+ الخط -

بدأ لبنان تطبيق إصلاحات لدعم اقتصاده الهش، بعد سنوات سيطرت فيها حالة من الشلل على عملية صنع القرار، غير أنه يتعرض لضغوط لتنفيذ المزيد من الإصلاحات للحيلولة دون خروج الدين العام المتزايد عن السيطرة.

والأسبوع الماضي، وقّع الرئيس ميشال عون، الذي انتُخب العام الماضي بعد أن ظل لبنان بلا رئيس 29 شهراً، على قانون زياد أجور القطاع العام وزيادات ضريبية لتغطية كلفتها، في إطار سلسلة من الخطوات الحكومية التي دفعت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية إلى رفع تقديرها للنظرة المستقبلية للبنان من سلبي إلى مستقر.

وكان مجلس النواب قد أقر جميع المواد الضريبية التي ستؤمن تمويلاً للسلسلة مع بعض التعديلات.

وتضاف هذه الضرائب إلى ضرائب أخرى أُقرت في جلسة مجلس النواب، خلال شهر مارس/آذار 2017، وأبرزها زيادة نسبة ضريبة القيمة المضافة من 10 إلى 11، وأهم الضرائب التي أقرت: 
-رسم 5 آلاف ليرة (نحو 3.5 دولارات) على المسافرين غير اللبنانيين لدى دخولهم الأراضي اللبنانية.
- زيادة رسم مقطوع على كل مستوعب يدخل المرفأ.
- غرامات نسبية على الإشغال غير القانوني للأملاك البحرية.
- إخضاع جوائز اليانصيب لرسم نسبي قدره 20% من قيمة الجوائز.
- الإبقاء على نسبة التخمين على الشركات والمؤسسات الخاصة 10%.
- رسم على عقود البيع العقاري بنسبة 2%.
- ضريبة قدرها 17% على أرباح شركات الأموال.
- إلغاء العفو الذي كانت تحظى به بعض شركات الأموال المسجلة في البورصة بنسبة 5%، لترتفع الضريبة مجدداً إلى 10%.
- ضرائب على فوائد وعائدات كافة الحسابات لدى المصارف وعلى أرباح المصارف بنسبة 7%.

الدين العام

تشير تقديرات وزارة المالية إلى أن هذه التدابير لن يكون لها أثر يذكر على الموازنة أو عبء الدين الذي يمثل ثالث أعلى مستوى للدين من حيث معدله إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهو أيضاً السبب الرئيسي الذي دفع وكالة موديز إلى تخفيض تصنيفها الائتماني للبنان.

ويطالب الاقتصاديون بضرورة إجراء إصلاحات أخرى لزيادة الإيرادات والحيلولة دون ارتفاع الدين، بما في ذلك إقرار ميزانية وإصلاح قطاع الكهرباء الذي يحظى بدعم كبير من الدولة وزيادة الضرائب على الوقود، وإصلاح عملية تحصيل الضرائب، وتحسين مناخ الاستثمار.

وقال وسام الحركة، الخبير الاقتصادي بالبنك الدولي في بيروت "شغلوا الحكومة وحركوا المؤسسات، فالأمل أن يبدأوا بمعالجة القضايا الكبرى بنفس الجدية والفاعلية".

وقبل انتخاب عون، في 31 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، ظل لبنان قرابة عامين ونصف العام بلا رئيس للدولة، وذلك لعجز البرلمان عن الاتفاق على مرشح.

ومنذ ذلك الحين، أخذت حكومة رئيس الوزراء، سعد الحريري، عدة خطوات لتحسين الاستقرار ودعم الاقتصاد، بالموافقة على تشريعات ترمي إلى تنشيط تطوير صناعة النفط والغاز، وإقرار قانون للانتخابات يمهد السبيل لإجراء انتخابات برلمانية العام المقبل.

ارتفع الدين اللبناني بشدة منذ بدأت الحرب الأهلية في سورية عام 2011. وتقول موديز إن معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي الذي يبين قدرة البلاد على سداد الدين سيبلغ نحو 140% في العام 2018.

وفي ضوء انخفاض الايرادات والنمو يعتمد لبنان على الودائع التي يرسلها ملايين المغتربين اللبنانيين في البنوك المحلية. وتشتري البنوك إصدارات الدين الحكومي التي تمول العجز المتنامي في الميزانية والدين.

ويقول الاقتصاديون إن الحكومة تحتاج إلى توليد إيرادات أعلى وزيادة النمو لدفع الاقتصاد للوقوف على أرضية صلبة.

وقال خبير البنك الدولي، وسام الحركة، إن مدفوعات الفوائد على الدين في العام 2016 التهمت نحو 48% من إجمالي الإيرادات للبنان، ارتفاعا من 38% عام 2014.

ومع إنفاق مبالغ كبيرة على دعم قطاع الكهرباء لا يتبق للبنان إيرادات تذكر لتطوير البنية التحتية المتهالكة لشبكات المياه والاتصالات والطرق وغيرها، والتي يمثل تطويرها أمرا ضروريا لتشجيع الصناعة المولدة للضرائب والنمو.

وتعمل الحكومة على رفع الضرائب، خاصة على الوقود، بما يقضي على نمو الدين، غير أن مجتمع الأعمال في لبنان يقول إن الزيادات المقترحة ستضعف النمو.

وقال جاربيس إيراديان، كبير اقتصاديي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد التمويل الدولي، إن هذه الزيادات قد تسفر عن بعض الضغوط التضخمية في الأجل القصير، لكنها ضرورية.

وأضاف أنه مقارنة مع دول مثل تركيا والمغرب والأردن، فإن "الضرائب في لبنان منخفضة".

وفي غياب القيادة السياسية أدار مصرف لبنان المركزي السياسة في هدوء، فاستخدم حزما تحفيزية وعمليات هندسة مالية مكلفة للحفاظ على استقرار الاحتياطيات الأجنبية واستمرار النمو.

وقد قال رياض سلامة، حاكم المصرف، إنه سيعمل على تثبيت الاستقرار ما دام الأمر يتطلب ذلك، لكي تصبح الحكومة أكثر كفاءة وتقر ميزانية وتعالج العجز الهيكلي.

وتقول مصادر مالية إن الثقة في سلامة عالية، لكن الاقتصاديين والمصرفيين قالوا إن البنك المركزي لا يمكنه تحمّل العبء إلى ما لا نهاية.



(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون