اللحوم.. للعرض فقط

اللحوم.. للعرض فقط

08 نوفمبر 2015
لحوم في شوارع سورية (فرانس برس)
+ الخط -
ربما، التطرق إلى حق السوريين في أكل اللحم يعتبر ترفاً وكماليات من نظر الممانعين على الأقل، بواقع قتلهم عبر البراميل المتفجرة والأسلحة المحرّمة، بعد حصارهم بلقمتهم ورفع سعر الخبز ثلاث مرات خلال الثورة، ومنعه عنهم، حتى ما يقيتهم للبقاء على قيد الحياة.
بات سوريو الداخل، بواقع سياسة "التجويع حتى التركيع" التي أعلنها نظام بشار الأسد المقاوم، يقبلون "من الغنيمة بالإياب" وربما غدا السؤال عن سعر لحم الخروف أو الأسماك بسورية، فيه شيء من الاستفزاز ونكء الجراح، أو لزوم ما لا يلزم في ظل تثبيت الأجور على نحو 100 دولار، لمن بقي له أجر ولم تطاوله عصا الفصل التعسفي بتهمة طلب الحرية، وحلم العاطلين من العمل بنجاتهم من الموت قصفاً، وإن ماتوا- كما من بغوطة دمشق وحمص ومخيم اليرموك- جوعاً.
وصل سعر كيلو لحم الغنم بمناطق سيطرة النظام إلى نحو 3500 ليرة سورية، أي نحو 10% من أجر موظف درجة أولى ولديه تراكم عمل وعلاوات لعشرين سنة، ونيران الأسعار انسحبت على الدجاج الذي زاد سعر الكيلو منه عن 600 ليرة وحتى على أسعار اللحوم المجهولة المصدر، التي يستوردها تجار الحروب، فيبلغ سعرها 2100 ليرة في دمشق.
ربما ثنائية وجع السوريين، تتأتى من بلد يفيض إنتاجه الحيواني قبل الثورة، عن استهلاك ثلاثة أضعاف السكان السوريين، بل وتوصف خرافه "باللحم الزاكي" بمنطقة الخليج العربي، ولأسعار اللحوم السورية بالأسواق الخارجية خصوصية، بفضل السلالات والمرعى.
بيد أن حاجة النظام الممانع للقطع الأجنبي، لشراء الأسلحة والذمم، ليستكمل مشروعه المقاوم وينتصر على المؤامرة الكونية، دفعه لفتح باب التصدير، وسمح لكل تاجر بتصدير 4000 رأس من الأغنام والماعز الجبلي، فتراجع عدد الأغنام في سورية، بسبب التصدير وهجرة بعض المربين، من نحو 30 مليون رأس إلى أقل من النصف اليوم.
ربما من الإنصاف الإشارة إلى عوامل أخرى، وإن يتحمل الأسد وزرها جميعها، فلسيطرة تنظيم "داعش" على مدن شمال شرق سورية المنتجة وارتفاع سعر العلف الذي لم يسلم من سياسة عقلنة الدعم الحكومية، وتراجع سعر صرف الليرة التي تعاني اليوم من خطر الانهيار بعد تعدي سعر صرف الدولار 380 ليرة سورية، أسباب مهمة، جعلت من أكل اللحوم في سورية حلماً، مضاف إليها، سببا التهريب والتصدير التي يقودها النظام ومن في فلكه، لإحكام حلقة تجويع وحصار السوريين.

اقرأ أيضا: حماة... مدينة يتقاسمها الشبيحة والروس