غزّة تغرق

غزّة تغرق

29 نوفمبر 2014
بعض المناطق لم تعد صالحة للسكن (محمد الحجار)
+ الخط -

صباح أول من أمس، نهضت أم مصطفى اشتيوي من فراشها على عجل. أخافتها الأمطار الغزيرة. هرعت لإيقاظ أولادها بعدما غمرت المياه الطابق الأول من البيت الذي يسكنوه. توجهوا إلى منزل أقاربهم، وقد بلّلت المياه ملابسهم. العائلة التي تسكن في حي النفق شرقي مدينة غزة، لم تفكر في احتمال أن تغمر المياه بيتها مجدداً. العام الماضي، عانت الأمرّين، حين غمرت المياه البيت جزئياً. اليوم تنتظر انتهاء العاصفة قبل العودة إلى المنزل.

تقول اشتيوي لـ"العربي الجديد": "قبل يومين، كنا نفكر أن بيوتنا لن تصمد طويلاً في حال تكررت أحداث العام الماضي. أية منخفض جوي جديد قد تؤدي إلى تدمير أساسات البيت، علماً أنها لم تعد قوية كما كانت".

حال عائلة اشتيوي لا يختلف عن حال عائلة معروف، التي عانت بدورها العام الماضي. حتى أنها خسرت جميع أثاث منزلها بعدما غمرت المياه البيت وأغرقت كل شيء. في ذلك الوقت، اضطرت إلى استئجار منزل لمدة ثلاثة أشهر، ريثما تنتهي من إصلاح منزلها.

اليوم، تشعر العائلة بالقلق، لعدم وجود منازل إيجار أو حتى كرفانات. فقطاع غزة يعاني في الوقت الحالي بسبب قلة الشقق المعروضة للإيجار، بخاصة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير. فالغزاويون الذين خسروا منازلهم، لجأوا إلى استئجار بيوت بديلة بانتظار إعادة الإعمار.

في السياق، يقول عماد معروف لـ"العربي الجديد": "العام الماضي، غرقت البيوت بالكامل. خرجنا من منازلنا وخسرنا كثيراً من أثاث بيوتنا من دون أن يعوّض علينا المسؤولون. لا يسأل عنا أحد. لا حكومة أو بلدية ولا أي جهة. نعامل هكذا لأننا فقراء".

تجدر الإشارة إلى أن عائلات كثيرة أخْلت منازلها استجابة لنداء الدفاع المدني، ولجأت بغالبيتها إلى منازل أقاربها أو المدارس. منها عائلة الأشقر، التي خرجت من منزلها بسرعة، فتجربة العام الماضي كانت مريعة، غمرت المياه منزلهم وهم نيام. يقول شوكت الأشقر لـ"العربي الجديد": "العام الماضي، خرجنا من منازلنا بواسطة قوارب. اليوم، لم نتأخر في الخروج حتى لا تتكرر معاناتنا. المشكلة أننا أخذنا معنا فقط بعض البطانيات، على أمل ألا تطول العاصفة ونعود إلى منزلنا".

تجدر الإشارة إلى أن هذه الأزمة كانت متوقعة. فقبل يومين، ارتفع منسوب مياه بركة الشيخ رضوان، لتفيض مياه الصرف الصحي في شارع النفق. ويوضح المسؤول الإعلامي في مركز الدفاع المدني محمد الميدنة، لـ"العربي الجديد": إن "انخفاض معدل تساقط الأمطار قد يساعدنا في السيطرة على الموقف، وإنقاذ البيوت من الغرق، بالتعاون من البلديات"، مشيراً إلى أن "مستوى المياه في عدد من المناطق الغارقة لم يتجاوز المترين. وفي حال تجددت الأمطار، سيكون كثير من المنازل مهدداً".

أحمد الجبار، وهو أحد الذين غرقت منازلهم في منطقة الزرقا شرقي مدينة غزة القريبة من حي النفق، يوضح لـ"العربي الجديد" أن "المنطقة مهددة بكارثة، واستمرار غرقها خلال الشتاء الحالي، يعني أنها لا تصلح للسكن بتاتاً". ويضيف: "المنازل نفسها التي غرقت العام الماضي، غمرتها الأمطار اليوم. في المرة الأولى، طالبنا الحكومة بالتدخل والرأفة بحالنا. لكننا اليوم أمام مشكلة أخرى. فأساسات بيوتنا لم تعد متينة".

يوضح الجبار أنه "في ظل عدم وجود خطة مدروسة لاستيعاب كمية الأمطار الهاطلة، ستظل مناطق شرقي غزة مهددة، بالإضافة إلى البنية التحتية والطرقات وحتى حياة الناس". تجدر الإشارة إلى أنه بعد غرق عدد من المنازل، عمدت بلدية غزة إلى تجهيز بركة بديلة في أرض مجاورة للمناطق الغارقة، لاستيعاب كميات الأمطار الجديدة، على أن يتم تحويل المياه المتدفقة إلى البركة إلى أرض بديلة، فيما ستستمر عمليات الضخ من بركة الشيخ رضوان نحو البحر.

الأونروا تعلن الطوارئ

أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) حالة الطوارئ في مدينة غزّة أول من أمس، بسبب الأحوال الجوية القاسية. وشرحت أن "المياه التي غمرت منطقة النفق المحيطة في بركة الشيخ رضوان لتجميع مياه الأمطار شمالي شرق مدينة غزة، تسببت في إخلاء المئات من الفلسطينيين لمنازلهم، وتأثرت إحدى مدارسنا وأحد المراكز التابعة لنا بارتفاع منسوب المياه في المنطقة".