تراجع أسعار النفط يكبد العرب نصف تريليون دولار

تراجع أسعار النفط يكبد العرب نصف تريليون دولار

26 ابريل 2016
دول الخليج الأكثر خسارة من تراجع أسعار النفط(فرانس برس)
+ الخط -
قال صندوق النقد الدولي، في تقرير صدر أمس، إن الدول المصدرة للنفط في المنطقة العربية خسرت 390 مليار دولار من عائداتها نتيجة انخفاض أسعار النفط العام الماضي، وعليها أن تستعد لخسارة أكثر من 500 مليار دولار العام الجاري.
ويأتي ذلك في الوقت الذي واصلت العديد من الدول المنتجة تأكيداتها دعم جهود إنقاذ الأسواق لوقف نزيف النفط، كما اتجهت إلى مواجهة تداعيات تراجع الأسعار على اقتصاداتها، عبر تنويع الإنتاج وإجراءات تقشفية، منها إلغاء دعم بعض السلع.
وكان الصندوق توقع، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن الدول المصدرة للنفط ستُمنى بخسائر في إيراداتها تبلغ 360 مليار دولار في 2015، لكن تعثر الأسعار بصورة أكبر في نهاية العام زاد هذه الخسائر بواقع 30 ملياراً أخرى.
وفي تقرير معدل بشأن التوقعات الاقتصادية، صدر أمس، قال صندوق النقد إن هذه الدول ستشهد انخفاضا في عائداتها على نحو أكبر في 2016، إلى ما بين 490 و540 مليار دولار، مقارنة بعام 2014 حين كانت أسعار النفط مرتفعة.
وقال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، مسعود أحمد، إن هذا يترجم إلى عجز في الميزانية وتباطؤ في النمو الاقتصادي، لا سيما في بلاد مثل السعودية التي لا تزال تعتمد اعتمادا كبيرا على النفط في تمويل إنفاقها. وعلى الرغم من أن السعودية تعمل على خطط لإصلاح اقتصادها، فإن النفط لا يزال يمثل 72% من إجمالي إيراداتها العام الماضي.
وذكر التقرير أن النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي الست، وهي السعودية والبحرين والكويت وقطر وسلطنة عُمان والإمارات، سيتباطأ من 3.3% في 2015 إلى 1.8% هذا العام.
وقبل ستة أشهر، حذر الصندوق من أن إصلاحات الميزانية التي تدرسها معظم دول المنطقة غير كافية، على الأرجح، وأن تلك الدول قد تضطر إلى السحب من احتياطياتها المالية.
وحسب بيانات أوردها تقرير "ويرلد إيكونومكس أوت لوك"، في وقت سابق، فإن العجز في ميزانيات دول "أوبك"، شهد ارتفاعاً كبيراً، حيث ارتفع من 17 مليار دولار (حوالى 0.5% من الناتج المحلي)، في عام 2014، إلى 278 مليار دولار (حوالى 9.85% من الناتج المحلي) في عام 2015.
وتواجه دول "أوبك" المزيد من العجز خلال العام الجاري، ما لم ترتفع أسعار النفط عن مستوياتها الحالية، حسب التقرير.


ووفقا لحسابات صندوق النقد الدولي، إذا استمرت أسعار النفط منخفضة لسنوات مقبلة، فإن إجمالي العجز في موازنات دول الخليج والجزائر سيبلغ نحو 900 مليار دولار، بين عامي 2016 و2021.
وحث صندوق النقد على إصلاحات من شأنها الحد من الإنفاق العام على برامج الرعاية الاجتماعية التي اعتاد عليها المواطنون في الخليج، مثل رفع الدعم وتقييد فواتير أجور القطاع العام، لتعويض أثر التراجع في الإيرادات.
واتجهت دول الخليج إلى وضع خطط لتنويع مصادر الدخل، من أجل الحد من خسائر نزيف النفط، وعلى سبيل المثال كشفت السعودية، أمس، عن خطة التحول الوطني، والتي تهدف إلى تحرير اقتصادها من الاعتماد الكبير على النفط، والعمل على تنويع اقتصاد المملكة، وإتاحة فرص استثمارية جديدة وتوفير الوظائف.

