تصعيد عمالي في تونس... إضراب جديد لزيادة الأجور

تصعيد عمالي في تونس... إضراب جديد لزيادة الأجور والحكومة تريد "اتفاقاً واقعياً"

24 نوفمبر 2018
جانب من إضراب يوم الخميس الماضي لزيادة الأجور (الأناضول)
+ الخط -

 

أقر الاتحاد العام التونسي للشغل شن إضراب وطني عام في 17 يناير/ كانون الثاني المقبل، يشمل موظفي وشركات الدولة، للضغط على الحكومة لرفع الأجور، وذلك بعد وقت قصير من إلقاء رئيس الوزراء يوسف الشاهد خطاباً، اليوم السبت، قال فيه إنه يريد اتفاقاً واقعياً مع اتحاد الشغل يراعي المالية العمومية.

وتأتي الدعوة لإضراب جديد في عموم البلاد، بعد أن أضرب حوالي 650 ألف موظف حكومي عن العمل، يوم الخميس الماضي، وتجمع الآلاف في احتجاجات واسعة النطاق في أرجاء تونس، بعد أن رفضت الحكومة زيادة الأجور، وسط تهديدات من المقرضين بوقف تمويل الاقتصاد التونسي.

والحكومة تحت ضغط قوي من المقرضين الدوليين، وخصوصاً صندوق النقد الدولي، الذي يحثها على تجميد الأجور في إطار إصلاحات للقطاع العام تهدف إلى الحد من عجز الميزانية.

وكانت الحكومة قد توصلت إلى اتفاق مع اتحاد الشغل في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يقضي بزيادة أجور نحو 150 ألف موظف في الشركات الحكومية، إلا أنها عادت وجمدت الاتفاق بعد تحذيرات صندوق النقد الذي طالب الحكومة بالإبقاء على كتلة أجور القطاع العام تحت السيطرة لتجنب مشاكل خطرة متعلقة بالديون.

وأدان الاتحاد العام للشغل، اليوم، تنصل الحكومة من التزاماتها مع الاتحاد بخصوص مفاوضات زيادة أجور الوظيفة العمومية، معتبراً ذلك "ضرباً للحوار الاجتماعي وخضوعاً لتعليمات الدوائر المالية الأجنبية ورهن القرار السيادي الوطني لجهات خارجية".

وأشار إلى "تمسك الموظفين العموميين بمطلبهم المشروع في الزيادة المجزية لأجورهم والشروع الفوري في إنقاذ المرفق العمومي وإصلاحه ليلعب دوره الريادي اقتصادياً واجتماعياً".

وكان عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل منعم عميرة قد قال لـ"العربي الجديد" إن نسبة المشاركة العامة في الإضراب الذي شهدته تونس يوم الخميس الماضي بلغت 90%، مشيرا إلى أن هذه النسبة ارتفعت في بعض المحافظات إلى 100%، وشملت الوزارات والإدارات المركزية والمحلية في كل البلاد.

وشمل الإضراب المدارس والجامعات والمستشفيات العامة، بالإضافة إلى الوزارات، وحافظ بعض الخدمات على الحد الأدنى لتسيير العمل.

ووفق الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، فإن رواتب الموظفين باتت لا تغطي نفقات 7 أيام فقط نتيجة زيادة في كلفة المعيشة والتضخم، محملاً الحكومة مسؤولية محاصرة التونسيين بزيادات طاولت كل تفاصيل حياتهم.

وقال الطبوبي، بالتزامن مع تنفيذ إضراب يوم الخميس الماضي: "لا نية للتراجع وسنواصل الدفاع عن الحقوق المكتسبة للشغالين والمتقاعدين، ولن نسمح لأي حكومة بتمرير إملاءات تحاك في الغرف السوداء وراء البحار"، معتبراً تعديل الأجور حقّاً وليس منّة من أي طرف.

واعتبر إملاءات صندوق النقد الدولي بتجميد الأجور غير ملزمة للنقابة، التي تصدت سابقاً لمخطط التفويت في المؤسسات الحكومية (خصخصة المؤسسات).

لكن رئيس الوزراء يوسف الشاهد، قال اليوم، إنه يريد اتفاقاً واقعياً مع اتحاد الشغل يراعي المالية العمومية، في خطوة يبدو أنها تهدف إلى تخفيف التوتر الاجتماعي بعد تهديد النقابات بالتصعيد.

وتهدف الحكومة إلى خفض فاتورة أجور القطاع العام إلى 12.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020. وتقدر كتلة الأجور في القطاع الحكومي، وفق مشروع ميزانية الدولة لعام 2019، بنحو 16.48 مليار دينار (5.88 مليارات دولار)، أي ما يعادل 14.1% من الناتج الإجمالي.

وقد سجل حجم الأجور في الوظيفة العمومية تطوراً من 7.68 مليارات دينار (2.74 مليار دولار) سنة 2011، إلى 13.7 مليار دينار في 2017، بحسب دراسة أعدها المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية.

ورغم خيار تجميد الأجور، تقرّ الحكومة بصعوبة الوضع الاجتماعي والضغوط المعيشية التي يعاني منها التونسيون. وأظهرت مؤشرات رسمية لمعهد الدراسات الاستراتيجية التابع لرئاسة الجمهورية أن المقدرة الشرائية تراجعت في تونس بنحو 40% في السنوات الأربع الأخيرة فقط. كذلك ذكر المعهد الوطني للإحصاء أن راتب الموظف التونسي لا يكفيه سوى لأسبوع واحد.

وأعلن الشاهد بمناسبة تقديم موازنة 2019 أمام البرلمان عن تفعيل اللجنة الوطنية للتحكم في الأسعار تحت إشراف رئاسة الحكومة، مؤكداً اعتزام الحكومة شن حرب على غلاء المعيشة وعلى التهرب الضريبي. وقال إن لجنة مشتركة بين الحكومة واتحاد الشغل ستدرس إصلاح منظومة الدعم.

وكان مشروع قانون المالية (الموازنة)، قد أظهر مواصلة الحكومة تقليص مخصصات الدعم الموجهة للمحروقات (المنتجات النفطية)، مع الإبقاء على دعم المواد الأساسية في نفس مستوى العام الجاري. وبحسب وثيقة المشروع، قدّرت الحكومة نفقات إجمالي الدعم للعام المقبل بنحو 4.35 مليارات دينار (1.55 مليار دولار)، مقابل 4.9 مليارات دينار (1.75 مليار دولار) في 2018.

المساهمون