تحجيم استيراد السيارات يُغضب الوكلاء في تونس

تحجيم استيراد السيارات يُغضب الوكلاء في تونس

24 سبتمبر 2015
وكلاء السيارات تضرّروا من عدم رفع الواردات (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

أثار قرار الحكومة بعدم السماح برفع حصة توريد (استيراد) السيارات استياء الوكلاء معتبرين أن الحكومة تنكرت لتعهدات سابقة لها، ما سيفتح الباب على مصراعيه أمام السوق الموازية (السوق السوداء).

ورفضت وزارة التجارة مطلب غرفة وكلاء السيارات بالسماح لهم توريد 55 ألف سيارة موديل سنة 2015، داعية إلى الاكتفاء بالحصة المعمول بها حالياً والمقدرة بـ45 ألف سيارة.

وبرّرت وزارة التجارة قرارها بصعوبة الوضع الاقتصادي الذي يفرض على الحكومة المحافظة على توازنات الميزان التجاري واتباع سياسة نقدية صارمة للمحافظة على احتياطي المصرف المركزي من العملة الأجنبية.

وتطالب غرفة وكلاء توريد السيارات بالتحرير الكلّي لنشاط توريد السيارات للحد من الأضرار التي تسبّب فيها النظام الحالي (نظام الحصص) لكل من المستهلك والوكيل والدولة.

وأكد مسؤولون بالغرفة أنّ التحرير الكلي للقطاع هو السّبيل الوحيد لخلق منافسة حقيقية بين الوكلاء تؤدّي إلى تحسين الأسعار وخدمات ما بعد البيع، معتبرين أن زيادة عدد السيارات المسموح بتوريدها سيؤدّي إلى محاصرة السوق الموازية التي تستحوذ على 40% من إجمالي السوق.

ويعتبر الناطق الرسمي باسم غرفة وكلاء السيارات، مهدي محجوب، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن رفض الحكومة رفع حصة توريد السيارات سيؤدي إلى استفحال السوق الموازية.

ويرى محجوب أن قرار الحكومة بتحديد حصة الموردين غير صائب ويتعارض مع مبدأ تحرير النشاط الاقتصادي والإصلاحات التي تنوي الدولة القيام بها لافتاً إلى أن الحد من نشاط توريد السيارات يحرم الدولة من عائدات جبائية مهمة.

وأشار الناطق الرسمي باسم الوكلاء إلى أن صادرات قطاع الصناعات الميكانيكية يتميز بوجود فائض هيكلي هام إذ أن صادرات هذا القطاع تعادل 3 أضعاف الواردات وهو ما يجعل قطاع توريد السيارات ممولاً من عائدات الصناعات الميكانيكية.

وشدّد محجوب على أن تحرير توريد السيارات سيمكن من خفض الضغط الجبائي الموظف على توريد السيارات عبر مراجعة نسبة الأداء على الاستهلاك وهو ما سيؤدي إلى انخفاض سعر السيارات إلى جانب إنعكاس هذا الإصلاح على الاستثمار والتشغيل زيادة على تمكين الدولة من استخلاص مبالغ جبائية هامة و توفير نحو 600 مليون دينار من العملة الأجنبية لفائدة ميزان المدفوعات بفعل تسهيلات الدفع الممنوحة للوكلاء دون سواهم.

ويصرّ محجوب على أن تحرير توريد السيارات سيمنح القطاع دفعة سواء من حيث المنافسة بين الوكلاء أو تحسين جودة خدمات ما بعد البيع علاوة على رفع قيمة الصادرات التونسية من الصناعات الميكانيكية ومكونات السيارات.

ويتمّ توزيع حصص توريد السيارات على أساس التعاون الصناعي لوكلاء السيارات و تضبط وزارة التجارة حصة كل مزود بناء على شرائه أو تصديره لمنتوجات صناعية تونسية من قطاع الصناعات الكهربائية والميكانيكية أو استثماره في مشاريع في نفس القطاع.

اقرأ أيضاً: إضراب سائقي النقل يعطّل تونس

ورغم توقيعها لاتفاق الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي بخصوص تحرير المبادلات التجارية، مند سنة 1994 وتحرير التجارة الخارجية بنسبة 90% تقريباً لا تزال بعض الواردات على غرار السيارات تخضع لمراقبة الإدارة.

وتضع الحكومة جملة من الشروط قبل تمكين أي وكيل من ترخيص توريد السيارات تتعلق أساساً بتوفير البنية الأساسية لهذا النشاط كالمستودعات وقاعات العروض ومصلحة الصيانة وخدمات ما بعد البيع.

ويقع توريد السيارات بالرجوع إلى الميزان التجاري وهو ما يجعل الدول تصر على المحافظة على دورها الرقابي على عمليات التوريد حتى تحافظ على احتياطها من العملة.

وقد لجأت الحكومة عادة في حالات العجز المتفاقم للميزان التجاري إلى الحدّ من التوريد (توريد السيارات مثلاً) للتحكم في احتياطي العملة الصعبة.

وشهدت السنوات العشر الأخيرة إصلاحات جبائية وقانونية متتالية أدّت إلى الترفيع في حصة السوق المنظمة إلى نحو 85 بالمائة من سوق السيارات في تونس قبل أن تحصل ردة منذ 2011 بفعل التخفيض في البرنامج العام لتوريد إلى نحو 45 ألف سيارة سنوياً مقابل 58 ألف سيارة عام 2010.

ويتوقع المراقبون لنشاط توريد السيارات أن تشهد السوق التونسية زيادة الضغط نحو التحرير الكلي لسوق السيارات في تونس خاصة مع دخول العديد من الماركات الجديدة على الخط.

وكانت الفترة الأخيرة قد شهدت انطلاق تسويق سيارة "سكودا" التشيكية فيما سينطلق قريباً ترويج سيارة "لادا" الروسيّة وحصلت كلّ من "هوندا" و"سوزوكي" اليابانيتان على الترخيص الأوّلي.

ويُذكر أنّ قطاع الصناعات الميكانيكية أصبح منذ سنة 2006 أول قطاع مصدّر في تونس متفوقاً بذلك على قطاع النسيج والملابس الذي كان طيلة عقود قاطرة التصدير.

ويؤكد وكلاء السيارات أن تونس البلد الوحيد في منطقة شمال أفريقيا الذي لا يزال يخضع لنظام الحصص في غياب نص قانوني واضح يحدد هذا النشاط.

وكان إسناد الحصص قبل ثورة 14 يناير/كانون الثاني يقع نظرياً على أساس مجهود الوكيل في تنمية القطاعات الصناعية ذات الصلة بقطاع مكونات السيارات ودعم مجهود التصدير.

كما كان نظام الحصص يقوم على أساس المحسوبية لاسيما وأن أغلب وأبرز الماركات العالمية تسوق من قبل وكلاء سيارات ليسوا سوى أصهار الرئيس المخلوع وقد تم بعد الثورة مصادرة هذه المؤسسات وإحالتها إلى الدولة التي قامت بإعادة بيعها لمجموعات اقتصادية تونسية.

ورغم الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد تشهد سوق السيارات في تونس انتعاشة كبيرة ويشهد الأسطول ارتفاعاً مطرداً مع الإقبال المكثف على السيارات الصغيرة الحجم في ظل التسهيلات التي تمنحها المصارف وشركات الإيجار المالي لاقتناء السيارات.


اقرأ أيضاً: تونس بلا نقل داخلي 3 أيام

المساهمون