(كتاب رونالدو 9) وفاة الوالد.. ورغبة روني بـ"شقه نصفين"

(كتاب رونالدو 9) وفاة الوالد.. ورغبة روني بـ"شقه نصفين"

23 يوليو 2016
رونالدو وروني في مباراة تصفيات مونديال 2006 (Getty)
+ الخط -

أعلنت القائمة النهائية لكأس الأمم الأوروبية (يورو 2004)، حينما كان عمر رونالدو 18 عاماً، حيث أصبح حينها سادس أصغر لاعب في تاريخ البطولة. لم يشارك كريستيانو في التشكيلة الأساسية للمباراة الأولى أمام اليونان. تأخرت البرتغال بهدف نظيف أمام الدفاع الراديكالي لليونان.

بعد نزوله تسبب في ركلة جزاء لصالح الخصم لا يزال يصدق، حتى اليوم، أنها كانت ظالمة في حقه، لدرجة أنه تحدث مع الحكم الإيطالي بييرلويجي كولينا أثناء الكريسماس عام 2013 في دبي بخصوصها وقال له هذا.

خلال تلك المباراة تمكن رونالدو من تسجيل أول هدف دولي له مع المنتخب، ولكنه جاء في الوقت الضائع وخسرت البرتغال (2-1). بعد الفوز على روسيا في المباراة التالية بهدفين نظيفين كان على البرتغال الفوز على إسبانيا للتأهل للجولة التالية، حيث خاض هذا اللقاء منذ بدايته وحقق فريقه الفوز ووصفته الصحافة أنه كان "نسمة هواء عليل في الصيف الساخن"، بل وحصل على جائزة رجل المباراة.

في دور الثمانية عبرت البرتغال إنكلترا بركلات الجزاء وأمام هولندا في نصف النهائي سجل برأسه الهدف الأول في اللقاء الذي انتهى لصالح فريقه بنتيجة (2-1) لتعبر للمباراة الأخيرة لمواجهة اليونان مجدداً وأصبح كريستيانو أصغر لاعب يخوض النهائي، ولكن بلاده خسرت بهدف في المباراة التي أهدر فيها كريستيانو فرصة محققة للتعادل. كان المدرب لويز فيليبي سكولاري أول من واسى رونالدو المحبط.

التغير
كان صيفاً صعباً على الفتى، ولكنه حينما عاد لمانشستر كان شيء ما قد تغير، حيث يقول مساعد فيرجسون، مايك فيلان "خلال فترة الإعداد عاد كشخص جديد تماماً. أتحدث عن الموسم الذي أعقب اليورو. عاد كرجل. قوامه كان مختلفاً. تعابير وجهه. تطورت سرعته ومهارته في الألعاب الهوائية. شخصيته أيضاً. وصل وكأنما يقول: أنا الرجل هنا!".

كملحوظة سريعة في تلك الفترة كان كريستيانو يراجع كل ما فعله في أي مباراة عبر مقاطع الفيديو ليرى ما الذي أخطأ وما الذي أصاب فيه. كان يحلل ويحسب كل الأمور. بهذه الطريقة يمكن القول، إنه كان يلعب كل مباراة مرتين.

يقول آلان سميث، مهاجم مانشستر يونايتد السابق "أفضل مستوى قدمه بالنسبة لي كان حينما خسرنا نهائي كأس الاتحاد بركلات الجزاء أمام أرسنال في 2005. كنت بديلاً حينها، ولكن حينما تنظر لأدائه ستدرك، أن هذا ما منحه إيمانا بأنه قادر على دفع نفسه، لكي يصبح جيداً كما يرغب. كان رائعاً. هناك تلك الأشياء الصغيرة التي تمنحك هذه الدفعة مثل مستواه أمام أشلي كول".

لعب كريستيانو 41 مباراة في البريميير ليغ ودوري الأبطال في موسم 2004-2005 ، 23 منها بدأها كأساسي وسجل خمسة أهداف، ولكن تشلسي تحت قيادة جوزيه مورينيو توج بلقب الـ"بريميير ليغ"، فيما أنهى مانشستر البطولة في المركز الثالث وخرج من دور الـ16 بدوري الأبطال.

لم يسر موسم كريستيانو على نسق واحد، فمن ناحية حصل على جائزة (فيفبرو) لأفضل لاعب شاب، ولكن الجماهير لم تضعه بعد في قائمتها لأهم لاعبي الفريق. الأمور في موسم 2005-2006 لم تكن أيضاً مثالية.

وفاة وشجاعة
توفي دينيس والد كريستيانو في بداية موسم 2005-2006 في السادس من سبتمبر تحديداً حيث كان عمره حينها 20 عاماً. "دينيس احتسى الخمر حتى الموت، وهذا دمر كريستيانو".. هذه هي كلمات دولوريس والدة اللاعب.

