لماذا تتخوف فرنسا من صفقة اندماج "رينو" و"فيات"؟

لماذا تتخوف فرنسا من صفقة اندماج "رينو" و"فيات"؟

28 مايو 2019
مساع لتحصين رينو في حالة الاندماج (Getty)
+ الخط -
قال وزير المالية الفرنسي برونو لومير في حديث إذاعي اليوم الثلاثاء إن فرنسا يجب أن تحمي مصالحها ووظائفها في أي اندماج بين شركتي السيارات رينو وفيات، حتى إذا كانت حصة فرنسا في رينو ستقل تلقائيا.

وشرح لومير أن الحكومة الفرنسية ستسعى إلى "أربع ضمانات" في صفقة رينو وفيات، تتضمن حماية الوظائف الفرنسية وضمان التمثيل الجيد لفرنسا في مجلس إدارة الكيان الجديد وضمان ريادة رينو/فيات في تطوير البطاريات الكهربائية.

وأضاف: "الوظائف الصناعية والمواقع الصناعية تأتي أولاً. أبلغت رئيس رينو بكل وضوح أنها أولى الضمانات التي أريدها منه في مستهل هذه المفاوضات. ضمان الحفاظ على الوظائف الصناعية والمواقع في فرنسا".
لماذا الخوف على الوظائف؟
عادة، تترافق عمليات الاندماج والاستحواذ مع خفض الوظائف، نتيجة لتوافر مناصب مزدوجة بين الشركات المندمجة، ما يستدعي وضع شروط مسبقة في الحفاظ على القوة العاملة. في حين أن حصة الدولة الفرنسية ستتراجع في "رينو" حال الاندماج، ما يخفف من قدرتها على السيطرة على القرارات. 

إذ أكد لومير أنه في حالة المضي في الصفقة، فإن حصة فرنسا في رينو ستقل إلى 7.5 في المائة من 15 في المائة حاليا. ويريد لومير تعهدا من رئيس رينو جان-دومينيك سينار بعدم إغلاق أي من مصانع رينو في فرنسا، وأن مصالح فرنسا ستكون ممثلة جيدا في قيادة شركة رينو/فيات الجديدة.

كذلك، يأتي الاندماج حالياً في وقت تتعرض فيه من شركات السيارات لضغوطات ذاتية وخارجية نتيجة الحروب التجارية وتراجع الاستهلاك وارتفاع حدة المنافسة، فتلجأ بغالبيتها إلى قطع مناصب التوظيف، بحيث تم إنهاء 38 ألف وظيفة في شركات السيارات الأشهر الستة الماضية بحسب وكالة "بلومبيرغ". 
وأعلنت فورد الأسبوع الماضي مثلاً عن خفض 10 في المائة من موظفيها في جميع أنحاء العالم لتوفير 600 مليون دولار في السنة. في حين أشارت دايملر في أبريل/ نيسان الماضي إلى أنها تريد خفض 6.7 مليارات دولار من ميزانيتها ما سيؤدي إلى إنهاء عمل 10 آلاف موظف. 
ومع ذلك، يتحرك آخرون لتعميق الشراكات والتحالفات حتى يتمكنوا من توزيع تكاليف التنمية. إذ تقوم كل من "بي أم دبليو" و"دايملر" بتخصيص مليار دولار في مشروع مشترك لتطوير خدمات المشاركة وتقاضي الشحن. وتقوم فورد وفولكس واغن ببناء بعض المركبات الجديدة معًا.
وشرحت ميشيل كريبز، المحللة في "أوتوترايد" لموقع "سي أن أن" الأميركي، أن شركة فيات كرايسلر تمتلك علامات تجارية مثل جيب ورام التي تتمتع بإمكانات نمو كبيرة في الخارج، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا حيث تتمتع رينو بالقوة.

رينو، من ناحية أخرى، ليس لها وجود كبير في أميركا الشمالية، حيث تعتبر شركة فيات كرايسلر لاعباً رئيسياً.
بالإضافة إلى ذلك، تعتبر رينو رائدة في مجال السيارات الكهربائية، في حين تخلفت شركة فيات كرايسلر عن الركب. وقالت الشركة الإيطالية الأميركية إن الاندماج مع شركة رينو سيؤدي إلى تحقيق وفورات في التكاليف السنوية تزيد على 5 مليارات يورو (5.6 مليارات دولار).

لماذا الاندماج؟
وتبلغ القيمة السوقية لرينو، التي تمتلك 43 في المائة من نيسان، 17.3 مليار يورو. وتبلغ القيمة السوقية لنيسان، التي تمتلك 15 في المائة من رينو، نحو 35 مليار يورو. كذا تبلغ قيمة شركة فيات كرايسلر 20.4 مليار يورو.
وتواجه شركات صناعة السيارات تحديا كبيرا. تتراجع المبيعات العالمية في الوقت الذي يحتاجون فيه إلى إنفاق المزيد لتطوير السيارات الكهربائية ذاتية الحكم. هناك أيضًا منافسة جديدة تقودها تيسلا وأوبر، وفق "سي أن أن".
ويجبر الضغط شركات صناعة السيارات القائمة على اتخاذ الترتيبات التي تسمح لها بزيادة الإيرادات مع تقاسم التكاليف. وقالت ميشيل كريبز "كان هناك حديث عن التوحيد لفترة طويلة"، وأشارت إلى أن الرئيس التنفيذي السابق لشركة فيات كرايسلر سيرجيو مارشيوني كان مؤيدًا كبيرًا للاندماج، والخبر اليوم ليس مستغرباً.
وتحتاج شركات صناعة السيارات إلى التركيز على مستقبل النقل. لكن المشكلة الرئيسية الأولى تضعف المبيعات. في الصين، تراجعت مبيعات السيارات السنوية لأول مرة منذ عقدين من العام الماضي وسط الضعف الاقتصادي والحرب التجارية مع الولايات المتحدة، وفق "ٍي أن أن".
مبيعات السيارات في الولايات المتحدة تتراجع أيضًا. انخفضت مبيعات شركة فيات كرايسلر في الولايات المتحدة أكثر من 3 في المائة في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2019 مقارنة بالعام السابق. وقالت كريبز "نحن في مرحلة ما بعد الذروة حيث حققت المبيعات رقما قياسيا ثم انخفضت قليلاً". إذ بالكاد نجت صناعة السيارات من الركود العظيم. 

خطابات إيجابية

وأعلنت شركة صناعة السيارات الإيطالية الأميركية "فيات كرايسلر" إنها قدمت اقتراحا باندماج "تحولي" مع رينو، في صفقة قد تُنشئ ثالث أكبر شركة عالمية جديدة لصناعة السيارات.

وردت شركة صناعة السيارات الفرنسية "رينو" على هذا الاعلان بقولها إنها "تدرس باهتمام" بنود اندماج مقترح مع فيات كرايسلر.

وقالت رينو في بيان "بعد مراجعة متأنية لبنود عرض فيات كرايسلر الودي، قرر مجلس الإدارة أن يدرس باهتمام إمكانية أن يوفر مزيج الأعمال هذا الدعم لقطاع التصنيع في رينو ويخلق قيمة مضافة للتحالف".

وأضافت "سيصدر بيان آخر في الوقت المناسب لإخطار السوق بنتائج تلك المناقشات، وفقا للقوانين والقواعد التنظيمية المعمول بها". وجرت مناقشة الاقتراح المقدم من "فيات كرايسلر"، الذي وُضعت عليه اللمسات النهائية في محادثات جرت أثناء الليل مع رينو، في اجتماع لمجلس إدارة المجموعة الفرنسية، في وقت مبكر الإثنين.