ومن المتوقع أن ينمو القطاع غير النفطي في اقتصادات دول الخليج بنحو 3.25% سنويا في المتوسط على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وفي هذا السياق، أكد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد، لرويترز، أمس، أن السعودية وغيرها من دول الخليج المصدرة للنفط، تبذل جهودا مشجعة لإصلاح الضرر الذي أصاب ماليتها العامة من جراء انخفاض إيرادات النفط بسبب هبوط أسعار الخام.
وقال مسعود أحمد، إن دول الخليج ستظل مضطرة إلى اتخاذ قرارات صعبة عند تنفيذ خطط إصلاح الميزانية على أساس مستدام، والسعي إلى توفير ملايين الوظائف لمواطنيها الذين يزداد عددهم، وفي نفس الوقت تقليص اعتماد اقتصاداتها على النفط.
واضطرت دول الخليج إلى زيادة أسعار الوقود والمياه والكهرباء.
وخارج المجلس، رفعت الجزائر المصدرة للنفط أسعار الوقود والكهرباء والغاز الطبيعي في الآونة الأخيرة، كما رفعت إيران أسعار الوقود. وشجع صندوق النقد الدولي إجراء إصلاحات، مثل رفع الدعم وتقييد أجور القطاع العام لتخفيف وطأة، تداعيات تدهور أسعار النفط.
وشهدت أسعار النفط تراجعاً حاداً بأكثر من 60% منذ شهر يونيو/حزيران عام 2014، حيث انخفض سعر البرميل من 115 دولاراً إلى نحو 45 دولاراً حالياً، وبدأ المنتجون التحرك في اتجاه تثبيت الإنتاج عبر اجتماعين في العاصمة القطرية الدوحة، في شهري فبراير/شباط الماضي، وأبريل/نيسان الجاري، إلا أن إيران عطلت الاتفاق بإصرارها على عدم الالتزام بقرار التثبيت، وأكدت زيادة الإنتاج بعد رفع العقوبات على خلفية الاتفاق النووي مع الغرب.


وفى نفس السياق، قال وزير النفط الإيراني، بيجن نامدار زنغنه، السبت الماضي، إن الاجتماع الذي عقد في الدوحة الأسبوع الماضي بهدف تجميد إنتاج النفط كان خطوة إيجابية، وإن إيران سوف تدعم أي خطة لتحقيق الاستقرار في السوق.
وأضاف زنغنه أن إنتاج النفط الإيراني زاد بواقع مليون برميل يوميا منذ رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران في يناير/كانون الثاني. وقال إن إيران ستواصل زيادة إنتاجها النفطي، إلى أن تستعيد حصتها السوقية التي خسرتها.
وفي إطار تأكيدات متتالية للمنتجين على دعم الأسواق، أكد وكيل وزارة الطاقة الإماراتي، مطر النيادي، خلال مؤتمر في أبوظبي، أمس، أن الإمارات تدعم دور منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في تحقيق الاستقرار في أسواق النفط. وأضاف أن المنظمة مستمرة في الاضطلاع بدور حاسم في حماية مصالح الدول المنتجة للخام.

وخلال المؤتمر ذاته أكد مدير التسويق والتكرير في شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، عبدالله سالم الظاهري، أن أسواق النفط ستظل متقلبة في المدى القصير، لكنها ستستعيد توازنها في النصف الثاني من هذا العام.
ومن جانبه، قال مندوب إندونيسيا لدى منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، ويدهياوان براويراتماجدا، أمس، إن سعر 45 دولارا لبرميل النفط "ليس سيئا"، وإنه إذا استمر عند هذا المستوى فلن تكون هناك ضرورة إلى الاتفاق.
وأوضح براويراتماجدا، لرويترز، على هامش إحدى فعاليات قطاع الطاقة في إمارة أبوظبي، أنه "إذا استمر على هذا النحو فلا حاجة لتثبيت الإنتاج. الأمر ليس ملحّا".
وأكد براويراتماجدا، أن بلاده تحتاج إلى سعر 50 دولارا لبرميل النفط من أجل المحافظة على صناعة النفط والغاز في البلاد.
وكانت أسعار النفط شهدت ارتفاعاً ملحوظاً نهاية الأسبوع الماضي، لتظل التداولات بالقرب من أعلى مستوى سجله النفط الخام في خمسة أشهر خلال الأسبوع الماضي.
واتجه التجار إلى جني أرباح النفط، بعد مكاسب استمرت ثلاثة أسابيع، ما أدى إلى هبوط الأسعار أكثر من 1%، أمس،
وبلغ سعر خام مزيج برنت لأقرب استحقاق 44.60 دولارا للبرميل، أمس، بتراجع 51 سنتا، أو1.1 % من آخر تسوية له.
وتراجع أيضا سعر خام غرب تكساس الأميركي الوسيط نحو نصف دولار، أو 1.3% إلى 43.17 دولارا للبرميل.
وقال محللون إن تراجع السعر كان نتيجة جني الأرباح بعد ارتفاع في الأسعار منذ بداية الشهر الجاري.

المساهمون