بنوك الخليج تتشدد مع الصغار

بنوك الخليج تتشدد مع الصغار

28 ابريل 2015
+ الخط -
اتجهت البنوك إلى تشديد الشروط المتعلقة بإقراض الشركات الصغيرة والخاصة في دول الخليج في علامة على أن اقتصاد دول المنطقة لم يفلت بالكامل من الآثار السلبية لانخفاض أسعار النفط بشكل كبير في الأسواق العالمية خلال الأشهر الأخيرة.

ونقلت وكالة "رويترز" عن مصرفيين ورجال أعمال قولهم، إن الشركات الصغيرة تلقى صعوبة متزايدة في الاقتراض، وحتى عندما تستطيع الحصول على قرض، فإن البنوك تطالبها بشروط أكثر تشدداً مثل المزيد من الضمانات والتشدد في الالتزام بالوثائق المطلوبة وتقيدها بفترات أقصر لسداد القرض.

وخلصت دراسة للبنك الدولي إلى أن إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة يمثل جزءاً صغيراً فقط من أنشطة البنوك، إذ بلغ في عام 2010 حوالي 2% من قروض بنوك مجلس التعاون الخليجي. وتعتمد الشركات الصغيرة والمتوسطة اعتماداً كبيراً على مصادر تمويل أخرى مثل الشركات المالية غير المصرفية.

وبدلاً من مواجهة تهاوي أسعار النفط بالتقشف، بادرت معظم دول الخليج إلى زيادة الإنفاق بهدف ضمان استمرار النمو بوتيرة سريعة.

وبدلاً من الاقتراض من السوق المحلية أو السحب من ودائع البنوك المحلية، لجأت حكومات دول مثل السعودية إلى تغطية عجز الموازنة الناتج عن انخفاض أسعار النفط من خلال إعادة بعض الأموال المدخرة في الخارج إلى البلاد.

ومن المنتظر أن تؤدي هذه الإجراءات إلى تقلص السيولة الوفيرة في الأجهزة المصرفية في دول الخليج جراء انخفاض إيرادات النفط.

وواصلت الودائع نموها رغم بطء وتيرة النمو في بعض الحالات، وأصبحت أسعار الإقراض ما بين البنوك قرب أدنى مستوياتها منذ أعوام.

ورغم أن الاقتراض مازال سهلاً لكثير من الشركات في الخليج، والقروض متاحة بسهولة بأسعار منخفضة جدّاً، فإن الشركات الصغيرة لا تستفيد من هذا الوضع لعدم ارتباطها بالحكومات.

لكن ما يحدث للشركات الصغيرة والمتوسطة قد يصبح في نهاية الأمر اتجاهاً يشمل قطاع الشركات بأكمله. وما يحل بالشركات الصغيرة والمتوسطة أمر له أهميته، إذ إنها تمثل عنصراً مهماً في توفير الوظائف في دول المجلس، وتقول تقديرات رسمية، إن أكثر من 40% من مجموع العاملين في دبي يعملون في هذا النوع من الشركات.

أزمة سيولة

مازالت البنوك تقدم القروض بسخاء لكبار المقترضين. وأظهرت بيانات أن حجم القروض المشتركة الجديدة في الشرق الأوسط، خلال الربع الأول من العام الجاري، زاد إلى مثليه مقارنة بالربع السابق، ليصل إلى 23.25 مليار دولار، مسجلاً، بذلك، ثاني أعلى مستوى فصليّ له منذ عام 2008.

ومازالت أسعار الإقراض تتراجع لكبار المقترضين. فقد اقترضت شركة أرامكو السعودية العملاقة للنفط ما يعادل عشرة مليارات دولار، في مارس آذار، بأسعار تقل عدة نقاط أساس عن تسهيل سابق حصلت عليه عام 2010.

غير أن الشركات الصغرى الخاصة تمر بتجربة مختلفة.

وقال داني العيد، مؤسس شركة بكسل بج للتكنولوجيا الرقمية في دبي، إن البنوك تزداد تشدداً.

وأضاف: "البنوك تطرح شروطاً غير معقولة تشمل عمليات توثيق تستهلك الوقت، وتفرض عقوبات على دفعات السداد المبكر وفترات سداد قصيرة لتقديم القروض بجانب تقاضي أسعار فائدة كبيرة".

