السوق الموازية تبتلع دولارات السياحة التونسية

السوق الموازية تبتلع دولارات السياحة التونسية

19 مايو 2017
تذهب أغلب عوائد السياحة للسوق السوداء (Getty)
+ الخط -
يلح خبراء اقتصاديون في تونس على ضرورة الإسراع في مراجعة التشريعات المنظمة لسعر صرف العملة المحلية وزيادة نقاط تغيير العملة في المعابر الحدودية التي تستقبل مئات آلاف السياح سنويا، في مسعى لإحكام سيطرة السوق الرسمية على موارد السياحة من النقد الأجنبي الذي غالبا ما يجد طريقه إلى سوق الصرف الموازية نتيجة قلة النوافذ الحكومية.
ويعتبر مراقبون أن غياب نقاط صرف قانونية في المناطق الحدودية أدى إلى تعاظم ظاهرة تهريب العملة وشح السيولة في البلاد، فضلا عن تراجع احتياطات المصرف المركزي من النقد الأجنبي.
وتشير دراسات اقتصادية إلى أن حجم العملة الصعبة المتداول في نقاط الصرف غير القانونية يفوق مدخرات المصرف المركزي، الأمر الذي ساهم في تغذية التهريب والإرهاب وعجز المركزي عن وضع حد لانزلاق سعر الدينار الذي يقترب من 2.5 مقابل الدولار، و2.8 دينار مقابل اليورو، بعد أن فقد أكثر من 60% من قيمته على امتداد السنوات الخمس الماضية.
ويقول الخبير الاقتصادي بلحسن الزمني، إن جزءا من ضعف عائدات القطاع السياحي مرده غياب نقاط صرف على الحدود الغربية والجنوبية، لافتا إلى أن أقرب نقطة صرف بنكية من معبر ملولة على الحدود الجزائرية تبعد أكثر من 30 كلم، ما يُجبر الكثير من السياح على التعامل مع السوق الموازية.
وأضاف الزمني في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن معبر ملولة يضخ يوميا آلاف السياح الجزائريين القادمين عبر البر، معتبرا أن غياب نقاط الصرف يمثل مناخا ملائما لتغيير العملة خارج الأطر القانونية.
ولفت المتحدث إلى أن الحكومة مطالبة بإعادة النظر في قانون الصرف وحث المصارف على فتح نقاط على المعابر، على الأقل قبل بداية الموسم السياحي الحالي، لقطع الطريق على تجار العملة في السوق السوداء حتى لا تبتلع هذه السوق إيرادات السياحة.
وتساءل الخبير الاقتصادي عن جدوى الحملات الإعلامية والمجهود الذي تبذله وزارة السياحة لاستقطاب الأسواق الخارجية في الوقت الذي تستولي سوق الصرف السوداء على نحو 30% من العائدات التي يوفرها سياح السوق المغاربية.

وبحسب بيانات رسمية لجامعة الفنادق، سجل النشاط السياحي خلال الربع الأول من العام الجاري زيادة بنحو 40% في حين أن الزيادة في عائداته من العملة الأجنبية لم تزد سوى 4.4% عن الربع المقابل من العام الماضي.
كما سجل عدد الوافدين إلى الوجهة التونسية خلال الفترة ذاتها زيادة بنحو 37.6%، بفضل دخول 388 ألف سائح جديد مقارنة بالربع الأول من العام الماضي، من بينهم 191 ألف مغاربي و112 ألف سائح ليبي و60 ألف سائح من السوق الأوروبية.
ويعتبر نائب رئيس جامعة الفنادق، جلال الدين الهنشيري، أن غياب نقاط الصرف المنظمة على الحدود يحول دون انتفاع الدولة بجزء مهم من عائدات السياحة، مشيرا إلى أن السوق المغاربية (من الجزائريين والليبيين) توفر سنويا أكثر من 2.5 مليون سائح يقوم جلهم بتحويل عملاتهم في السوق السوداء.
وأوضح الهنشيري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن ضعف عائدات السوق السياحية المغاربية مرده أن نحو 20% من السياح المغاربة يقضون لياليهم في النزل، في حين أن 80% منهم يختارون السكن في الشقق والمنازل، معتبرا أن محافظ البنك المركزي الشاذلي العياري، كشف جزءا من الحقيقة بتساؤله عن عائدات القطاع السياحي من النقد الأجنبي.
وقال العياري متسائلاً أمام أعضاء البرلمان قبل يومين: "وينهم فلوس السياحة. وين مشاو" (أين ذهبت؟)، ليفتح الباب واسعاً أمام تأويلات بعضها يستند إلى معلومات تشير إلى تعمد الشركات المهمة في القطاع السياحي إخفاء عوائدها خارج الدولة.
ويعتبر مهنيو السياحة أن محافظ البنك المركزي كشف جزءا من الحقيقة لكنه لم يشخص مواطن الخلل جيدا، داعين إلى ضرورة معالجة نقاط الضعف في قطاعهم عبر إصلاح القطاع المالي.

المساهمون