محاربة الاستيراد... الغرف التجارية تتهم حكومة مصر بدعم المحتكرين

محاربة الاستيراد... الغرف التجارية تتهم حكومة مصر بدعم المحتكرين

08 سبتمبر 2017
تقييد الاستيراد يهدد بندرة المعروض من السلع (كارستن كوال/Getty)
+ الخط -
تصاعدت وتيرة الأزمة بين الغرف التجارية والحكومة المصرية بسبب إصرار الأخيرة على تطبيق تشريع جديد يقيد عمل المستوردين ويدفع قرابة نصفهم إلى إغلاق تجارته، وسط مساعٍ رسمية لتضييق الخناق أكثر على الورادات توفيراًللنقد الأجنبي.
وتتمسك الحكومة بتطبيق قانون سجل المستوردين الجديد الذي يتضمن شروطاً مجحفة تهدد بإغلاق نسبة تتراوح بين 50% و90% من الشركات المستوردة الصغيرة، فضلاً عن زيادة أسعار السلع المستوردة بنسبة 40% في المتوسط خلال العام المقبل 2018، حال تطبيق هكذا قانون.
ورفع القانون الجديد قيمة التأمين للبطاقات الاستيرادية إلى 50 ألف جنيه بدلاً من ثلاثة آلاف جنيه في القانون المعمول به حالياً، ورفع الحد الأدنى لرأس المال اللازم لقيد شركات الأشخاص الطبيعيين من 10 آلاف جنيه إلى ما لا يقل عن 500 ألف جنيه، ومن 15 ألف جنيه للشركات ذات المسؤولية المحدودة إلى ما لا يقل عن مليوني جنيه.
واتهم المستوردون، الحكومة بتفصيل القانون لدعم الشركات الكبرى التي تحتكر الأسواق، ما يتسبب في تزايد معدلات التضخم والبطالة والتهريب، مشيرين إلى أن معظم التجار اتجهوا خلال الفترة الأخيرة إلى ادخار أموالهم في البنوك للاستفادة من رفع الفائدة على الودائع إلى 20%، هرباً من القيود المفروضة على التجارة والاستيراد.
وأكد الرئيس السابق لشعبة المستوردين في غرفة القاهرة التجارية بالقاهرة، أحمد شيحة، لـ "العربي الجديد"، أن قانون سجل المستوردين رقم 7 لسنة 2017 يخدم كبار المستوردين فقط، ما يفتح الباب أمام مزيد من الاحتكار وتنامي ظاهرة التهريب، خصوصًا بعد خروج نحو 80% من الشركات الصغيرة من السوق، ما يسهل تحكم كبار المستوردين في الأسعار.
وقال شيحة إن السماح للشركات الأجنبية ومتعددة الجنسيات بالاستيراد لأول مرة، يمثل خطورة على الأمن القومي لمصر، حيث تستطيع تلك الشركات إغراق الأسواق المصرية بسلع معينة والتحكم في أسعارها.
وأقر مجلس النواب المصري في يناير/كانون الثاني الماضي تعديلات قانون سجل المستوردين رقم 121 لسنة 1982، وصدق رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي على تلك التعديلات في مارس/آذار، وأصدر المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة في يونيو/ حزيران الماضي اللائحة التنفيذية للقانون. وأشار شيحة إلى أن إغلاق شركات الاستيراد الصغيرة سينتج عنه ارتفاع معدل البطالة مما يتسبب في حدوث كارثة اجتماعية خطيرة، موضحًا أن معظم التجار اتجهوا خلال الفترة الأخيرة لادخار أموالهم في البنوك للاستفادة من رفع الفائدة على الودائع إلى 20% للهروب من القيود المفروضة على التجارة والاستيراد.
وقال عضو في شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، سيد الشرقاوي، لـ"العربي الجديد"، إن قانون سجل المستوردين الجديد ولائحته التنفيذية سيؤدي إلى خروج نحو 90% من المستوردين من السوق يمثلون شريحة صغار المستوردين، لعدم قدرتهم على سداد قيمة التأمين للبطاقات الاستيرادية أو رفع الحد الأدنى لرأس المال اللازم لقيد شركات الأشخاص الطبيعيين أو الشركات.
