إجراءات تركية للحد من الاستثمارات غير الجادة

إجراءات تركية للحد من الاستثمارات غير الجادة

19 ابريل 2016
انتشار المطاعم السورية في تركيا (فرانس برس)
+ الخط -
تواصل تركيا مطاردة أصحاب الشركات الوهمية، من خلال إجراءات متنوعة، إلا أنها في نفس الوقت أبقت على التسهيلات التي منحتها للسوريين لإنشاء شركات جديدة. وتسعى الحكومة التركية إلى تنظيم عمل الشركات المؤسسة حديثاً، بعد أن زاد عددها في ظل دخول الكثير من المستثمرين إلى السوق دفعة واحدة الفترة الماضية.
وفي هذا السياق، أوضح رجل الأعمال السوري بإسطنبول، نزار بيطار، لـ "العربي الجديد"، طرق استغلال البعض ثغرات في التسهيلات التي قدمتها الحكومة التركية، حيث أسسوا شركات وهمية، فهربوا بعد فترة من التأسيس والاستفادة من الميزات الممنوحة، أو لم يفعّلوا شركاتهم إنتاجياً، إلا على الورق عبر المحاسب القانوني.
وقال بيطار، إن نسبة المخالفين قليلة ولا تتجاوز 10% من الشركات السورية المقامة على الأراضي التركية، والبالغة أكثر من 4000 شركة منذ عام 2011. وأكد أن ذلك السلوك يحصل من سوريين وغيرهم.
وحسب تعليمات وزارة العمل والضمان الاجتماعي، لن تستمر الشركات التي سيتأكد أنها الوهمية بتركيا، بعد أن أمهلتها الوزارة حتى شهر يونيو/ حزيران المقبل، لتصويب أوضاعها بما يتعلق بتسجيل العاملين واستكمال التراخيص للشركات غير المرخصة، وإلا ستغلق كما سيلاحق أصحابها بغرامات.
وقدمت تركيا منذ مطلع الثورة السورية عام 2011، تسهيلات بفتح متاجر ومطاعم ومنشآت صغيرة قبل استصدار الأوراق الرسمية، بالإضافة إلى عدم إخضاعها لشرطي تسجيل العمال أو تشغيل نسبة 90% منهم أتراك، وكانت ورقة من البلدية كافية لبدء السوريين بالعمل والإنتاج .
ويقول المستثمر بالقطاعات الغذائية، عبد المجيد عاشور، لـ "العربي الجديد"، بدأنا العمل عام 2012 بقطاع تصنيع وتوزيع السلع الغذائية، ولم تطلب أي جهة حكومية منا سوى وثيقة دفع الضريبة المالية "فيرغي"، ومن ثم نستكمل الأرواق خلال مهلة أقصاها 6 شهور، عن طريق محاسب قانوني تركي. وأضاف أنه بعد انقضاء المهلة مددوا لنا ستة أشهر أخرى وأعطوا إنذاراً لتسوية أوضاعنا، وحتى بعد انقضاء المهلة الثانية، لم يغلقوا أي شركة.
وأرجع عاشور الإقبال الشديد من السوريين على تأسيس شركات، إلى أن تركيا تكاد تكون البلد الوحيد بالعالم الذي فتح حدوده للسوريين وتساهل معهم في إقامة منشآت ومحال تجارية، واستقبلت أكثر من مليوني سوري.

