مخاوف من سباق جديد على الحصص بين منتجي النفط

مخاوف من سباق جديد على الحصص بين منتجي النفط

21 ابريل 2016
جانب من اجتماعات الدوحة لتثبيت الإنتاج (Getty)
+ الخط -
ماذا بعد فشل اجتماع تجميد إنتاج النفط الذي عقد بالدوحة الأحد الماضي، إلى أين تتجه الأسعار؟ وهل سيتواصل سباق كسب الحصص في أسواق النفط الرئيسية؟

أسئلة رئيسية تدور في أذهان تجار البترول وأسواق الطاقة العالمية، خاصة أن السوق النفطية متخمة بفائض يبلغ نحو 1.5 مليون برميل يومياً، وسط إعلان كبار المنتجين خططاً لزيادة إنتاجهم، ومعدلات النمو الاقتصادي العالمي التي تواصل التدهور.

حتى الآن لم يحدث هبوط كبير في أسعار النفط كما كان متوقعاً، حيث هبطت أسعار النفط بنسبة 2%، قبل أن تعود للارتفاع مدفوعة بعدة أسباب،أولها وأهمها إضراب عمال الكويت الذي عطل نحو 1.5 مليون برميل يومياً، وثانيها تقديرات وكالة الطاقة الدولية في تقريرها لشهر أبريل/نيسان الجاري التي قالت فيها إن الفائض النفطي على الطلب في السوق سيكون في حدود 1.5 مليون برميل يومياً، خلال النصف الأول من العام الجاري.كما قالت اليوم أن إنتاج النفط خارج"أوبك" سيشهد أكبر إنخفاض منذ 25 عاماً.

وثالث الأسباب يرتبط بمشكلة الكهرباء المتوقعة في فنزويلا، والتي ستؤدي، حسب خبراء، إلى تعطيل جزء من الإنتاج والمشتقات، وربما تضطر البلاد إلى استيراد بعض الوقود من الخارج.
وفي هذا الصدد، يرى الخبير النفطي أوليفر جاكوب، الذي يراقب أسواق النفط لشركة بتروماتريكس "أن فنزويلا ستواجه أزمة كهرباء بعد 20 يوماً، وربما تتواصل هذه الأزمة لفترة وتؤثر على إنتاج النفط ومشتقاته".

من جانبها، ترى مؤسسة "جي بي سي" لاستشارات الطاقة أن فشل اجتماع تجميد الإنتاج الذي عقد الأحد في الدوحة لن يكون له تأثير كبير على أسعار النفط على المدى القصير.
أما العامل الرابع فيتمثل في ارتفاع الطلب عادة في موسم الصيف على الوقود في دول الاستهلاك الرئيسية في أميركا وأوروبا وآسيا، حيث يوافق موسم الصيف موسم الإجازات وزيادة حركة السفر.

ويقول البروفسور الأميركي ليونارد موغيري إن العامل الوحيد الذي سيعطي دعماً للأسعار في النصف الثاني ربما يكون خطة الاحتياطي النفطي الاستراتيجي الجاري تنفيذها في الصين، والتي ستزيد طاقة تخزين النفط بنحو 140 مليون برميل بين العام الجاري وحتى نهاية عام 2017. ويرى أن هذه الزيادة ستدعم الطلب الصيني على النفط، وربما تساهم في دعم أسعار النفط.

ولكن رغم هذه العوامل الإيجابية التي ستدعم إرتفاع أسعار النفط على المدى القصير وظهرت تأثيراتها في إرتفاع سعر خام برنت إلى 46 دولاراً في الجلسة الصباحية اليوم ، فهناك مخاوف في السوق من السباق على الحصص النفطية بين المنتجين، وأن كميات النفط الفائض على الطلب ستتزايد، خاصة إذا قررت السعودية ضخ كميات إضافية في السوق النفطية، كما صرح ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، يوم السبت الماضي لوكالة بلومبيرغ.

وكان الأمير قال إن السعودية يمكن أن تضخ فوراً 1.5 مليون برميل إضافية في السوق.
ومعلوم أن لدى السعودية فائضا في الطاقة الإنتاجية يصل 2.5 مليون برميل يومياً. وربما يتزايد سباق الحصص بين كل من روسيا والسعودية وإيران والعراق وبعض دول الخليج، وهي الدول القادرة على زيادة إنتاجها.

وفي هذا الصدد، يقول خبير النفط الأميركي البروفسور ليونارد موغيري، من جامعة هارفارد "إن السعودية لن تكرر سيناريو الثمانينيات حينما وافقت على خفض الإنتاج، في سبيل حصول تحسن في أسعار النفط، ولكن ما حدث أنها فقدت جزءا من حصتها في السوق لصالح منتجين آخرين ولم تتحسن الأسعار".

ويرى خبراء أن هذا السيناريو أو الكابوس المخيف بالنسبة للسعودية هو الذي جعلها ترفض الموافقة على خطة تثبيت الإنتاج ما لم توافق عليها إيران.


ورغم ما يقال عن المتاعب التي تواجهها إيران في الحصول على التمويل وإقناع الشركات النفطية العالمية بالتعاقد معها لتطوير صناعتها النفطية "فإن زيادة إنتاجها إلى 4 ملايين برميل، بحلول النصف الثاني من العام المقبل احتمال وارد".