وأضاف أن بعض المستوردين يقومون بتأجير البطاقات الاستيرادية للتجار مقابل الحصول على 5 آلاف جنيه للصفقة الواحدة، وفي ظل القانون الجديد سيرتفع المقابل إلى 50 ألف جنيه مما يتسبب في ارتفاع التكلفة النهائية للسلع المستوردة وزيادة أسعارها بالسوق المحلي. وتابع أن تطبيق القانون الجديد يفضي إلى سيطرة كبار المستوردين على السوق واحتكارهم للسلع المستوردة من الخارج وهو الأمر الذي يتسبب في نقص المعروض من المنتجات المستوردة بنسبة لا تقل عن 40% وبالتالي حدوث اختناقات في الأسواق، ما يلحق أضراراً بالغة بالمصريين الذين يعتمدون بشكل أساسي على تلك السلع لتلبية احتياجاتهم الاستهلاكية.
وأوضح الشرقاوي أن الركود الشديد الذي يسيطر على الأسواق خلال الفترة الماضية أدى إلى تراجع الاستيراد من الخارج بنسبة 50% خصوصاً بعد قرار البنك المركزي المصري بشأن تحرير سعر الصرف وارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه.
ووفقاً لتقرير صادر عن هيئة الرقابة على الصادرات والواردات في 29 أغسطس/ آب، فإن واردات مصر غير البترولية، تراجعت خلال النصف الأول من العام الجاري، بنحو 29%، لتبلغ 24 مليار دولار، مقابل 9. 33 مليار دولار خلال الفترة المناظرة من العام الماضي.
وقال نائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية في غرفة القاهرة التجارية فتحي الطحاوي، لـ "العربي الجديد"، إن تضييق الخناق على المستوردين من جانب الحكومة من خلال قانون سجل المستوردين الجديد يفتح المجال أمام المصانع المحلية للتلاعب في الأسعار في ظل غياب الرقابة الحكومية عليها، مشيرًا إلى أن الإنتاج المحلي خلال المرحلة الحالية غير قادر على تلبية احتياجات المستهلكين من المنتجات الصناعية مما يتسبب في حدوث نقص في المعروض من تلك المنتجات وارتفاع أسعارها بنسبة 40% بعد تطبيق القانون الجديد.
وفي 25 أغسطس/آب، أعلن وزير التجارة والصناعة المصري طارق قابيل، عن مدّ مهلة توفيق أوضاع أصحاب البطاقات الاستيرادية حتى 22 ديسمبر/ كانون الأول بدلاً من 6 سبتمبر/ أيلول 2017. وأشار الطحاوي إلى أن وزارة الصناعة والتجارة الخارجية تتجاهل تطبيق معايير الجودة على المنتجات المصرية  في حين أنها تتشدد في إلزام الشركات المستوردة بتطبيق ذات المعايير من خلال فرض المزيد من القيود على عمليات الاستيراد في مقدمتها، لافتًا إلى أن المنافسة بين المنتج المستورد والمصري تدفع المصانع المحلية لتحسين جودة منتجاتها وخفض أسعارها.
وكشف عن أن المؤشرات الأولية لعملية توفيق الأوضاع أظهرت أن نحو 50% من المستوردين غير قادرين على العمل وفق القانون الجديد، حيث أنه من الصعب رفع رأسمال الشركة المستوردة لـمليوني جنيه بعد تآكل رأسمالها نتيجة انخفاض قيمة الجنيه المصري تأثراً بقرار تحرير سعر الصرف في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، مشيراً إلى الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات تتعنّت في تسجيل المصانع المصدرة لديها، مما يؤدي إلى صعوبة استيراد المنتجات وانخفاض حجم أعمال الشركات المستوردة.
واستبعد الطحاوي أن يسهم قانون سجل المستوردين الجديد في ضبط الميزان التجاري نتيجة انعكاساته السلبية المتمثلة في زيادة التضخم وتفاقم أزمة الركود في الأسواق، فضلاً عن زيادة البطالة لخروج شركات عاملة في نشاط الاستيراد من السوق.

المساهمون