القروض تحسّن سعر الدينار التونسي

القروض تحسّن سعر الدينار التونسي

29 يونيو 2019
الحكومة تسعى إلى تحسين مؤشرات الاقتصاد التونسي (Getty)
+ الخط -

يثير استقرارالدينار التونسي بعد رحلة انحدار دامت أشهرا، تساؤلات عديدة بشأن دور البنك المركزي في إعادة تصويب مسار العملة ومدى استقلاليته، في الوقت الذي استنفرت فيه السلطات كل أدواتها للدفاع عن صواب خياراتها الاقتصادية في الانتخابات القادمة.

وتحوم الشكوك حول تدخلات البنك المركزي لتثبيت سعر الصرف، بعد تحسّن "مفاجئ" في سعر الدينار مقابل العملات الأجنبية، بالرغم من تأكيدات سابقة للمحافظ، روان العباسي، بأن السلطات النقدية لا يمكنها الدفاع عن الدينار، في ظل تراجع الاحتياطات الأجنبية إلى مستوى لا يكفي إلا لتغطية واردات أقل من 80 يوماً.

وسجّل سعر صرف العملة المحلية تحسنا طفيفا مقارنة باليورو، حيث أصبحت تقدر بنحو 3.297 دنانير لليورو الواحد حاليا، بعد استمرارها فوق 3.300 دنانير لليورو لعدة أشهر، كما بلغ سعرها 2.878 دينار مقابل الدولار، وفق ما نشره البنك المركزي أمس.

ويرى الخبير المالي نادر حداد أن التعافي الجزئي لوضع العملة التونسية مرده حصول تونس على عدة قروض خارجية في الأيام الماضية، غير مستبعد في الآن ذاته دور البنك المركزي في تعديل سعر الصرف، خدمة "لأغراض سياسية".

وقال حداد، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إن الأسباب الهيكلية لتراجع سعر الدينار لا تزال قائمة، على غرار العجز التجاري وغياب عائدات ذاتية من النقد الأجنبي متأتية من قطاعات الفوسفات والسياحة.

وأضاف الخبير المالي أن البنك المركزي مؤسسة مستقلة، بحسب القانون الذي أقره البرلمان عام 2016، مرجحا أن تكون هناك ضغوط عليه للتدخل في السوق النقدية لتحسين سعر صرف الدينار مقابل الدولار واليورو.

وقدّر حداد أن الدينار التونسي ارتفع بنسبة 2.16% مقابل اليورو منذ بداية السنة و3.4% مقابل الدولار، لافتا إلى أن زيادة مخزونات المركزي من العملة الصعبة تحسّن بشكل ظرفي سعر الصرف، مستبعدا الحديث عن تعافي وضع الدينار في الوقت الحالي، حسب قوله.

وحصلت تونس، الأسبوع الماضي، على مصادقات تمويل وإقراض من ثلاث جهات خارجية بقيمة تقارب إجمالية 1.2 مليار دولار. واقترضت من البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد 800 مليون دولار تُصرف على شريحتين، والبنك الدولي 151 مليون دولار، والاتحاد الأوروبي 150 مليون يورو.

ووافق مجلس إدارة مجموعة البنك الدولي، الإثنين الماضي، على منح تونس قرضا استثماريا جديدا بقيمة 151 مليون دولار، لدعم جهود البلاد في تنويع مواردها الطاقية وإنتاج الكهرباء بأقل تكلفة.

ويعتبر المتعاملون الاقتصاديون أنه من الصعب التكهن بمستقبل الدينار، بالرغم من وضع الاستقرار الحالي، وذلك في غياب سياسة نقدية واضحة، وضعف احتياطي البنك المركزي من العملة الصعبة الذي يستقر في معدل 74 يوم توريد، بحسب تقديرهم.

ويرى عضو منظمة رجال الأعمال، حمادي الكعلي، أن وضع الدينار يظل هشا رغم التحسن النسبي، مشيرا إلى أن المتعاملين الاقتصاديين طالبوا، في أكثر من مناسبة، بالتدخل للحد من انزلاق سعر الصرف، داعيا إلى معالجة الأسباب الرئيسية لتراجع العملة، وأهمها توقف محركات الإنتاج الرئيسية، بحسب تصريحه لـ"العربي الجديد".

وشهدت العملة التونسية تراجعاً لافتاً لقيمة سعر صرفها مقابل العملتين الأميركية والأوروبية على مدار 9 أعوام، إذ تراجع سعر الدينار أمام الدولار 107% منذ عام 2011 حتى بداية 2019، حسب البيانات الرسمية.

ومع بداية 2011 بلغ سعر الدولار 1.424 دينار، وارتفع الدولار تدريجياً حتى بلوغه 1.871 دينار في 2015، ثم كسر حاجز الدينارين في 2016، ومع بداية 2019 ارتفع الدولار إلى 2.949.

أما مقابل العملة الأوروبية الموحدة، فقد تراجع سعر الدينار 76.8% خلال 9 سنوات، إذ بلغ مطلع 2011 ما قيمته 1.902 دينار، ثم قفز إلى 2.418 دينار في 2017، قبل أن يخترق حاجز 3 دنانير مطلع 2019، مسجلاً 3.363 دنانير.

ومنذ إبريل/نيسان 2018، نصح صندوق النقد الدولي حكومة تونس بخفض قيمة الدينار، بهدف إكساب الصادرات مزيداً من القدرة التنافسية. ويدفع التونسيون ثمنا باهظا لانزلاق سعر الدينار الذي أثّر على معيشتهم نتيجة ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والخدمات، وارتفاع نسبة التضخم إلى 7.4%، بحسب بيانات معهد الإحصاء الحكومي.

كما يثير هبوط الدينار التونسي مخاوف حقيقية، وسط دعوات من حكومة يوسف الشاهد إلى الحد من انزلاق الدينار مقابل العملات الأجنبية؛ تفادياً لأي تداعيات جديدة على الاقتصاد التونسي المتأزم.

المساهمون