عقارات تركيا تستهوي نازحي سورية

عقارات تركيا تستهوي نازحي سورية

06 فبراير 2015
عقارات تركيا تسجل نموا كبيرا بسبب كثرة النزوح (أرشيف/GETTY)
+ الخط -

هروب أكثر من مليون ونصف المليون سوري من الموت باتجاه جارتهم الشمالية، جعل من تركيا ملاذاً للبعض، ونقطة انطلاق لكثيرين، فهناك مهن نقلها أهل الشام وأخرى اكتسبوها، لكن الأعداد الهائلة للنازحين جعلت قطاع العقارات هو الأكثر شهية وربما الأقل مجازفة، في واقع

الطلب على السكن الذي لما يتوقف حتى اليوم.

يقول علي الجاسم، أحد السوريين النازحين إلى تركيا ويعمل في قطاع العقارات: هربت من جحيم القصف اليومي على ريف حلب وبصحبتي أسرتي "أربعة أطفال وأمهم" إلى اسطنبول، بهدف الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، بعد أن سمعنا عن الطريق المفروش بالحرير إلى بلاد الأحلام. لكن ما رأيته من استغلال ومخاطرة، جعل من اسطنبول نهاية المجازفة.

وأضاف الجاسم: كان لقلة مدخراتنا المحدودة التي لا تزيد عن 4000 دولار، عامل المطرقة التي تضربني باستمرار لإيجاد عمل، لكن غربتي عن اللغة والمكان والعادات، جعلت من المكتب العقاري الذي أجّر لي منزلاً، محطتي شبه اليومية.

وتابع: "طلب مني صاحب المكتب العقاري العمل لديه، مقابل مساعدتي، وكانت طبيعة العمل هي توصيل الزبائن إلى المنازل وإطلاعهم على الخيارات والأسعار، نظراً لكون أغلبهم من السوريين".

وتطور الأمر مع الجاسم، إلى أن استقل بنفسه وأسس مكتبا خاصا للوساطة العقارية، بالقرب من مسجد الفاتح، أحد أشهر معالم مدينة اسطنبول.

وبنظرة تأمل كمن أدرك ما لم يخطر بباله، يقول الجاسم: "هنا، أتقنت فنون إقناع الزبون بالسكن والمنطقة، وتعلمت كتابة العقد وتصديقه، وكوّنتُ شبكة علاقات قوية مع سوريين وعراقيين ومصريين، وأصبح الطلب على مكتبي أكثر من المكتب الذي بدأت فيه المهنة، والذي يديره أحد الأتراك".

وقتها "وبكل محبة" قلت لصاحب المكتب إنني سأترك العمل وسأفتح مكتباً خاصاً بي، ولعل المفاجأة- يقول الجاسم- أنه تقبل الفكرة وتعهد بمساعدتي بكل ما أحتاجه في الدوائر الحكومية التركية.

ويقول السوري الجاسم: استأجرت مكتباً على شارع رئيسي، واستصدرت ترخيص شركة عقارية بكلفة 3000 دولار، ونقلت عدادات المياه والغاز والكهرباء باسمي، لأنني أعلم أن

العمل وفق القانون يريحني وإن زادت التكاليف، كما أنني تحسبت لأي وشاية من مكتب منافس، تذهب بكل أتعابي.

وبحسب مؤشر "نايت فرانك الدولي"، فإن تركيا من بين أكبر 10 أسواق عالمية في نمو أسعار العقار، فيما صنفت شركة "أرنست آند يونج" العقارية تركيا في المركز الثاني من بين الأسواق الأكثر جاذبية في العالم.

ونظراً لاتساع مدينة اسطنبول، وزيادة الطلب على الإيجارات، ووجود شباب سوريين كثر بحاجة إلى العمل، وظفت عندي خمسة سوريين: فتاتين وثلاثة شباب، وكلهم يجيدون التركية.

وعن أجور العمال السوريين ودخله الحالي، أضاف الجاسم: تتراوح أجور العاملين في المكتب بين 1000 و1200 ليرة تركية من دون أي نسبة، لقاء استقدامهم الزبائن، ولا يوجد دخل ثابت للمكتب، ولكن بشكل وسطي نحو 5 آلاف دولار، عدا أجرة المكتب والفواتير.

ويلفت الجاسم إلى غلاء إيجارات البيوت في اسطنبول الذي تضاعف منذ عمله لدى المكتب العقاري التركي، وما هي عليه اليوم، فقد كان إيجار البيت عام 2012 لا يزيد عن 500 ليرة تركية، في حين الآن أكثر من 1000 ليرة، ولكل منطقة سعر يتعلق بقربها من مركز اسطنبول والخدمات، ولكل بيت سعر تحدده المساحة والخدمات والفرش، ولكن أكثر المناطق جذباً للسوريين هي منطقة الفاتح، نظراً للحالة المحافظة وقربها من طقوسهم وعاداتهم، كما أن مناطق أخرى تستهوي بعض الشرائح، نظراً للأسعار المتدنية، كأفجولار وايسنيورت والقسم الآسيوي.

وينهي الجاسم: تعرضت لمضايقات، نتيجة المنافسة من مكاتب تركية، لكني كنت أحلها بشكل ودي ومن دون تصعيد، فالأتراك استقبلونا وقدموا لنا ما لم يقدمه العرب، وأنا لا أتطلع إلى البقاء في تركيا، رغم أن العمل في العقارات يدر ذهباً هذه الفترة، بل والأفق مفتوح لمزيد من

الاستثمارات، رغم القوانين التركية التي تمنع تملك السوريين، بل أحلم بالعودة كل يوم إلى حلب وإعادة فتح شركتنا التي هدمتها الطائرات، والتي ورثناها عن جدي، وكان لها فرعان لتصنيع مشتقات الحليب، في حلب والصاخور.

وأصدرت تركيا قانوناً عقارياً قبل أكثر من عامين، يتيح للأجانب تملك الأراضي والشقق السكنية والعقارات بشكل حر وكامل، ومن دون اشتراط الإقامة داخل البلاد، ما أتاح لكثير من المستثمرين شراء الشقق والمساكن، ودفع شركات عربية إلى التوجه من أجل الاستثمار وإقامة مشاريع تطوير عقاري في تركيا.

(الدولار الأميركي يساوي 2.44 ليرة تركية).

دلالات