اكتشف رونالدو، أن المال لا يفتح كل الأبواب، فقد عرض أن يدفع بأكثر من صورة تكاليف علاج والده، ولكن دينيس لم يكن يرغب في أن يتحرك قيد أنملة من مكانه. وفقاً لمصدر مقرب من العائلة فضل عدم ذكر اسمه فإن دينيس ذهب بعيداً في تصرفاته، لدرجة أنه باع القميص الذي ارتداه نجله في أول ظهور له مع مانشستر يونايتد ليتأكد من امتلاكه المال الكافي للشرب لفترة. هوغو شقيق رونالدو فعل أمراً مشابهاً، فالإدمان لا يجعلك تتبع البروتوكولات المعروفة.

كان كريستيانو متواجداً في موسكو مع منتخب البرتغال للعب في تصفيات مونديال 2006 أمام روسيا. حينما وصلت الأنباء توجه سكولاري ولويس فيغو لغرفة رونالدو، حيث أخبر المدرب اللاعب بوفاة والده. ظل رونالدو يحدق في الحائط فترةً، شعر بالفراغ، الصدمة..

في نفس الوقت كان يرغب في أن يظهر للعالم أنه قادر على فصل حياته الشخصية عن حياته المهنية. كان مقتنعاً أن مشاركته في المباراة وتسجيله هدفاً سيكون أفضل تكريم لذكرى والده. أخبر سكولاري أن بإمكانه الاعتماد عليه، إنه مستعد.

بعد رحيل فيغو تحدث سكولاري معه حول أهمية والده وضرورة تذكر الخصال الحسنة فيه ومحاولة زرعها في أطفاله مستقبلاً. في تلك اللحظة تطورت العلاقة بين رونالدو وسكولاري لأن الأول وجد فيه صورة الأب الذي يفهمه وبكى الاثنان وكلاهما يتحدث عن وفاة والده. أخبره سكولاري أن العائلة أولوية مطلقة تأتي قبل كرة القدم تأتي في المقام الأول، ولكن رونالدو كان مصراً على اللعب.

شارك كل لاعبي المنتخب رونالدو حزنه، ولكن الأخير قال لهم "تصرفوا بشكل طبيعي، كونوا أنفسكم"، ثم جاء موعد المباراة وبذل كريستيانو كل ما لديه من جهد، ولكنها في النهاية انتهت بالتعادل السلبي. عرض فيرجسون على كريستيانو الراحة، ولكنه غاب عن مباراة واحدة لحضور جنازة والده في ماديرا، فيما قرر سكولاري منحه شارة القيادة في مباراة فريقه التالية أمام البرازيل في لندن.

قال سكولاري حينها "هذا الفتى سيصبح الأفضل في تاريخ البرتغال. أقولها الآن على الرغم من أن عمره 20 عاماً". لم ينطق هذه العبارة فقط لتشجيع رونالدو، بل لأنه كان أيضاً، يؤمن بهذا الأمر.

موسم جديد
كان موسم 2005-2006 عبارة عن التحدي الجديد للثبات العاطفي لكريستيانو. في أكتوبر تعرض لاستجواب من الشرطة عقب اتهامه من سيدتين بالاغتصاب. توجه رونالدو طوعاً للشرطة في لندن في حدث وصفته الصحافة البريطانية بأنه عملية اعتقال".

لم يكن هناك أي أدلة ضده، بل وإن إحدى المتقدمات بالبلاغ وهي فرنسية سحبت التهم. كان الأمر مجرد اختراع. نسخة مبالغ فيها من علاقة عابرة لليلة واحدة أو ربما مصيدة من بائعة هوى تهوى اصطياد المشاهير. حينها علم رونالدو أن للشهرة أكثر من وجه. إنه لا يمكنه الثقة بأحد.

كروياً كان الموسم خليطاً بين الخروج عن النص (طرد أمام مانشستر سيتي بعد التحام مع أندي كول وتوجيه إشارة بذيئة لجماهير بنفيكا في دوري الأبطال) والتألق، بالأخص في أواخر 2005 وأوائل 2006 ، مثل مباراة بولتون عشية العام الجديد التي سجل فيها ركلة حرة أصبحت اليوم بمثابة علامته التجارية. كان الجميع يتساءل: لماذا لا يلعب كل أسبوع مثل هذا؟ ولكن في نفس الوقت كان هناك تغيير يحدث داخل غرف الملابس.

- جاري نيفيل: "قبل بدء التدريبات كان هو وريو يعملان على الإحماء بتبادل الكرة في غرفة الملابس. كان أمراً جيداً حتى ولو كان يرتديان صندلا. كان ربما يستمران في فعل هذا طوال حياتهما. بول سكولز كان يلعب معهما أيضاً".