وأكدت بيانات غرفة التجارة التركية أن عدد الشركات السورية المؤسسة بتركيا، خلال عام 2015 بلغ 1284 شركة، ليحصد السوريون المركز الأول، بعد أن حققوا المرتبة ذاتها عام 2014 في قائمة الشركاء الأجانب، حيث أسس السوريون 1131 شركة جديدة بقيمة 33 مليون دولار.
ودخلت الرساميل السورية في أكثر من مجال وقطاع تركي، حيث ركزت الكبيرة منها في صناعة النسيج والغذائيات، في حين تهافت الكثير على المشروعات الصغيرة، وأبرزها المطاعم الأغذية الشامية، حسب مستثمرين.
وفي هذا السياق، أكّد المحلل سمير رمان، لـ "العربي الجديد"، أن تركيا وطّنت منشآت سورية عديدة، إذ كانت الملاذ الوحيد والقريب للسوريين.
ولفت رمان خلال حديثه لـ "العربي الجديد" إلى أن بعض المدن التركية، بدأت تشعر بحدة منافسة السوريين، سواء فيما يتعلق بالعمالة المتدرّبة والرخيصة، أو بجودة السلع السورية وسعرها الأقل، ففي ولاية قونيا فقط، هناك نحو 40 ألف عامل سوري معظمهم لديه خبرة في صناعة النسيج والجلود، وهم يدخلون سوق العمل بأجور أقل من الأتراك، حسب تقارير غير رسمية.
وكان المستشار في مركز الدراسات الاستراتيجية التركية، جيواد غوك، أكد في تصريحات سابقة لـ "العربي الجديد"، أن السوريين دخلوا مجالات استثمارية كثيرة، أهمها النسيج وصناعة الجلديات والصناعات الغذائية، لكن التركيز، حسب بيانات غرفة التجارة، انصب على شركات الاستيراد والتصدير، ليستغل السوريون التطور الصناعي بتركيا ويصدرون الإنتاج لمنطقة الخليج العربي وأوروبا الغربية.


ويقول المدير التنفيذي لشركة "دارنا" باسطنبول، عميّر شعبان، لـ "العربي الجديد"، إن العديد من الشركات السورية الصغيرة، غير فعالة لكنها ملتزمة بتقديم فاتورة على الأقل كل شهر، ودفع ما عليها من ضرائب، عبر المحاسب القانوني التركي.
وقللت الصعوبات التي فرضتها تركيا في الآونة الأخيرة على إصدار تأشيرات لسوريين جدد، من عدد الشركات الوهمية، حسب شعبان.
ولا يزيد عدد الشركات السورية المرخصة بمدينة غازي عنتاب الحدودية، عن 571 شركة حتى مطلع العام الحالي، إلى جانب مئات الشركات غير المسجلة، رغم أنها من أكثر المدن استقطاباً للرساميل السورية، حسب الاقتصادي السوري محمود حسين، لـ"العربي الجديد".

ويتوقع رئيس تجمع المحامين الأحرار، غزوان قرنفل، حصار الشركات الوهمية، بعد انتهاء المهلة التركية منتصف العام الجاري. ويقول قرنفل لـ"العربي الجديد"، نصحنا السوريين وعبر طرائق كثرة، بعدم ترخيص شركات وهمية واستغلال التساهل التي أبداه القانون التركي.
وأشار قرنفل إلى أن مشاكل كثيرة ستنجم بعد تطبيق وزارة العمل القانون، فأمام عدم قدرة أصحاب بعض الشركات تسوية أوضاعهم سيضطرون لتصفيتها، ما يعني اضطرارهم أيضاً لبيع المكاتب أو الأراضي التي التي من خلالها على الترخيص.
وفي المقابل أكد بعض أصحاب الشركات لـ"العربي الجديد" أن الالتفاف على القانون ثانية ليس بالأمر الصعب للمحافظة على السجل التجاري أو الملكية المسجلة باسم الشركة.
وفي هذا الإطار قال مدير المبيعات بشركة "هومز" التركية أحمد الغزاوي، لـ"العربي الجديد"، "الحل عبر سماسرة شاطرين لكنها ستكون مكلفة". وأضاف، أن القانون التركي الذي يمنع السوريين التملك، يتحمل معظم المسؤولية عن انتشار الشركات الوهمية.
وأكد الغزاوي، أن تأسيس شركة في تركيا بهدف تملك شقق أو أراض، لا يستغرق أكثر من يومين لتحصل على الرقم الضريبي والسجل التجاري ويمكنك بعدها فتح حساب بنكي، والتكاليف لا تزيد عن 5 آلاف ليرة تركية (1.7 ألف دولار)، على حسب الشركة ونوعها وفترة التأسيس.
وأوضح أن هناك ثلاث حالات يمكن للسوريين خلالها التملك بتركيا وهي: تأسيس شركة والتي يعتبرها القانون التركي بمثابة شخصية اعتبارية يحق لها تملك العقارات في تركيا، وتأسيس شركة مع شخص تركي، والتملك باسم شخص أجنبي تركي أو غيره، ما دفع بعض السوريين للحل الأول، وهو تأسيس شركة وهمية ليتمكن من خلالها التملك والحصول على ميزات أخرى.


المساهمون