فاتورة المهاجرين تفجّر أزمة داخل الكونغرس الأميركي

فاتورة المهاجرين تفجّر أزمة داخل الكونغرس الأميركي

30 يونيو 2019
مهاجرون من المكسيك اعتقلهم حرس الحدود الأميركي (فرانس برس)
+ الخط -

في تصعيد جديد بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، اللذين يتقاسمان السيطرة على مجلسي الكونغرس، تمسك مجلس الشيوخ الأميركي الأربعاء الماضي بفاتورة الإنفاق الضخمة الخاصة بالمساعدات الإنسانية للمهاجرين على الحدود الأميركية مع المكسيك، والمقدرة قيمتها بمبلغ 4.6 مليارات دولار، وذلك بأغلبية كاسحة (84/8).

ورفض مجلس الشيوخ الفاتورة التي أقرها مجلس النواب في اليوم السابق، لتتعقد الأزمة التي يعاني منها، بخلاف المهاجرين، سكان المدن على الحدود في الجانبين منذ فترة، بينما يستعد أعضاء الكونغرس لمغادرة واشنطن في إجازة عيد الاستقلال في 4 يوليو/ تموز المقبل.

وهدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بترحيل ملايين المهاجرين الذين دخلوا إلى الولايات المتحدة، بصورة غير شرعية، وذلك في حملات مداهمة موسعة بدأت هذا الأسبوع.

وبعد أن تعرضت الإدارة الأميركية لانتقادات حادة، بسبب سوء الأحوال المعيشية للاجئين على الحدود الأميركية المكسيكية، أقر مجلس النواب الأميركي، ذو الأغلبية الديمقراطية، في ساعةٍ متأخرة من يوم الثلاثاء، بعد مناقشات دامت يومين، فاتورة تمويل تقدر بحوالي 4.5 مليارات دولار، من أجل توفير الطعام والشراب والمأوى المؤقت للمحتجزين هناك.

ويوم الأربعاء، قالت نانسي بيلوسي، زعيمة الأغلبية الديمقراطية بمجلس النواب، إن "المجلس لن يقبل فاتورة مجلس الشيوخ بهذه البساطة".

وخلافاً لما جاء في الفاتورة التي أقرها مجلس الشيوخ، ركز مجلس النواب في فاتورته على ضرورة المحاسبة الشديدة للمقاولين الذين يتم الاتفاق معهم على تقديم الخدمات في أماكن تجمع اللاجئين، للتأكد من استيفائها المواصفات المطلوبة واللائقة.

ولم يتطرق إلى توجيه أي مبالغ لتحسين قدرات قوات إنفاذ القانون المتعاملة مع طالبي اللجوء على الحدود، كما جاء في فاتورة مجلس الشيوخ.

ومن المتوقع أن يحاول المجلسان التوصل إلى فاتورة موحدة، ليتم إرسالها إلى الرئيس ترامب للتوقيع عليها خلال الأيام القليلة المقبلة.

وبعد انتشار صورة مؤلمة لجثة أب وابنته البالغة من العمر سنتين، أثناء محاولتهما عبور الحدود ودخول الولايات المتحدة، قال الديمقراطيون إن الفاتورة التي أقروها تستهدف الحد من قسوة الرئيس الأميركي وسياساته مع المهاجرين، الأمر الذي دفعهم للتشدد في وضع القيود على إنفاق المبلغ الذي تم إقراره.


وقالت نيتا لوواي، العضو الديمقراطي في مجلس النواب عن ولاية نيويورك: "نريد أن نتأكد أن الأموال ستوجه إلى المساعدات الإنسانية فقط، لا إلى مطاردة المهاجرين ومحاصرتهم، ولا إلى بناء جدار على الحدود".

واعتبر ترامب أن القيود المفروضة مبالغٌ فيها، إلا أنه أكد أنه في حاجة ماسة للأموال "لمساعدة الأطفال والعائلات"، وذلك قبل رفض مجلس الشيوخ فاتورة مجلس النواب، وإقرار فاتورته الخاصة.

ولم يُكتب للفاتورة النجاح في مجلس النواب إلا بعد إضافة نصوص تلزم إدارة حماية الحدود بوضع خطط وعقد اتفاقات لتوفير المساعدات الصحية، وتحسين نوعية الغذاء وأدوات التعقيم، وتدريب القائمين على رعاية الأطفال والكبار من المهاجرين الموجودين في تلك المناطق، الأمر الذي يعكس قلق كثيرين من أعضاء الحزب الديمقراطي من تمكن ترامب من الأموال، وتغيير وجهتها إلى ما يخدم سياساته الهادفة لمنع الهجرة غير الشرعية عبر حدود بلاده مع المكسيك.

وبعد تصويت مجلس الشيوخ يوم الأربعاء، غرّد ترامب، على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، مطالباً الكونغرس بـ"إغلاق الثغرات التي تؤدي إلى تفاقم الأزمة"، مؤكداً أنه "يتعين علينا العمل من أجل إيقاف تهريب الأطفال والنساء وبيع المخدرات"، وذلك بخلاف تقديم المساعدات الإنسانية.

وجاء التصويت في المجلسين، كلٌ لصالح فاتورته الخاصة، بعد ساعات قليلة من استقالة جون ساندرز، القائم بأعمال مفوض إدارة الهجرة وحماية الحدود، والذي تولى مهام منصبه قبل شهرين فقط، على خلفية صدور تقارير عن سوء الأحوال المعيشية لطالبي اللجوء، بمن معهم من أطفال، إلى حد عدم توفر الأدوات الأساسية المطلوبة لحمايتهم من الأمراض.


وتشير التوقعات إلى تولي مارك مورغن، القائم بأعمال رئيس وحدة الإنفاذ الخاصة بالحدود والمهاجرين، مهام المنصب الشاغر، كونه على وفاق مع البيت الأبيض وسياساته الخاصة بالإبعاد الجماعي للمهاجرين غير الشرعيين، وهي العملية التي كان مخططاً البدء بها الأسبوع الماضي، قبل أن يتم تأجيلها لمدة أسبوعين.

ورغم سياسات ترامب المناوئة للهجرة، وخاصة القادمة عبر الحدود الأميركية مع المكسيك، طلباً للجوء إلى الولايات المتحدة، استمرت أعداد القادمين في الازدياد، إذ عبر الحدود الأميركية المكسيكية خلال مايو/ أيار الماضي أكثر من 140 ألف طالب لجوء، وهو أكبر عدد منذ ما يقرب من 150 شهراً، ليصل إجمالي عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين عبروا الحدود الأميركية، منذ بداية السنة المالية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلى أكثر من 33 ألف مهاجر.

وأصبحت أماكن إيواء اللاجئين المتاحة، والتي تم بناؤها قبل أكثر من عشر سنوات، غير صالحة لأعداد ونوعية اللاجئين الحاليين، بعد أن تزايد عدد النساء والأطفال بينهم، وهي التي تم تصميمها لاستقبال المهاجرين من الرجال، بدون عائلاتهم، ولبضع ساعات فقط.

ولا تشتمل الأماكن الحالية على أسرة لنوم المهاجرين، ولا أماكن لاستحمامهم، ولا يتوفر فيها إلا مكان لقضاء الحاجة، بالإضافة إلى حوض صغير للاستخدام السريع. وتُولِي فاتورة مجلس النواب عناية خاصة لتطوير مرافق تلك المناطق، بينما تركز فاتورة مجلس الشيوخ على إحكام الرقابة على منافذ العبور، من أجل الحد من تدفق اللاجئين.

المساهمون