- فيل نيفيل: "رونالدو كان يقول (الماء الكثير يقتل النبات). في التدريبات البدنية كان يعرف ما يفعله، كان يركض معنا، كنا نركض ثماني مرات متتالية بأقصى قوى لدينا، ولكنه كان يفعل هذا الأمر ست مرات ويهدأ ثم يقوم بالمرتين الباقيتين، كان يعرف تحديداً ما الذي يرغب في تنفيذه ليلعب في المباراة المقبلة".

في موسم 2005-2006 سجل رونالدو تسعة أهداف في 33 مباراة، كان أساسياً في 24 منها. كان من ضمنها هدفه الأول في دوري الأبطال، ولكن مانشستر يونايتد لم يتمكن من عبور مرحلة المجموعات وفي الدوري احتل الفريق المركز الثاني، بينما خرج من ليفربول في كأس الاتحاد وخسر نهائي كأس الرابطة أمام ويغان.

الغمزة الشهيرة
إنه مونديال 2006. تتأهل البرتغال من مجموعتها بالعلامة الكاملة بالفوز على أنغولا وإيران والمكسيك ويسجل رونالدو هدفاً في مرمى المنتخب الفارسي ثم تطيح البرتغال بهولندا من دور الـ16 لتلتقي بإنكلترا في ربع النهائي.

مرت ساعة من المباراة وسيطر التعادل السلبي على الموقف. روني محاصر بين اثنين من لاعبي البرتغال محاولاً استخلاص الكرة، ولكن يحدث احتكاك يسقط كارفاليو على الأرض. روني يرى أن ما حدث كان مجرد خطأ غير مقصود، ولكن كريستيانو يركض نحو الحكم الأرجنتيني أوراسيو الزوندو مطالباً بتفسير ما حدث، ولكن روني يدفعه و.. بطاقة حمراء للاعب الإنكليزي.

في تلك اللحظة كان رونالدو لاعباً للبرتغال وليس مانشستر يونايتد، لا يوجد شيء أكبر من كأس العالم، ولكن المشكلة ليست في هذا، بل تلك الكاميرا التي التقطت كريستيانو وهو يسير مبتعداً غامزاً بعينيه إلى شخص ما كان يعطيه التعليمات. استمرت المباراة وقتاً إضافياً وركلات ترجيحية ثم صعدت البرتغال لنصف النهائي، ولكنها خسرت فيه من فرنسا.

عثرت الصحافة الإنكليزية على مبتغاها بعد مواجهة البرتغال. ما يمكن التركيز عليه. السبب المثالي لتبرير الخروج وبدأت التصريحات تنهمر:

- كريستيانو حول الغمزة: "قالوا لي أن أنطلق للأمام كثيراً لاستغلال الفارق العددي وهذا كان رد فعلي على التعليمات".

-أليكس فيرجسون: "الحكم كان سيطرد روني على أي حال، ولكن تدخل كريستيانو لم يساعد".

أوراسيو اليزوندو : "كان تدخلاً عنيفاً ولهذا تلقى بطاقة حمراء مباشرة. يمكن للناس قول ما تريده، ولكن البطاقة الحمراء لم تكن بتأثير من رونالدو".

-أليكس فيرجسون: "رونالدو ندم على ما فعله".

في اليوم الذي أعقب المباراة نشرت صحيفة (ذي صن) تقريراً قالت فيه إن روني قال في غرفة الملابس إنه يرغب في "شق رونالدو إلى نصفين". قيل حينها، إن هذه هي نهاية كريستيانو في مانشستر يونايتد. إنه لن يمكنه العودة لإنكلترا، إن روني لن يسامحه أبداً.

لم تنته القصة بهذه الطريقة، حيث إن رونالدو توجه لريو فرديناند في غرف الملابس وقال له: "ريو لم أقصد هذا، لم أغمز للسبب الذي يقوله بعضهم"، فأجاب الأخير: "هيا نذهب إلى روني". تحدث الثلاثي وتناقش عن الموضوع بعد المباراة على الرغم من أن الدماء كانت لا تزال تغلي.

قال روني لكريستيانو "الجماهير ستصاب بالجنون بسبب تصرفك. سيحاولون صناعة كارثة من الأمر، لذا يجب أن تكون الأمور طبيعية لأنه ستكون هناك أحاديث طويلة حوله طوال الصيف"، ولكنه في نفس الوقت أثناء العودة للفندق سمع ستيفن جيرارد يقول له "بأمانة يا روني.. إذا ما كنا نلاعب إسبانيا وقام لويس جارسيا أو تشابي ألونسو (زملاءه حينها في ليفربول) بفعل هذا الأمر، لم أكن لأتحدث مع أي منهما مرة أخرى مجدداً".



المساهمون