نقص الدقيق يفاقم أزمة الخبز في السودان

نقص الدقيق يفاقم أزمة الخبز في السودان

15 اغسطس 2018
طوابير أمام المخابز في السودان (إبراهيم حميد/ فرانس برس)
+ الخط -

شهدت العاصمة السودانية، الخرطوم، أزمة حادة في الخبز، خلال الفترة الأخيرة، في ظل تراجع إنتاج الدقيق وغياب الدور الحكومي.

ووصل الأمر إلى إغلاق مخابز أبوابها لحين توفر الكميات المطلوبة من الدقيق، وسط تكبدها خسائر باهظة بسبب توقف المبيعات. ورغم الأزمة حافظت أسعار الدقيق على ثباتها بين 550 و560 جنيها (الدولار= 18 جنيهاً) للجوال وجنيه واحد لرغيف الخبز.

وتمتد طوابير طويلة أمام جميع مخابز الخرطوم منذ قرابة 4 أسابيع بسبب تراجع إنتاج المطاحن الكبرى المتحكمة في سوق الدقيق سيقا، ويتا، روتانا وغيرها بنسبة 80%، الأمر الذي انسحب بشكل كبير على الحصص اليومية المقررة للمخابز من الدقيق والتي تتباين وفقاً للكثافة السكانية في المناطق.

وفي الوقت الذي تلوذ فيه الجهات الحكومية (وزارات المالية والصناعة وشركات المطاحن) بالصمت عن التعليق على مسببات الأزمة وتراجع إنتاج دقيق الخبز، ذهبت ترجيحات لأصحاب المخابز إلى أن السبب هو ندرة الغازولين وانقطاع التيار الكهربائي عن المنطقة الصناعية مقر شركات المطاحن لقرابة 14 ساعة يومياً واتجاه المطاحن الكبرى والتي تستحوذ على سوق الدقيق في البلاد وتحتكره بشكل كامل لزيادة الأسعار بسبب التكلفة المتصاعدة ورفع الحكومة السودانية يدها عن مساندتها في تحمل فروقات دولار استيراد القمح بهدف الطحن.
واستدعت لجنة الصناعة في المجلس الوطني السوداني وزيري المالية والصناعة ليمثلا أمامها، نهاية الأسبوع الماضي، للرد على أسباب عودة طوابير الخبز وشح الدقيق في البلاد.

وأكد أصحاب المخابز في حديث لـ"العربي الجديد" ضعف واردات الدقيق إليهم مما تسبب في قلة إنتاج الخبز وانتظار المواطنين في طوابير يومية منذ الفجر وحتى المساء.

وقال صاحب مخابز في الخرطوم بحري، عبدالهادي دارقيل، لـ"العربي الجديد" إن أغلب المطاحن الكبرى شبه متوقفة عن إنتاج دقيق الخبز، باستثناء المطحن الحكومي الوحيد "سين" والذي يمد أصحاب المخابز بكميات قليلة من الدقيق لا تكفي احتياج ولاية الخرطوم اليومي من الخبز.

ولفت دارقيل إلى تراجع كميات الدقيق المقررة لمخابزه الخمسة إلى 50 جوالا فقط في اليوم، وكذلك حال المخابز الأخرى.

وقال صاحب مخبز في الخرطوم، حسن أبو رأس، لـ"العربي الجديد" إن حصص الدقيق ضعيفة مقارنة بالاستهلاك العالي خاصة في الخريف.

وأشار إلى تراجع حصته اليومية التي يتسلمها من وكيل التوزيع من 25 إلى 10 جوالات فقط، وأحيانا أقل من ذلك، مما يضطره إلى اللجوء إلى تقليل الكمية المنتجة من الخبز في اليوم لضمان استمرارية العمل في المخبز وللحفاظ على الكمية المتوفرة من الدقيق حتى لا تنفد ويضطر للإغلاق وبقاء عمالته بلا عمل، موضحا ثبات سعر الخبز عند جنيه للرغيف الواحد.

وأقر مسؤول توزيع الدقيق للمخابز بشرق النيل آدم الزومة لـ"العربي الجديد" حدوث تراجع في حصص الدقيق للمخابز بسبب الانقطاعات اليومية المتكررة في الإمداد الكهربائي وندرة الغازولين وتشغيل المولدات لضمان توفير الخبز للمواطنين وتجنب ندرته.

وقال الزومة إنه يملك 3 مخابز بمنطقة الحاج يوسف منها واحد آلي واثنان بلديان وقد تراجعت حصته اليومية من الدقيق للمخابز من 50 إلى 20 جوالا في اليوم، مما أثر على إنتاجها من الخبز وسرعة نفاده.
ورفضت قيادات باتحاد المخابز التعليق لـ"العربي الجديد" حول الأزمة، واكتفوا بالتبشير بقرب انجلائها وانسياب الحصص المعتادة من الدقيق للمخابز ووفرة الخبز.

وبرر مصدر موثوق بشركة مطاحن ويتا للدقيق، لـ"العربي الجديد" الأزمة بحدوث مشكلة في الإمداد الكهربائي وترحيل القمح من ميناء بورتسودان بولاية البحر الأحمر شرقي السودان لمقر المطاحن بالخرطوم بسبب ندرة الوقود، كاشفا عن تشكيل الجهات الحكومية للجنة برئاسة وزارة الصناعة والنفط والمالية لحل المشكلة وتوفير الوقود للمطاحن.

وتوقع المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام، انتهاء أزمة الدقيق في غضون 3 أيام فقط وتسلم ولاية الخرطوم كامل حصتها اليومية المقررة بـ45 ألف جوال يوميا لتغطية الاستهلاك العالي على الخبز، نافيا ما تردد حول اتجاه المطاحن لزيادة أسعار الدقيق.

وكشفت وزارة الصناعة السودانية في وقت سابق عن مذكرة أودعتها مجلس الوزراء القومي لتصحيح سياسات قطاع الدقيق إلا أن نتائجها لم تر النور حتى الآن رغم اشتعال الأزمة بين الحين والآخر، والاكتفاء بسياسة إطفاء الحرائق فقط من دون حلول جذرية للمشكلة.

ويعاني السودان من أزمات نقص متكررة في الوقود أدت إلى ارتفاع سعره في السوق السوداء وتفاقم الأعباء المعيشية للمواطنين.

المساهمون