تونس: مفاوضات جديدة بين الحكومة والنقابات حول الأجور

تونس: مفاوضات جديدة بين الحكومة والنقابات حول الأجور

28 يناير 2019
جانب من الاحتجاجات العمالية في تونس (الأناضول)
+ الخط -

 

تلتقي الحكومة التونسية واتحاد الشغل مجدداً، اليوم الاثنين، في جولة جديدة من المفاوضات حول زيادة أجور القطاع الحكومي، وتفادي الإضراب العام الثالث الذي دعت إليه النقابات يومي 20 و21 فبراير/شباط القادم.

وتشدد منظمات مدنية وأحزاب سياسية، الضغط على الطرفين الحكومي والنقابي، من أجل إنهاء أزمة الأجور والمضي نحو تحسين المؤشرات الاقتصادية للبلاد، وتوجيه الاهتمام إلى ملفات معالجة التضخم والبطالة وتراجع سعر العملة المحلية الدينار.

ومنذ إعلان قرار الإضراب العام الثالث، اعتبر اتحاد الشغل أن لا نية لديه في مزيد التصعيد، وأن لديه رغبة جدية في إنهاء أزمة الأجور شرط تقديم التنازلات من الجانبين النقابي والحكومي.

وفي جلسة تمهيدية جرت الأربعاء الماضي، لم تقدم الحكومة أي عروض جديدة، مكتفية بالمقترحات التي توقفت عندها النقاشات السابقة قبل الإضراب العام الثاني الذي جرى في 17 يناير/كانون الثاني الجاري.

وقبل اتخاذ الاتحاد قراراً بالمضي نحو الإضراب العام الثالث، رفض الاتحاد مقترحاً تقدمت به الحكومة يقضي بزيادة 70 ديناراً (23.4 دولاراً) في عام 2019، و110 دنانير (36.7 دولاراً) في عام 2020، في شكل خصومات ضريبية، مؤكدا تمسكه بأن تكون الزيادات في شكل تحويلات مالية مباشرة تشمل العاملين والمتقاعدين على حد سواء.

وقال الأمين العام المساعد في اتحاد الشغل، حفيظ حفيظ لـ"العربي الجديد" إن "النقابة منفتحة على كل حوار جاد من أجل الوصول إلى اتفاقات مجزية تدعم القدرة الشرائية للموظفين، غير أنها لن تقبل بعرض الخصم الضريبي".

وأضاف حفيظ أن "نقطة الخلاف الأساسية في مسار التفاوض السابق كانت في مقترح زيادة القسط الثاني في شكل خصومات ضريبية، بينما يشدد اتحاد الشغل على أن تكون زيادة القسطين لعامي 2019 و2020 في شكل تحويلات مالية مباشرة".

وكان وزير المالية رضا شلغوم، قد أكد مؤخرا جاهزية الحكومة لصرف زيادات في حدود 600 مليون دينار (200 مليون دولار) تم تعبئتها من أجل الاستجابة لمطالب النقابات، غير أنها لا تستطيع التعهد بتعبئة موارد تفوق 800 مليون دينار (267 مليون دولار) وفق ما يطالب به اتحاد الشغل.

وقال شلغوم إن المبلغ الإجمالي للزيادة المقترح من جانب الحكومة يسمح للموظفين بالحصول على زيادة إجمالية في حدود 180 ديناراً (60 دولاراً) تصرف على قسطين خلال العامين الحالي والمقبل.

وتواجه الحكومة ضغوطاً قوية من صندوق النقد الدولي، الذي يطالبها بالتحكم في كتلة الأجور لخفض عجز الميزانية، ضمن حزمة إجراءات يشترطها لمواصلة إقراض تونس.

وكان إياد الدهماني المتحدث باسم الحكومة، قد قال في وقت سابق من يناير/كانون الثاني الجاري، إن الاستجابة لمطلب اتحاد الشغل بزيادة في الأجور تتجاوز كلفتها 800 مليون دولار، ستزيد من التضخم إلى أكثر من 10% من نحو 7.4% حالياً. لكن اتحاد الشغل يقول إن متوسط الأجر الشهري، وهو نحو 250 دولاراً، أحد أدنى الأجور في العالم.

وتنتظر تونس في فبراير/ شباط المقبل، الحصول على شريحة جديدة من قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 255 مليون دولار من أصل قرض بقيمة 2.9 مليار دولار.

وتشير بيانات معهد الإحصاء الحكومي، إلى أن نسبة التضخم ارتفعت من 4.5% في 2010 إلى 7.5% في ديسمبر/كانون الأول 2018. في المقابل، تراجعت نسبة النمو من 3.9% في 2010 إلى 2.6% في الربع الثالث من 2018.

وحسب المسؤول الحكومي، فإن كل زيادة تفوق قدرات الحكومة، ستدفع للاقتراض الخارجي، وتمنع تحقيق أهداف الحكومة بحصر نسبة عجز الموازنة في حدود 3.9%.

وتلتهم كتلة أجور موظفي القطاع الحكومي نحو 14% من إجمالي الناتج المحلي، فيما تسير الحكومة نحو خفض الفاتورة إلى 12.5% من الناتج المحلي الإجمالي في 2020. وتقدّر كتلة الأجور، وفق مشروع ميزانية الدولة لعام 2019، بنحو 16.48 مليار دينار (5.88 مليارات دولار).

ورأى الخبير الاقتصادي صادق جبنون، أن قرار اتحاد الشغل تحديد موعد تاريخ الإضراب العام القادم في 20 و21 فبراير/شباط المقبل، يعبر عن رغبته في ترك مساحة زمنية مهمة للتفاوض مع الحكومة وتفادي أي إضراب جديد.

وقال جبنون لـ"العربي الجديد" إن النقابات لا تريد الذهاب إلى إضراب جديد واستنفاذ كل حلولها ووسائل الضغط، لكنها في الأن ذاته لا تستطيع الخروج من المفاوضات دون مكاسب في حجم الوعود التي تقدمت بها لقواعدها.

وكانت النقابات العمالية قد نفّذت في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إضراباً عاماً شمل كافة الوزارات العاملة في البلاد، للمطالبة بتحسين الأجور وتحسين مستويات المعيشة، تلاه إضراب ثان في 17 يناير/كانون الثاني الجاري.

وأضاف جبنون أن الحكومة أيضا تبحث عن حلول تجنبها الاصطدام بصندوق النقد الدولي، الذي يربط مواصلة صرف شرائح القرض بتجميد كتلة الأجور، مشيرا إلى أن المفاوضات مع الصندوق تسير بالتوازي مع المفاوضات مع النقابات .

وتوقع أن تنتهي الحكومة إلى صرف زيادات مالية مباشرة للموظفين، خاصة بعد دعوة اتحاد الشغل إلى التصعيد وإعلانه عن قرارات جديدة، داعياً إلى مراجعة السياسات الاقتصادية العامة لتخفيض منسوب الاحتقان الاجتماعي الذي كشفته الإضرابات العامة.

وتابع أن زيادات الأجور لم تتسبب في زيادة التضخم، وإنما السبب الأكبر يعود إلى تراجع قيمة العملة المحلية، محملاً البنك المركزي مسؤولية تدهور قيمة الدينار أمام اليورو والدولار.

المساهمون