ملفات صعبة تواجه وزير المالية السعودي الجديد

ملفات صعبة تواجه وزير المالية السعودي الجديد

01 نوفمبر 2016
التقشف ملف صعب يواجه السعودية (فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -
لن يجد وزير المالية السعودية الجديد، محمد الجدعان، الطريق ممهداً لإدارة الملفات المختلفة التي تنتظره على طاولة مكتبه في ظل تحديات كبيرة ستواجهه، أهمها قيادة اقتصاد البلاد وسط أزمة مالية خانقة وتقشف لا يحظى بقبول شعبي وأسعار نفط متدنية لا تكفي لتمويل الموازنة السنوية، ما أدى إلى تسجيل عجز فعلي عام 2015 بلغ 98 مليار دولار، وعجز متوقع للعام الجاري يبلغ نحو 87 مليار دولار.

وأكد الجدعان في بيان على الموقع الإلكتروني للوزارة، أمس، على ثقته في انطلاقة نحو آفاق أوسع من النمو والازدهار المالي والاقتصادي والاجتماعي في ظل القيادة الحالية للبلاد وعبر رؤية المملكة 2030 رغم كل التحديات. وجرى تعيين الجدعان وزيراً للمالية بأمر ملكي من العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، أمس الأول، ليخلف إبراهيم العساف الذي شغل المنصب منذ عام 1996.

أبرز التحديات الاقتصادية

والجدعان ليس بعيداً عن المجال، بعد عمله السابق رئيساً لهيئة السوق المالية، كما قضى أكثر من ثلاثة عقود في العمل في مضمار الاقتصاد منذ حصوله على بكالوريوس الاقتصاد الإسلامي عام 1986، وكان عضواً في الهيئة الاستشارية بالمجلس الاقتصادي الأعلى منذ
2009، الأمر الذي جعله ملماً بكل تفاصيل الملفات الاقتصادية الصعبة التي تواجه البلاد.

وفي هذا الشأن، يؤكد الخبير المالي، ربيع سندي، لـ "العربي الجديد"، أن أهم الملفات على طاولة الوزير الجديد سيكون تطبيق رؤية التحول الوطني 2030 ومواصلة خطوات التقشف التصحيحية، واستكمال ملف تطبيق القيمة المضافة وغيرها.

ويقول: "مع أن الأدوار المالية باتت في يد مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الذي يترأسه ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، إلا أن وزير المالية يظل هو العنصر الأساسي في المعادلة الاقتصادية السعودية، فهو من يطبق السياسات المالية، ويتابعها".

ويضيف: "في تصوري من الملفات الرئيسية أمام الوزير الجديد مواصلة ضبط الميزانية، فدور وزارة المالية لم يعد إدارة النفقات بل توفيرها من خلال الاستثمارات"، مشيراً إلى أهمية ملف إدارة الصندوق السيادي السعودي الذي يتوقع أن يكون الأكبر في العالم وسيكون له عوائد جيدة إذا أحسن استغلاله.

ويشدد سندي على أن المالية السعودية تواجه تحديات صعبة باعتراف الوزير السابق، قبل أسبوع، ولكنها مع ذلك قادرة على تجاوزها. ويؤكد أن السعودية لديها احتياطي نقدي كبير، على الرغم من تراجعه في الأشهر الـ16 الماضية، إلا أنه ما زال الثالث على مستوى العالم بأكثر من 563.5 مليار دولار، حتى نهاية يوليو/تموز الماضي، موضحاً أن المهمة الأصعب للوزير الجديد هي المحافظة على هذا الرصيد وعدم تآكله.

ربط الريال بالدولار

من جانبه يرى أستاذ الاقتصاد، خالد الجوهر، في حديثه مع "العربي الجديد" أن أحد أهم
الملفات أمام الوزير الجديد هو الجدل حول أهمية ربط الريال بالدولار، قائلاً: "مع أن عملية ربط الريال بالدولار هو أمر سيادي، ويتجاوز صلاحيات وزير المالية، ولكن يظل للأخير رأي مهم في المعادلة، فهو من سيقدم الاقتراحات للمجلس الاقتصادي، وفي تصوري يجب أن يكون أول تصريح للوزير هو التأكيد على أهمية الإبقاء على الريال في وضعه الحالي، على الأقل في السنوات الثلاث المقبلة".

ويضيف: "على الوزير فعل ذلك، عليه أن يعيد ضبط الموازنة التي شهدت في السنوات الماضية قفزات كبيرة، كان السبب الأول فيها سياسة الوزارة التي اعتمدت على تأخير الدفعات للمقاولين والمنفذين، وتعويض ذلك برفع قيمة العقد".

ويؤكد الجوهر أن من أهم وظائف الجدعان منع تضاعف الديون لمستوى يجعل من الصعب السيطرة عليه مستقبلا.
وتكشف بيانات وزارة المالية أن إجمالي الديون المباشرة على الحكومة، بلغت مع نهاية أغسطس/آب الماضي 273.8 مليار ريال سعودي (73 مليار دولار)، وهي ديون بدأت في الارتفاع من منتصف عام 2014، وقفزت من 11.8 مليار دولار لنحو 37.9 مليار دولار مع نهاية العام 2015، قبل أن تتضاعف هذا العام.

وتعاني السعودية، أكبر دولة مُصدّرة للنفط في العالم، في الوقت الراهن، من تراجع حاد في إيراداتها المالية، الناتجة عن تراجع أسعار النفط الخام عما كان عليه عام 2014، وانخفض سعر البرميل من 115 دولار منتصف العام قبل الماضي إلى نحو 50 دولار حالياً.
واضطرت السعودية إلى إصدار سندات دولية لمواجهة أزمتها المالية، ولم تكتف بذلك بل ستتجه إلى أدوات أخرى منها الصكوك الإسلامية، حسب تصريحات صحافية لوزير المالية السعودي السابق الأربعاء الماضي.

وأتمت السعودية، الأسبوع قبل الماضي، إصداراً ضخماً للسندات، هو الأكبر على الإطلاق للأسواق الناشئة، إذ بلغت قيمته 17.5 مليار دولار، وذلك في إطار مساعي المملكة إلى سد فجوة في التمويل، ناجمة عن تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية.

وكان مجلس الوزراء السعودي قد أكد، أول من أمس، أن المملكة لديها القوة الكافية لمواجهة التحديات الاقتصادية والمالية الحالية، على الصعيدين المحلي والعالمي، رغم انخفاض أسعار النفط. وشدد المجلس، على اتخاذ الإجراءات التي تمكّن البلاد من التكيّف مع التحديات الراهنة، والنجاح في تخفيض الضغط الذي يعوق النمو الاقتصادي للمملكة.



المساهمون