الأردنيون تحت الديون: نمو حجم الاقتراض لمواجهة ارتفاع الأسعار

الأردنيون تحت الديون: نمو حجم الاقتراض لمواجهة ارتفاع الأسعار

27 يناير 2017
تضخم الأسعار يرهق الاردنيين (توماس إيمو/Getty)
+ الخط -
تشير بيانات رسمية إلى أن اتجاه الأردنيين للاقتراض من المصارف ومؤسسات التمويل المحلية يواصل ارتفاعه بشكل كبير في الوقت الذي نشطت فيه المصارف لاجتذاب الزبائن وسط منافسة غير مسبوقة فيما بينها.
وكشف البنك المركزي الأردني أن قروض الأفراد ارتفعت بنسبة 7.2% خلال العام الماضي حيث زادت بحوالي 523 مليون دولار وذلك ضمن البند المصنف بتسهيلات أخرى والذي يمثل غالبية القروض الشخصية. واستناداً إلى بيانات سابقة للبنك المركزي، فإن إجمالي مديونية الأفراد الرسمية العائدة للمصارف في الأردن تكون قد ارتفعت إلى 14.27 مليار دولار تقريباً مع نهاية العام الماضي.
وبلغ إجمالي التسهيلات الائتمانية الممنوحة من المصارف المرخصة في نهاية الـ11 شهراً الأولى من عام 2016 ما مقداره 2.3 مليار دولار أو ما نسبته 7.7% عن مستواه المسجل في نهاية العام 2015 ليبلغ إجمالي التسهيلات حوالي 32.04 مليار دولار.

استدانة لمواكبة التضخم
ويرى خبراء أن ارتفاع مديونية الأفراد في الأردن وزيادة الإقبال على الاقتراض من مختلف المصارف ومؤسسات التمويل يعود إلى الأوضاع المعيشية التي يعاني منها المواطنون.
وقالوا في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد" إن الأسعار ارتفعت في الأردن بشكل كبير في السنوات الخمس الماضية وشملت أسعار المواد الغذائية والسلع المعمرة والإيجارات والخدمات على اختلافها بخاصة النقل.
وأضافوا أن الكثير من المواطنين اضطروا للاقتراض من المصارف والمؤسسات الأخرى لتمويل مشترياتهم من الشقق السكنية والسيارات والأثاث والإنفاق على التعليم والسلع الاستهلاكية.
وأشاروا إلى أن ارتفاع الإيجارات مثلاً بنسبة زادت عن 150% في السنوات الأخيرة التي شهدت موجة اللجوء السوري دفعتهم لشراء الشقق واعتبار ما يدفعونه للمصارف من أقساط بمثابة ادخار لهم على المدى البعيد.
وقال المواطن محمد الخطيب إنه ما زال يبحث عن شقة مناسبة لشرائها بتمويل من أحد المصارف المحلية كونه يدفع إيجاراً شهريا يبلغ حوالي 420 دولاراً عدا عن فواتير المياه والكهرباء. وأضاف لـ "العربي الجديد" أن الإيجار الذي يدفعه يعادل إلى حد ما قيمة القسط الشهري للمصرف وبالتالي الشراء أفضل من الإيجار في هذه المرحلة التي ارتفعت فيها الأسعار بشكل كبير وغير مسبوق.
ورأى المواطن سمير جاد الله أنه استراح أخيراً من أجور الشقة التي يسكنها منذ عدة سنوات مع أسرته بعدما تمكن من شراء شقة بتمويل من أحد المصارف الإسلامية بسعر مرابحة يبلغ حوالي 7% ولمدة 15 عاماً.
وقال لـ "العربي الجديد " إن أسعار الشقق في ارتفاع مستمر لكن تخفيض رسوم نقل الملكية من 9% إلى 4% حفز المواطنين على الشراء هذه الفترة والاستفادة من انخفاض رسوم التسجيل التي تصل إلى حوالي 6 آلاف دولار للشقق ذات المساحات الصغيرة وفي المواقع المتوسطة.
وحذر تقرير لجمعية المصارف من مخاطر إقراض الأفراد وطالب المصارف بدراسة التوسع في إقراضهم بشكل يأخذ بالاعتبار تطور هذه المخاطر والمتمثلة في ارتفاع حجم مديونية الأفراد بشكل يفوق النمو في دخلهم وصافي ثروتهم.
وأشارت الجمعية إلى أن 37.9% من قروض الأفراد هي قروض سكنية و34% سلف شخصية و16.5% قروض سيارات.