اقرأ أيضاً: موديز: مصارف البحرين وعمان الأكثر تأثراً من تهاوي النفط

وأفاد العيد بأنه اقترض 200 ألف درهم (54500 دولار) في فبراير/شباط الماضي من منصة بيهايف الإلكترونية على الإنترنت للشركات الصغيرة في الإمارات بسعر فائدة 14% بالمقارنة مع الفائدة التي طالب بها بنك محلي وبلغت 24%.

واعترف مصرفيون بأنهم أصبحوا أكثر حذراً بشأن إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة بدعوى أن انخفاض أسعار النفط قد يحرم الشركات من الحصول على أعمال جديدة.

وتجاوزت قيمة المشروعات الاقتصادية الجديدة التي تمت ترسيتها في دول مجلس التعاون الخليجي 40 مليار دولار في الربع الأول بزيادة 9.9% عن الربع السابق، وفقاً لبيانات بنك أبوظبي التجاري.

لكن عملية ترسية العقود تراجعت في بعض الدول مثل السعودية والإمارات بعد أن دفع انخفاض أسعار النفط الحكومتين إلى التحرك وتعليق العمل في بعض المشروعات غير الضرورية.

وحتى في قطر التي تزايدت فيها ترسية العقود عمدت الحكومة إلى الاقتصاد بعرض شروط أسعار أقل سخاء على بعض المتعاقدين.

وفي حين يمكن للشركات الكبرى أن تجاري بسهولة التأخر في ترسية العقود أو تقليصها، فإن الشركات الصغرى قد تواجه مواقف صعبة يكون الاختيار فيها بين الحياة والموت مما يجعل البنوك تتردد في إقراضها.

مخاوف البنوك

وثمة أسباب أخرى لرفض إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة. فقد بلغت أسواق العقار في دبي وبعض دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى ذروتها في الوقت الراهن.

كذلك فإن حملة تضييق تشنها السلطات الأميركية المعنية على عمليات غسل الأموال على المستوى العالمي أدت إلى زيادة عبء الالتزام باللوائح على البنوك التي تتعامل مع الشركات الصغيرة والمتوسطة. إذ يتعين على البنوك بذل مزيد من الوقت والجهد في التحقق من مشروعية أموال زبائنها، وهو أمر له جدواه الاقتصادية بالنسبة للشركات الكبرى، لكنه ينعكس سلباً على الشركات الصغرى.

وفي العام الماضي، أغلق بنك ستاندرد تشارترد حسابات آلاف الزبائن من الشركات الصغيرة والمتوسطة في الإمارات في إطار تسوية مع السلطات الأميركية تستهدف محاربة غسل الأموال. وبحث البنك إمكانية بيع هذه الحسابات، غير أنه لم يتمكن من ترتيب صفقة في المهلة المحددة.

وقال مصرفي كبير يتولى محفظة القروض في بنك بالإمارات: "نحن نشهد تعرض قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة للضغط في كثير من الأحيان، وأحياناً ينتج ذلك عن تغيرات في أسعار السلع الأولية وأحياناً أخرى يرتبط بالسيولة".

وتسود تساؤلات عما إذا كان تشديد القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة مقدمة لتشديد أوسع نطاقاً في سوق القروض الخليجية في وقت لاحق من العام الجاري.

ويبدو مستبعداً أن يحدث تشديد على نطاق كبير ما دامت وزارات المالية في دول مجلس التعاون مستمرة في إدارة أموالها بطريقة تتجنب الضغط على السيولة في النظام المصرفي.

غير أنه إذا ظل النفط دون 70 أو 80 دولاراً للبرميل فلن يكون من الممكن أن يستمر هذا الوضع إلى أجل غير مسمى، خصوصاً لدول مجلس التعاون الأضعف ماليّاً. وفي سبيل الحفاظ على الإنفاق الحكومي المرتفع ستضطر هذه الدول إلى دخول سوق الاقتراض لتزاحم بذلك القطاع الخاص على القروض.

ويبدو أن هذا الخطر كان ماثلاً أمام البنك المركزي العماني، الشهر الماضي، عندما طالب عدة بنوك ومؤسسات مالية عمانية بخفض توزيعاتها النقدية للعام الماضي عن اقتراحاتها الأصلية.

اقرأ أيضاً: 3 مليارات دولار أرباح البنوك السعودية في 3 أشهر

دلالات

المساهمون