كما أن احتمال زيادة صادراتها إلى 2.8 مليون برميل يومياً وارد هو الآخر، خاصة أنها كسبت عقداً مع الهند لتصدير 400 ألف برميل يومياً، في بداية الأسبوع الماضي.

وحسب رويترز، كشف نائب وزير الطاقة الروسي، كيريل مولودتسوف، الثلاثاء، أن بلاده تدرس زيادة إنتاجها من النفط الخام هذا العام. وقال المسؤول الروسي للصحافيين: "روسيا تدرس زيادة إنتاج النفط الخام خلال عام 2016"، مؤكدا أن بلوغ مستوى إنتاج عند 540 مليون طن من النفط الخام أمر يمكن بلورته على أرض الواقع.

وترى الدول المشاركة في اجتماع الدوحة أن جولة أخرى من المحادثات يمكن أن تنعقد في يونيو/حزيران المقبل، حيث يعتقد المشاركون أن هناك حاجة إلى مزيد من الوقت للتوصل إلى اتفاق موحد حول شروط تجميد إنتاج النفط، بعد أن فشل اجتماع الدوحة.

وتجدر الإشارة إلى أن إنتاج روسيا من النفط الخام بلغ في العام الماضي نحو 534 مليون طن من النفط.

وقال وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، أمس، إن صناعة القرار داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) صارت أكثر تعقيداً، وإن المنظمة لم تأخذ أي إجراء لتنظيم سوق النفط العالمية منذ 2008.

وقال نوفاك، في تصريحات خلال منتدى اقتصادي، إنه كان شاهداً على الخلاف بين الدول الأعضاء في أوبك بشأن اقتراح بتثبيت إنتاج الخام، خلال الاجتماع الذي عقد في الدوحة مطلع الأسبوع.

من جانبه، حذّر وزير النفط الفنزويلي، إيولوخيو ديل بينو، أمس، من أن أسواق النفط العالمية متخمة بالمخزونات، وأن أسعار النفط قد تنهار ما لم يستأنف منتجو النفط المحادثات بشأن تثبيت مستوى الإنتاج.

وقال إن طاقة تخزين النفط تصل الآن إلى نحو 90% من حدودها القصوى، في حين يواصل المنتجون إنتاج ما يتراوح بين 1.5 و2 مليون برميل نفط يومياً، وهو ما يزيد على الطلب في السوق.

وفي الكويت، توقع مصدر نفطي كويتي أن يصل إنتاج شركة نفط الكويت من النفط الخام إلى 2.8 مليون برميل يومياً خلال ثلاثة أيام، ثم يرتفع إلى ثلاثة ملايين برميل في اليوم خلال أربعة أيام، وذلك بعد انتهاء إضراب عمال قطاع النفط.

وقال المصدر لرويترز مشترطاً عدم ذكر اسمه إن إنتاج الشركة سوف يصل الأربعاء إلى 1.6 مليون برميل يومياً، ارتفاعاً من 1.5 مليون يوم الثلاثاء. وتأتي هذه التوقعات بعد أن أنهى عمال النفط في الكويت، أمس، إضرابهم عن العمل الذي استمر ثلاثة أيام.
ومن هذا المنطلق، فإن الفترة المقبلة ستشهد ربما سابقاً محموماً على الحصص في الأسواق الرئيسية، وستتسم بحرب تخفيضات من أجل كسب الزبائن أكثر من الاهتمام بتحسن أسعار النفط.

وهذا العامل يثير القلق في السوق النفطية، خاصة وسط المتعاملين في العقود المستقبلية، حيث أصبحت عمليات الرهان على توجهات الأسعار محفوفة بالمخاطر. وتشير توقعات وسطاء تجارة النفط في لندن إلى أن عمليات البيع ستسيطر على السوق في النصف الثاني من العام.

ويقول البروفسور موغيري، في الدراسة التي نشرها الأسبوع الماضي في جامعة هارفارد "لأول مرة في التاريخ يصاحب انهيار أسعار النفط زيادة في الإنتاج، إذ عادة ما ينخفض الإنتاج مع انهيار الأسعار".

ويرى البروفسور موغيري، أن السبب في ذلك يعود إلى عاملين رئيسيين، وهما، أولاً: زيادة الاستثمارات في الصناعة النفطية خلال الأعوام التي ارتفعت فيها أسعار النفط فوق 100 دولار.

ويرى أن الفائض الإنتاجي سيواصل الارتفاع فوق الطلب طوال العام الجاري، وربما حتى النصف الأول من العام المقبل 2017. وذلك مبني على أساس حدوث تحسن في النمو الاقتصادي العالمي.

ويقول موغيرى في دراسته "صحيح أن الشركات النفطية والدول المنتجة أعلنت خفضاً في الاستثمارات بعملياتها التشغيلية، والتي تقدر خلال العام الماضي بحوالي 150 مليار دولار". ولكنه يشير إلى أن معظم هذه الخفوضات التي أجرتها الشركات النفطية كانت في الكشوفات وتطوير الحقول التي لم تبدأ عمليات تمويلها وتحت النقاش، أما الحقول التي كانت في طور التطوير فقد تم تواصل العمل فيها.

أما العامل الثاني، فهو عودة إيران إلى السوق النفطية بعد رفع الحظر والظروف الضاغطة التي تدعم زيادة الإنتاج العراقي متى ما توفرت الفرصة لذلك.

المساهمون