تسهيلات مصرفية
مسؤول في أحد المصارف قال إن المصارف الأردنية تمر بحالة ركود على مختلف منتجاتها المصرفية الأمر الذي دفعها لتخفيف الشروط اللازمة للحصول على التمويل.
وأضاف أنه تم مثلاً إسقاط شرط إلزام المقترض من شرط دفع مقدم مالي لقاء التمويل الذي سيحصل عليه أي الدفعة الأولى في بعض الحالات وذلك لزيادة نشاط الإقراض هذه الفترة.
وقال إنه تم منح بعض الجهات الحكومية والشركات الكبرى عروضاً مصرفية بتخفيض الفائدة وعوائد التمويل لموظفيها.
وأعلنت مصارف عن تخفيض سعر فائدة القروض الشخصية إلى 4% لتمويل شراء الشقق والسيارات والسلع وغيرها وبفترة سداد تصل إلى 48 شهراً كحد أقصى.
وقال المتحدث الرسمي باسم جمعية حماية المستهلك سهم العبادي لــ"العربي الجديد " إن الأوضاع المعيشية التي يمر بها المواطن الأردني اضطرته لزيادة الإقبال على المصارف لتمويل مشترياته من الشقق والسيارات وبعضهم لتأمين تعليم أبنائه في الجامعات والمدارس الخاصة.
وأضاف أن ارتفاع عدد الأردنيين المديونين للمصارف فاقم من تأزم أوضاعهم المعيشية خاصة أن عدد المقترضين بلغ حوالي 560 الفاً، وإذا كان المقترض في عائلة مكونة من 5 أفراد فإن المعاناة تتعلق بحوالي 2.8 مليون مواطن من أصل 6.6 ملايين، وهو عدد الأردنيين.

تعثر السداد
وقال العبادي إن أسعار الفائدة المرتفعة تؤدي إلى زيادة الأعباء المالية على كاهل المواطنين وعجزهم في كثير من الأحيان عن تسديد القروض وبالتالي الحجز على ممتلكاتهم المرهونة لقاء دين المصارف.
وأشار إلى أن صفحات الصحف المحلية لا تخلو يومياً من إعلانات إيقاع الحجز على بعض الممتلكات العائدة للمقترضين وإعلانات أخرى خاصة بالبيع بالمزاد العلني.
وقال العبادي إن أعداد الشقق والسيارات المحجوز عليها والمعروضة للبيع تشكل ما نسبته 15%-20% سنوياً من إجمالي المبيعات وترتفع بحسب الأوضاع المادية للمواطنين.
معين الصايغ مدير عام دائرة الأراضي والمساحة الحكومية قال لـ "العربي الجديد" في وقت سابق إنه يتم باستمرار بيع الشقق والعقارات المحجوز عليها بطريقة المزاد العلني بما يغطي دين المصرف أو الجهة الدائنة وفي كثير من الأحيان يتم البيع بأقل من قيمة العقار بكثير. مثلاً قد تكون قيمته الفعلية 150 ألف دولار بينما يباع بعد الحجز بنحو 75 ألف دولار.
وأضاف الصايغ أن بيع الشقق السكنية بطريقة المزاد من قبل أصحاب الديون ينطوي على أضرار كبيرة بالمالكين وهناك أشخاص ومكاتب متخصصة في مثل هذا النوع من التجارة.
وبلغت نسبة الفقر في الأردن 14% وفقاً لآخر دراسة أجريت قبل أكثر من 10 سنوات ولم تعلن الحكومة حتى الآن نسبة الفقر الجديدة بموجب الدراسة التي أجرتها العام الماضي لأسباب مجهولة، لكن خبراء يتوقعون زيادة كبيرة عن المعدل المعلن سابقاً.
والى جانب المصارف هناك شركات تتبع القطاع الخاص أيضاً تقوم بتوفير التمويل للمواطنين، فيما خصصت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي (شبه حكومية) مبلغ 28 مليون دولار لإقراضه لمتقاعديها ما يرفع حجم قروض الأفراد.
ولا تشمل ديون الأفراد المعلنة من قبل المصارف الالتزامات المترتبة عليهم لجهات أخرى مثل المحلات التجارية والجمعيات التعاونية وغيرها.

المساهمون