250 مليون دولار قيمة تهريب الآثار التونسية

250 مليون دولار قيمة تهريب الآثار التونسية

25 يونيو 2016
مناطق أثار رومانية في تونس (Getty)
+ الخط -
لا يقل نشاط تهريب الآثار من تونس عن بقية أنشطة التهريب المتنوعة، والتي شهدت توسعاً غير مسبوق عقب ثورة يناير/ كانون الثاني 2011.
وتجتهد الحكومة بأساليب مختلفة في تحجيم نشاط مهربي المحروقات والسجائر، غير أن تهريب الآثار بقي خارج الاهتمامات الكبرى للحكومة، فيما يقتصر التصدي للمهربين والباحثين عن الكنوز في المواقع الأثرية، على الحملات التي تقوم بها مصالح الجمارك أو البلاغات التي تصل إلى أعوان الأمن.
ولا يعد نشاط تهريب الآثار والاتجار فيها حديثاً في تونس، حيث بدأت عمليات السطوِ على هذا التراث في القرن الثامن عشر، ودخول السيطرة الفرنسية، كما سيطرت عليه لوبيات من أصهار الرئيس المخلوع بن علي بشكل كبير في السنوات الأخيرة التي سبقت الثورة.

لكن المتاجرة في هذا المجال انتقلت من لوبيات وأسر مقربة من النظام السابق إلى شبكات جديدة يقود غالبيتها رجال أعمال مرتبطون بالخارج.
وتقوم اللوبيات الجديدة بالتنقيب عن الكنوز المدفونة في المناطق الأثرية على الشريط الحدودي الغربي باستخدام آلات حديثة للتنقيب واستكشاف المعادن، حيث تعتبر المناطق التي شهدت استيطان الرومان من أكثر المحافظات التونسية ثراء بالكنوز والأثار الثمينة على غرار القصرين والكاف وباجة.
ويعتبر رضا شكندالي، الخبير الاقتصادي، أن الاتجار والتنقيب عن الآثار كبقية أنشطة التهريب لا يعود بأي نفع على الاقتصاد المحلي بل هو نهب للثروات الوطنية ولتاريخ البلاد، مؤكدا أن هذا الصنف من النشاط يدر أموالا " قذرة لا يمكن توجيهها نحو الاستثمار والتنمية، فالعائدات مهما كانت قيمتها لا تخدم إلا صاحبها".

ويشير شكندالي في تصريح لـ "العربي الجديد" إلى خطورة تنامي ظاهرة التهريب على الشريط الحدودي بمختلف أشكاله، لافتا إلى أن أموال التهريب تستثمر إما في تمويل الإرهاب أو يتم تبييضها في قطاعات آمنة على غرار القطاع العقاري، مما أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات والمباني بشكل كبير في السنوات الخمس الأخيرة.
ويقول إن توسع نشاط تهريب الأثار يرجع إلى ارتباط المهربين بشبكات دولية نافذة من جهة وإلى ضعف العقوبات التي ينص عليها القانون التونسي، فضلا عن تشتت إمكانيات مؤسستي الأمن والجمارك في مقاومة الإرهاب، الأمر الذي جعل المجال مفتوحا أمام الناشطين في تهريب الآثار.

وبحسب الإحصاءات الرسمية، يتم سنوياً تهريب ما قيمته 500 مليون دينار تونسي من الآثار (250 مليون دولار)، وفقا لوزارة التجارة التونسية.
وقبل الثورة كان القانون التونسي يخص بالعقاب المهربين، الذين يتاجرون بقطع أثرية تحمل طابع المعهد الوطني للآثار، في حين تشير أرقام غير رسمية إلى أن 95% من الآثار المختلسة في تونس لا تحمل هذا الطابع، وهي غالبا ما تكون ثمرة لحفريات غير مشروعة مما يجعل المهربين في مأمن من العقاب.
وكانت الغرامات في مثل هذه التجاوزات بمبالغ هزيلة تتراوح بين 100 و500 دينار تونسي للقطعة ( بين 50 و250 دولارا) في حين يجني المهربون من بيع القطعة الواحدة في السوق المحلية أو العالمية مئات الآلاف من الدولارات، لكن بعد الثورة أصدر المشرع التونسي عقوبات صارمة.

ونص القانون الجديد على عقوبة بالسجن لمدة عشرة أعوام وغرامة قدرها مائة ألف دينار (50 ألف دولار) لكل من يختلس منقولا او طابع تاريخي أو أجزاء مقتطعة من معالم تاريخية أو متأتية من تفكيكها أو من تفككها تلقائيا وتكون موجودة بالمتاحف أو المخازن أو المواقع الثقافية أو المعالم التاريخية أو أي مبنى عمومي، وهي الجرائم التي كان يرتكبها طوال السنوات الماضية عدد من أقارب بن علي وزوجته.
وبحسب تقديرات المعهد الوطني للتراث فإن تونس تضم ما لا يقل عن 50 ألف موقع أثري، لا تزال عرضة للاتجار غير المشروع الذي يهدد القطع الأثرية.


دلالات

المساهمون