الحقول عالية الكلفة تؤرق شركات الطاقة العالمية

الخسائر تطارد شركات الطاقة المطورة لحقول المياه العميقة

06 نوفمبر 2019
حقل مارليم مقابل شاطئ كامبوس بالبرازيل (Getty)
+ الخط -

تواجه شركات النفط العالمية خسائر كبيرة في استثمارات الحقول النفطية المكلفة التي أجرتها في المياه العميقة بين أعوام 2010 -2014. 

وحسب دراسة حديثة صدرت عن شركة "رايستاد إنيرجي" النرويجية المتخصصة في دراسات الطاقة، فإن هذه الحقول المكلفة، تم التعاقد عليها وتنفيذها على اعتبار أن أسعار النفط المرتفعة وقتها، فوق 100 دولار، ستتواصل خلال العقد الجاري، وبالتالي ستتمكن من تحقيق أرباح طائلة من استثماراتها.

لكن سرعان ما انهارت الأسعار في نهاية العام 2014 وهبطت تحت مستوى 30 دولاراً.، حينما رفعت منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، وعلى رأسها السعودية الإنتاج على أمل كبح ثورة النفط الصخري الفتية في ذلك الحين.

وكانت أسعار النفط ارتفعت بين أعوام 2010 و2014 فوق مائة دولار وبلغت ذروتها لدى 147 دولاراً للبرميل، وهي مستويات مغرية للاستثمار في الصناعة النفطية وتحديداً المخاطرة في آبار المياه العميقة.

وما شجع شركات الطاقة العالمية أكثر، على الاستثمار في الحقول المكلفة، أن المستثمرين في أسواق المال أقبلوا على شراء أسهم وسندات الطاقة في أسواق المال العالمية. وهو ما وفر وقتها تمويلاً رخيصاً نسبياً مقارنة بكلفة التمويل المصرفي لتنفيذ هذه المشاريع.

وحسب تقرير الشركة النرويجية، فإن هذه المستويات المرتفعة من الأسعار، شجعت على تنفيذ العديد من حقول المياه العميقة في البرازيل وكندا وبريطانيا في حقول الشمال، خاصة بين أعوام 2010 و2014.

ويتوقع تقرير شركة "رايستاد أنيرجي"، أن لا تحقق الشركات التي طورت حقولاً في المياه العميقة أرباحاً من مبيعات النفط ما لم ترتفع أسعار النفط فوق مستوى 70 دولاراً، نسبة للكلفة العالية التي تتكبدها الشركات والفترة الطويلة التي تأخذها عمليات التطوير.

وقالت الشركة النرويجية إن الحقول التي تم البدء في تنفيذها في الأعوام بين 2010 و2012 ربما تتمكن من تحقيق أرباح ضئيلة من أسعار النفط الحالية، أما الحقول التي تم تطويرها بين أعوام 2013 و2014، فإنها لن تحقق أرباحاً وربما تكون الشركات التي تملكها سعيدة إن لم تتكبد خسائر.

وتصل كلفة تطوير الحقول في المياه العميقة مليارات الدولارات، كما يأخذ حفر الحقل وإكمال تطويره حتى مرحلة الإنتاج فترات تراوح بين 5 إلى 7 سنوات. فحقل هيرنيا بكندا مثلاً، استغرق إنجازه سبعة أعوام بتكلفة زادت على 4 مليارات دولار، بعد أن تم تصميم قاعدته المكونة من 450 ألف طن من الخرسانة المسلحة لتقاوم التصادم مع جبل جليدي من فئة المليون طن.

وينتج حقل هيبرنيا النفط، ومن المتوقع ان يستمر إنتاجه على مدى 18 عاماً بتطبيق تقنية حقن الماء والغاز. وسيتم تخزين ما قيمته 1.3 مليون برميل من النفط في الخزانات الموجودة في القاعدة، قبل أن يتم نقلها إلى الشاطئ عبر ناقلات النفط المكوكية، مع أن معظم منصات المياه العميقة تقوم بإرسال النفط إلى الشواطئ عبر أنابيب النفط تحت البحرية. وكل هذه العمليات ترفع من كلف الإنتاج.

ويعد حقل مارليم، مقابل شاطئ كامبوس في البرازيل، البئر النفطية الأعمق في العالم، حيث يقع على بعد أكثر من 1709 أمتار تحت المحيط الأطلسي الجنوبي. وتقدر احتياطات الحقل بنحو 10.6 مليارات برميل من النفط.

وقد كانت مثل هذه المكامن بعيدة المنال حتى القرن الماضي، قبل تطوير التقنيات الحديثة مثل الحفر الأفقي وتقنيات التوجيه عن بعد التي تقوم بإدارة غواصات تعمل عن بعد، وبرمجيات المعدات اللازمة للإنتاج في قاع المحيطات.

ويرى محللون أن العام المقبل سيكون لشركات النفط التي تنتج النفط بكلفة أقل. وتعد دول الخليج من بين الدول الأقل كلفة في إنتاج النفط.

وتحتل الكويت رأس القائمة من حيث الكلفة الرخيصة، حيث تقدر وكالة الطاقة الدولية كلفة إنتاج برميل النفط في الكويت بنحو 8.5 دولارات للبرميل، فيما تصل في السعودية إلى 9.9 دولارات.

وتعد كلفة برميل النفط في بحر الشمال بإنكلترا الأعلى في العالم حيث تصل إلى 52.5 دولارا للبرميل، وفي البرازيل تصل إلى 48.8 دولار، وفي روسيا إلى 17.3 دولارا للبرميل.

لكن هذه الأسعار تعكس متوسط الكلفة، إذ هناك حقول في روسيا والبرازيل وكندا تفوق كلفة البرميل فيها 60 دولاراً في أعماق البحار ومناطق القطب المتجمد الشمالي في روسيا.

وحتى الآن لا تشير التقديرات الصادرة عن بنوك الاستثمار العالمية إلى احتمال صعود الأسعار فوق 70 دولاراً خلال العام المقبل. 

ويرى مصرف "غولدمان ساكس" في أحدث تقاريره عن مستويات الأسعار، أنه من المرجح أن يستمر خام برنت القياسي التداول عند مستوى 60 دولاراً للبرميل في غضون العام المقبل، في ظل غياب أي صدمات ملموسة بأسواق الطاقة. 

وقال البنك الأميركي الاستثماري في مذكرة بحثية نقلتها شبكة "سي.إن.بي.سي"، في الشهر الماضي، إن أسعار خام برنت ستظل تراوح بين توقعات النمو الاقتصادي وتصاعد التوترات الجيوسياسية.

ويترقب المستثمرون في أسواق الطاقة العالمية اجتماع منظمة " أوبك" المقبل في الثالث من ديسمبر/ كانون الأول لمعرفة ما إذا كانت دول المنظمة والمنتجون خارجها سيجرون تخفيضات كبيرة على الإنتاج تسمح للأسعار بالتحسن.

لكن في المقابل، فإن تحليلا لنشرة " أويل برايس" يرى أن أية تخفيضات في إنتاج أوبك ستستفيد منها شركات النفط الصخري الأميركية لا دول "أوبك".

دلالات

المساهمون