الأسهم الأميركية تدفع ثمن صراعات ترامب

الأسهم الأميركية تدفع ثمن صراعات ترامب

26 مارس 2018
المستثمرون يتخوفون من انتهاء عصر انتعاش الأسهم (Getty)
+ الخط -


تراجعت الأسهم الأميركية بصورة كبيرة خلال الأسبوع الماضي، ليكون أسوأ أسبوع لها في أكثر من عامين، وسجلت المؤشرات الرئيسية خسائر ضخمة، عصفت بأية أرباح تم تحقيقها خلال العام الحالي 2018، إلا أنها مازالت أعلى من مستوياتها عند وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

وخسر مؤشر داو جونز الصناعي أكثر من 1400 نقطة في الأسبوع الأخير وحده، أي حوالي 5.7% من قيمته، في أكبر خسارة أسبوعية له منذ يناير/كانون الثاني 2016، ليمحو كل المكاسب التي حققها منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2017.

كما هبط مؤشر ستاندرد آند بورز الأوسع نطاقاً بنسبة 6%، لتعد نسبة التراجع لأكثر من 5% هي الثالثة خلال آخر شهرين، وهو ما لم يحدث سوى مرتين خلال السنوات الخمس الأخيرة.

أما مؤشر ناسداك الذي تغلب عليه أسهم التكنولوجيا، فتراجع بحوالي 7.3%، في أعلى خسارة له منذ عام 2015، وترتب على ذلك ذهاب عشرات المليارات من قيمة شركات التكنولوجيا أدراج الرياح.

وتسببت عوامل كثيرة في تلك الخسائر في سوق الأسهم، كان أولها فضيحة الخصوصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وهو ما سمح لشركة كامبريدج أناليتيكا، إحدى شركات الدعاية والتسويق وبعض المهام الأخرى الغامضة، بالوصول إلى البيانات الشخصية لحوالي 50 مليون مستخدم، دون الحصول على موافقتهم، ثم إعلان بعض كبار مساهمي فيسبوك نيتهم مقاضاتها بسبب تلك الفضيحة.

وأدى ذلك إلى انخفاض سهم فيسبوك بأكثر من 9.5% خلال الأسبوع الماضي، بعد أن طلب جريج والدن، النائب الجمهوري عن ولاية أوريغو، سماع شهادة مارك زوكيربرغ، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، في تلك الفضيحة. وقال والدن "أعتقد أن زوكيربرغ هو أفضل من يحدثنا عن تلك الأشياء"، وبالفعل تمت دعوته إلى مجلس النواب.

ومجتمعة مع سهم فيسبوك، خسرت أسهم التكنولوجيا الكبرى، أمازون ونتفليكس وألفابيت (الشركة الأم لغوغل)، حوالي 76 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال تعاملات يوم الإثنين وحده من الأسبوع الماضي، في واحدة من أفدح الخسائر قيمةً في تاريخ البورصات الأميركية.

أيضاً كان الخوف من نشوب حرب تجارية بين الصين والولايات المتحدة، لا يستبعد أن تنجر إليها دول أخرى، عاملاً مهماً وراء تلك الانخفاضات، بعد أن أعلن ترامب يوم الخميس الماضي فرض تعريفات جمركية جديدة على ما قيمته 60 مليار دولار من واردات بلاده من الصين، فيما يبدو أنه خطوة أولى باتجاه تقليم أظافر الصين التجارية، ووضع حد لما تعتبره الإدارة الأميركية ممارسات تجارية واستثمارية غير عادلة.

كما قرر ترامب فرض قيود جديدة على عمليات الاستحواذ الصينية داخل الولايات المتحدة، وعلى عمليات نقل التكنولوجيا من بلاده التي تقوم بها الصين، وأعلن أنه سيطلب من حلفائه الأوروبيين ومن منظمة التجارة العالمية تأييده في هذه القرارات.

وسببت قرارات ترامب ذعراً في الأسواق الأميركية، التي شهدت عمليات بيع مكثفة عقب الإعلان عن التعريفات الجديدة، وكذلك شروع الصين بالفعل في إعداد قائمة بالإجراءات التي يمكن اتخاذها ضد الولايات المتحدة. وتمثل الطائرات والمنتجات الزراعية أهم واردات الصين من الولايات المتحدة.

وقبل أيام أصدرت وول مارت، وتارغت، وميسيز، وبست باي، وهي شركات تجزئة كبرى بالإضافة إلى كيانات أميركية أخرى خطاباً حثت فيه ترامب على عدم فرض تعريفات جمركية على المنتجات الصينية، كونها تمثل "عقاباً للعائلات الأميركية" في صورة ارتفاع في أسعار مستلزمات أساسية، كالملابس والأحذية والإلكترونيات والسلع المنزلية.

كما وصفت غرفة التجارة الأميركية التعريفات بأنها "ضرائب مدمرة على المستهلك الأميركي". وقال مسؤول بالبيت الأبيض إن نصائح الأطراف المعنية "هامة وقيمة" إلا أنه أضاف "لكن الحوار مع الصينيين على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية كان بلا جدوى".

وبالإضافة إلى المشكلات الخاصة بفيسبوك، والقلق من الحروب التجارية، ساهمت تغريدات ترامب خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي في ارتفاع المخاوف في الأسواق، بعدما صعد من هجومه على المحقق الخاص روبرت مولر، الذي يتولى حالياً التحقيق في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية في 2016، في إحداها، كما أبدى في أخرى رد فاعل غاضبا تجاه تهديد نائب رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي المُقال أندرو مكابي بتقديم بعض المذكرات التي تحوي تفاصيل اتصالاته بالرئيس الأمبركي.

وقال لوري كالفاسينا، رئيس استراتيجيات الأسهم الأميركية في شركة "آر بي سي كابيتال ماركتس" إن " واشنطن أصبحت مؤخراً معوقة أكثر منها دافعة للأسواق"، في إشارة إلى سياسة الإدارة الأميركية.

وزاد من التأثير السلبي لواشنطن على الأسواق استقالة جاري كون، كبير مستشاري ترامب الاقتصاديين، وهو ابن وول ستريت (حي البورصات بنيويورك) المؤيد الدائم لحرية التجارة، وإقالة ركس تيلرسون، وزير الخارجية، ما أوحى بوجود بعض الفوضى داخل البيت الأبيض، لكن ترامب قال "فوضى؟ أي فوضى؟!".

وينتظر المستثمرون التطورات في موضوع التعريفات الجمركية خلال الأسبوعين القادمين، بالاضافة إلى ما ستسفر عنه تطورات قضية الخصوصية على مواقع التواصل الاجتماعي، لمعرفة ما إذا كان ما حدث خلال الشهرين الأخيرين لأسعار الأسهم هو مجرد كبوة، تعاود بعدها المؤشرات الصعود، أم أن شهر عسل الأسهم انتهى.

المساهمون